والأن وقد إندلعت المواجهة في شرق ليبيا ،وإكتشفت  بنغازي أزير الطائرات الذي كانت بعيدة عنه يوم كان قصف الناتو  يزلزل الأرض ويبيد البشر والحجر في  مناطق الوسط والغرب والجنوب ، مستندا الى إحداثيات الثوار ومحفوفا بزغاريد نساء يقال أنهن ليبيات ، 

اليوم ، وفي الوقت الذي تتجه فيه المعركة الى أن تتحول الى حرب شوارع حقيقية قد تستمر أشهر أو أعواما بين طرفين مختلفين عقائديا ، 

وفي الوقت الذي تشهد فيه طرابلس صراعا على السلطة تجسدّ في فرض أحمد معيتيق رئيسا للحكومة بقوة السلاح عوضا عن عبد الله الثني الذي قيل أنه متشبث بموقف القضاء في غياب القانون ،وفي حين تستعرض الميلشيات المسلحة قوتها من خلال دروع الوسطى المنحازة حتما لمعيتيق المصراتي وليس للثني الغدامسي المولود في كانو النيجيرية ، 

وفي حين يتجاهل نوري بوسهمين الإخواني القادم من زمن التهريب ، والأمازيغي المشدود الى طاحونة الشيء القطري المعتاد من خلال حبال المجموعة المقاتلة وحزب العدالة والبناء ونظارات المفتي الغرياني الذي لا ينظر إلا بعين القرضاوي 

اليوم ، وبينما تجتمع قوى التطرف والتكفير  في شرق ليبيا قادمة من الصحراء الكبرى وسوريا والعراق  واليمن ومن دول الجوار المصابة بطاعون الإرهاب والإخوان لتنصر أنصار الشريعة وتخوض حرب البقاء  في « بيت مال المسلمين » حيث الغاز والنفط والمعادن والبحر والزراعة ،، وشساعة الأرض وقلة السكان وكثرة السلاح وصلاحية البيئة للتناسل الأرهابي 

اليوم وفي ظل هذا وغيره ،يصبح الرهان على طرابلس أساس أي خروج من المأزق ، حيث لا يعقل أن يخوض الجيش الليبي بقيادة اللواء حفتر معركة الكرامة ضد الجماعات الإرهابية والميلشيات الخارجة عن القانون والمدعومة بالمال والسلاح من المؤتمر الإخواني العام ، بينما تنتظر طرابلس النتائج ، وتخضع مجددا لسطوة الدروع التي عادت إليها بعد أن أطردها الطرابلسيون  سابقا بالشباشب 

ثم إن لا أمل في تخليص ليبيا من إرهاب قوى الإسلام السياسي وأمراء الحرب إذ إستسلمت العاصمة للعصابات المسلحة ، ووقفت مناطق الوسط والغرب والجنوب تتابع الأحداث عبر شاشات التليغزيون ، بينما المتطرفون والمسحلون الخارجون عن القانون يستغولون ويتكاثرون ويستمرون في الإستقواء بسذاجة الساذج وغفلة الغافل وإنتهازية الإنتهازي 

سيقول البعض أن القبائل إختارت الحياد أمام معركة داخلية بين أجنحة فبراير ، وهذا صحيح ، فالمعركة تدور  اليوم بين قوى كانت  بالأمس القريب متحالفة  تقود الحرب ضد نظام القذافي ويجمع بينها التكبير تحت مظلة الناتو وبرعاية قطر للغاز ، وغافل أو جاهل أو كاذب من ينكر أن الجماعات المتشددة بما فيها تنظيم أنصار الشريعة والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والجماعة المقاتلة هي التي قادت المعركة ضد النظام السابق وإختطفت الحراك الشعبي من ناشطي بنغازي منذ السابع عشر من فبراير 2011 ، وهو حراك كان يمكن أن يجد الدعم من كل الليبيين لو لم يتحول الى حرب مشبوهة وعدوان  سافر والى رهان على خراب ليبيا وسرقة ثرواتها 

وسيقول البعض الأخر ، أن الوضع في طرابلس مختلف عن الشرق ، فهي العاصمة ، وهي التي تحملت قصف طيران الناتو لمدة نصف عام ، ودفعت أبناءها قتلى ومصابين وأسرى ومهجّرين ، ودافعت بكبرياء عن مصيرها إلى أن بيعت في سوق النخاسة ، ووجدت من يشتريها بسعر بخس ، والذين أشتروها هم المتطرفون والإرهابيون وأمراء الحرب وقادة العصابات ، وبقي الثوار المحترمون في التسلل يبكون على وطن باعوه في غفلة من الزمن ، يستدعون الماضي فلا يعود ، وينتظرون المستقبل فلا يبشّر بالحل المرجو 

ولكن مع ذلك يبقى الأمل قائما في أحرار طرابلس وهم كثر ، وفي تحالف قوى الخير ، وفي موقف تاريخي من أعيان ووجهاء الزنتان الذين  سيكون لتحالفهم مع القبائل وشرفاء ليبيا ما يكبح جماح قوى التطرف والأرهاب ، ويخلّص العاصمة من أخطبوط الميليشيات ، 

وعلى عقلاء مصراتة وهم كثر أن يدركوا أن قوة السلاح ومهما سادت فإنها لن تسود الى الأبد ، وأن السيطرة على طرابلس  ومهما طالت فلن تدوم طويلا ،وأن الخلاف الدامي مع أغلب القبائل الليبية سيسجن ليبيا في  نفق مظلم ، وهم أمر فهمه الكثير من عقلاء الزاوية الذين كانت لهم مبادرات تساعد على إيجاد الحل المرجو 

أن المطلوب هو تجاوز الماضي ودعم معركة الكرامة ولتكن ثورة الليبيين بعيدا عن الفاتح من سبتمبر والسابع عشر من فبراير ، وعن أية شعارات حزبية أو قبلية أو مرحلية ، وبعيدا عن منطق النصر والهزيمة ، وعن لغة الجرذان والطحالب ، لأن إستمرار الوضع  على ما هو عليه لن يؤدي إلا إلى إنفصال الشرق في حالة عجز الجيش الليبي عن خوض معركة الكرامة في العاصمة ، وفي حالة عدم الوصول الى تحالف فعلي بين شرفاء الوسط والغرب والجنوب ضد الدروع وما يسمى بغرفة الثوار  والعصابات المسلحة الخارجة عن القانون 

إن بقاء طرابلس في موقف من يتابع الحدث في بنغازي بعين من ينتظر الخلاص من بعيد ، سيزكّي فكرة تقسيم البلاد لدى القوى الخارجية ، وهذا ما لا يقبل به أحرار ليبيا ، ولا يستطيعون مواجهته إذا تقرر في عواصم لا ترى في البلاد أكثر من ثروات تنهب وجغرافيا سهلة التفتيت

لقد حان وقت التحرّك يا طرابلس ،،، فتحركي نحو ليبيا الواحدة الموّحدة ، وتحالفي مع شرفاء البلاد ، وأطردي الزنادقة وتجار الدين ولصوص المال ،وكوني المدينة الجامعة ، كوني فوق كل المدائن ، كوني لليبيين جميع ماعدا من أثبتوا أن جيناتهم وجنسياتهم وعقائدهم وحساباتهم  مستوردة من وراء البحار