في خطوة استفزازية على نمط خطوات سابقة ضد مصالح المغرب، أعلنت جبهة البوليساريو الانفصالية هذا الأسبوع منح ترخيص استغلال حقل بئر لحلو لشركة ريد ريو النفطية ومقرها بريطانيا.

لكن العقود النفطية، يفترض أن تتم بين مالك الأرض والشركة، لأنها تعطي الحق للشركة المستثمرة في تملك الأراضي المستغلة، بل وتعطيها الحق حتى باستغلال أراض خارج المنطقة المحددة في عقد المشاركة بحسب ما تتطلبه عمليات الاستكشاف والتنقيب والاستخراج.

ولأن البوليساريو لا تملك الحق التاريخي ولا القانوني في إدارة الأراضي التي تتواجد عليها، فالنتيجة المنطقية هي أن العقود النفطية التي تبرمها لا تملك صفة قانونية.

وبما أن الترتيب القانوني، يفترض أن يمنح الشركات حق بيع الحقوق التي تحصل عليها لشركات أخرى، فإن العقود التي وقعتها البوليساريو تمثل تلاعبا بسيادة المغرب وانتهاكا صريحا للقانون التجاري الدولي.

كما أن عقود الترخيص حسب القوانين الدولية تتضمن نقل التكنولوجيا والأسرار العلمية والصناعية التي تملكها الشركة المنقبة، فإن ذلك قد يؤدي لفقدان الشركة لامتياز لتلك الأسرار في بيئة تنافسية تحكمها قواعد التجسس الصناعي، وهو اعتداء على حقوق الدولة المالكة للأرض.

هذا التلاعب الذي تقوم به جبهة بوليساريو يبدو أنه تم بتنسيق ودعم وتمويل جزائري واضح، في إطار أجندة تسعى لإعاقة الاستثمارات في النفط بالمغرب. وهو يأتي بعد أن عززت دورها الاقتصادي في أفريقيا دون المرور بمؤسسات الاتحاد الإفريقي الذي تسيطر عليه كل من جنوب إفريقيا والجزائر اللتين مارستا ضغوطا كثيرة للتشويش على زيارة العاهل المغربي لغرب إفريقيا.

نجد أن تخوف تلك الدول وعرقلتها لاستغلال المغرب لثرواته نابعة من دور المغرب المتنامي اقتصاديا وسياسيا بغرب إفريقيا الغنية بالموارد الطبيعية ما يهدد أجنداتهم المبنية أساسا على محاصرة الرباط داخل منطقة محدودة.

ويعتبر ترسيم الحدود البحرية بين الرباط ومدريد على مشارف جزر الكناري من الملفات المعقدة بين البلدين يمكن استغلال أي ظرف اقليمي لتعكير الأجواء، كما حدث في عام 2001 حين بادرت حكومة خوسيه ماريا أثنار بالترخيص لشركة ريبسول بالتنقيب في تلك المنطقة.

وقد استندت الحكومة الإسبانية حينها على تقرير لشركة ريبسول النفطية، لتحاول الاستئثار بحقول الطاقة في المياه المغربية المقابلة لجزر الكناري في المحيط الاطلسي، بعد أن أشار التقرير الى وجود نحو 1400 مليون برميل من النفط الخام، يمكن استخراجها بمعدل 140 ألف برميل يوميا على مدى 20 عاما.

ومنحت الرباط عام 2001 أول ترخيص نفطي في صحراء الأقاليم الجنوبية، كما تعهد المغرب وشركتا توتال وكوزموس مؤخرا بشكل رسمي بأن التنقيب عن النفط قبالة سواحل الصحراء المغربية سيتماشى مع القواعد الدولية وأن السكان المحليين سيستفيدون من الاكتشافات.

معظم ا لشركات العالمية تميل للاستثمار في المناطق الأكثر استقرارا، وهو ما يوفره المغرب الذي يقدم أفضل الشروط القانونية والكثير من التسهيلات البنية التحتية المتقدمة مثل الموانئ والسكك الحديدية للاستثمار في موارد الطاقة الكبيرة في السواحل الأطلسية المغربية.

وتشير التقديرات إلى أن حقل “تمحضيت” يضم أحد أكبر احتياطات النفط الصخري. وقد أعلنت شركة سان ليون انرجي البريطانية توقيع عقدا مع شركة شيفرون الأميركية لبناء مصفاة لتكرير البترول في المنطقة.

الغريب أن شركة توتال الفرنسية تجاهلت تلك الحقائق لتستثمر في انتاج النفط الصخري في بريطانيا دون المغرب، رغم المخاطر الكبيرة وخاصة البيئية، التي دون تطوير الاستثمار فيه.

كل تلك المقدمات تطرح سؤالا حول مدى تدخل الجزائر عبر شركة سوناطراك في إعاقة تطوير عمليات الاستثمار بحقول “تمحضيت” بمنطقة الأطلس المتوسط المغربية، رغم المزايا الكبيرة الخالية من المعوقات والضرر البيئي. وهي تحاول عرقلة الجهود المغربية من خلال جهات تدعي حماية البيئة لأغراض سياسية هدفها عرقلة استقلال المغرب في مجال الطاقة.

رغم كل ذلك فقد تمكن المغرب من إحراز تقدم كبير في تأمين وتنويع مصادره الطاقة، خاصة الطاقات المتجددة، لمواجهة ضغوط الشركات الفرنسية والاسبانية والأميركية بشأن استغلال النفط الصخري.

يذكر أن الولايات المتحدة تقترب من الاكتفاء الذاتي من الطاقة بفضل استخراج النفط الصخري الذي دفع الشركات العالمية لدراسة احتمالات تكرار الإنتاج في أوروبا وغيرها من المناطق، لكنها في الوقت نفسه تحاول عرقلة المصادر المنافسة للسيطرة على مصادر الطاقة وإحكام السيطرة على الأسواق.