اكتب هذا التعليق على كتاب ادريس المسماري الذى منحه عنوان (سيرة فبراير... تجربه شخصيه).. ليس لأن الكتاب يحتوى على أية قيمة تاريخيه ولو فى حدها الأدنى سواء من حيث مضمونه او حتى صياغته التى قام بأعدادها وتصحيحها شاعر مصري عمل سابقا فى مراجعة وتصحيح والأشراف على مجلة عراجين فى ذات الوقت الذى كان يقوم فيه بتدريس أبناء المسماري - لغة عربية ودين وتاريخ -!! وذلك أثناء أقامته فى مصر مرافقا لزوجته الطالبة فى الدراسات العليا بمنحة على نفقة المجتمع - ولكن امام الحاح بعض الاصدقاء الذين عاصروا الفترة التى يتحدث عنها المسمارى وكانوا شهودا او على دراية بما يتحدث عليه من

وقائع واحداث  واوجعهم سيل الادعاءات وحتى الافتراءات التى حفل بها كتابه المذكور وكانوا يسردون لى بعضا ونتفا مما ورد فى الكتاب من تخرصات يعرفون - بحكم معايشتهم لبعضها - مقدار التزوير فيها  ومطالبتهم لى بضرورة الكتابة كشفا للحقيقه... لم اجد بدا من تحمل - كرها - وجع مطالعته عبر نسخة احضرها لى أحد الأصدقاء؟؟؟ وبقيت مركونة عندى لأسابيع دون ان افكر فى الاقتراب منها... قرأت الكتاب فى جلسة واحده.. ملأنى خلالها شعور بالغثيان  والمرارة ايضا لأن ينحدر كاتب(....) ليبى - مهما كانت درجة الأتفاق او الأختلاف معه - الى هذا الحد من الاسفاف والافتراء وحتى التزوير ناهيك ان يكون هذا الكاتب ممن عرفت يوما وربطتنى به صلات متينة وطويله من المعرفة والتقارب والموده... لم يؤلمنى فى الكتاب حجم الاساءات المتعمده والى حد الكذب البواح لشخصى (فذلك صار مألوفا عندى - على مرارته - بعد سيل من الاساءات وعمليات الايذاء والعداوة وحتى الاستعداء التى مارسها هذا الشخص بحقى) ولكن ما كان موجعا حقا هو ذلك التجنى والافتراء والتطاول على الحقيقه التى وجب ان يحترمها الجميع  - ولنختلف بعد ذلك فى تفسيرها او تحليلها وفقا لموقع وموقف كل واحد منا - اثر قراءاتى للكتاب ومكابداتها كان رد فعلى امران فقط:

الاول: أتصال بالصديق المثقف الوطنى  والشاعر الكبير فعلا (محمد الفقيه صالح) تحت وطأة جملة لسعتنى بعمق حين اورد المسمارى فى كتابه  ان هذا الشاعر قد اتصل به اثر خروجه من الأمن الخارجي وبمنزل الصديق (على الرحيبى) وعلى هاتف الرحيبى وحذره من الرفقة التى هو معها قاصدا البوسيفى والرحيبى حسب تعبير ادريس... كنت متيقنا ان مثل ذلك لا يصدر عن محمد  ولكن ليطمئن قلبى - كما يقال - وعبر الهاتف ارسلت رسالة بالتحيه اليه وفورا أتصل بى... دون مقدمات اخبرته عما وخزنى فعبر عن دهشته لما يسمع وأخبرنى انه اتصل به فعلا وكان كل حديثه للاطمئنان اولا وللتنبيه الى الحرص على ان لا يقدم على شىء يسىء الى موقفه او يضعه فى موقف مضاد للشعب (وهذا تحذير عام اذ ان الفقيه لم يلتق ادريس الذى كان قد خرج لتوه من لا علم له بمسالة الاذاعه والتصريح والمقابله التى جعلها ادريس معركة تعادل معركة الشباب فى بنغازى مع كتيبة الفضيل - والتى ساشرح تفاصيلها فيما بعد) وانتهت المكالمه والفقيه يردد لا حول ولاقوة الا بالله... لاتنزعج صديقى فكلنا نعرف ما قدمته للمسمارى وما فعلتم من اجله فى تلك الايام العصيبه.

الثانى: كتابة تعليق انفعالى قصير على الفيس بوك نفضت به عن نفسى غثيانها ومرارتها منصرفا عن الكتاب والتفكير فيما احتواه

لم يعجب تعليقى الاصدقاء ورأوه جملة انفعالية لاتقدم شيئا على صعيد اجلاء ما ينبغى توضيحه من حقائق وجب توضيحها  وهذا الالحاح من الاصدقاء جعلنى انتبه لمسالة اخرى تتجاوز الكتاب وصاحبه وتتعلق بشهادة وجبت بحق اشخاص ظلموا عبر سطور هذا الكتاب وعلى رأسهم الاستاذ (ابوزيد دورده) الذى كان له الفضل الاول - بعد الله - فى انقاذ المسمارى وحمايته من مصير كان يمكن ان يكون مؤلما وفاجعا لولاه... وكان ذلك كفيلا بان يولد عندى الرغبة فى الكتابه وان يمنحنى دافعا قويا للمضى فى ذلك بمعزل عن الكتاب وقيمته.. وقد كان للشهادة التى قدمها الشيخ الصلابى فى ابوزيد دورده بكل والايمان بالحق  والواجب شرعا واخلاقا دورا فى نفض تكاسلى والانبراء لكتابة هذه السطور.

بادرت بالتواصل مع الصديق (على الرحيبى) الذى قاسمنى بطولة هذا الكتاب - ان لم يكن اخذ اغلبها... سالته عن رأيه فى الكتاب  فاجابنى بانه لم يقرأه ولكن حدثه عدد من الاصدقاء عنه وعن بعض مافيه.. فقرر عدم الاطلاع عليه قائلا (يكفينا ما تجرعنا من مرارات يا محمود ولم يعد فى الكأس محل لمزيد نختاره) طرحت عليه الزاوية التى انظر منها للموضوع خصوصا ما يخص الاستاذ ابوزيد ودوره الذى لم ينصفه المسمارى... قال انى اقدر ما تقول لكنى لست مستغربا لما فعل ادريس فهو قد رفض طلب المحامى المكلف بالدفاع عن الاستاذ ابوزيد بكتابة شهادة تفيد بما حدث معه أثناء (اقامته) القصيرة بالأمن الخارجي.. فى الوقت الذى اثبت فيه شهادته كل من الصديق (ادريس ابن الطيب) الذى كان اتصل بابى زيد طالبا منه (بناء على طلب من المسماري وزوجته) التدخل لحمايتة واستلامه من قبل عناصر الامن الخارجى حتى يفلت من مسعورى اللجان الثوريه الذين هاجموا منزله بقيادة ناصر الحسوني - والصديق (محمد اسحيم) على قناعة منهما انها كلمات حق وجب ان تقال... كان الرحيبى فى هذا التواصل يؤكد تقديره للزاوية التى انظر منها للمساله لكنه فى نفس الوقت يعبر عن عدم تحمسه للكتابة عن الكتاب معيدا على مسامعى ما كان يردده منذ بدأت اساءات البعض تتوالى:

(وحتى اذا ما اتتنى سهامك من كل صوبٍ
فلست ً ارد عليها بسهمٍ
لانى ساذكر انك كنت الرفيق
وأنك - حتى اذا ما اختلفنا اجتهادا -
سنبقى نسير بذات الطريق)

قلت له ياصديقى ذلك صحيح عندما نكون اختلفنا اجتهادا كما هو الحال مع الكثير من الاصدقاء الذين مازلنا نقدر ونحترم.. لكننا الان امام كذب وافتراء وتزوير للوقائع...وظل الرحيبى غير متحمس للكتابه فطلبت منه ان يسجل لى بعض اجاباته على بعض الاسئلة التى تتعلق باحداث حكى لى عنها وكان هو شاهدها خصوصا عندما كان  المسمارى فى بيته فوافق على ذلك طالبا ان ارسل له الاسئله المطلوبه واضحة لانه لم يقرأ الكتاب... وساستعمل اجاباته وشهادته فى ما سيلى باذن منه

الغزل المنقوض

فى الصفحه 134 من الكتاب يستعرض المسمارى خبرته فى التعامل مع المحففين وجلسات التحقيق مقدما درويا فى تكتيكات التعاطى فى مثل هذه المواقف منبها الى اهمية سرد الوقائع كماهى - باستثناء بعض المعلومات المحدوده الواجب اخفائها مؤكدا بان ذلك سيمنح الاقوال مصداقية لدى المحقق  ويجنب المحقق معه مغبة الوقوع فى الارتباك والاضطراب الذى قد ينشأ من الاختلاق والكذب فى الوقائع والذى سيكشف تناقضا فى الاقول امام اعتماد المحققين ((كما كنا نشاهد فى الأفلام ونقرأ فى الروايات والسير الذاتية  وكدا ما كان الأصدقاء الذين تعرضوا لهكذا حالات يخبروننا به ضمن سردهم  للمحنة التى مروا بها)) على اسلوب طرح السؤال الواحد بصيغ مختلفه وفى جلسات متعدده حيث ينسى المحقق معه عادة الوقائع المختلقة الكاذبه ويتورط فى تقثديم وقائع تختلف عما قدمه سابقا فينكشف كذبه وتزداد اساليب التحقيق معه صعوبة وقساوة وشراسه...

لكن هذه الخبرة المدعاة تبدو غائبة تماما عند (املاء) المسمارى لكتابه فاعتمد اسلوب اختلاق الاحداث واختراعها وبصياغات لتفاصيل توحى بذاكرة حديديه خارقه حتى انه يتذكر ما قيل بالنص وبشكل تعابير وجه القائل... الخ اضافة الى اجتهاده فى صياغة الوقائع بصورة وكيفيه تخدم غرضه فى تصوير ملامح معركة يقودها ضد القذافى ونظامه  فوقع عبر هذا الاختلاق فى تناقضات فاضحة تجعل ماورد فى صفحات ما يناقضه ما سطر فى صفحات اخرى من ذات الكتاب وعن ذات الحوادث أضافة الى وقوعه فى أخطاء فادحة حتى فى تاريخ بعض المواقف الاساسيه التى عاشها ... وقد يكون من اللازم هنا ان نورد بعضا من الامثلة على ذلك:

1- المسمارى يجعل زيارتى الثانية له أنا والرحيبى يوم 21 فبراير - ويدعى انها كانت عقب مقابلته لكل من (التهامى خالد) و (عبد السلام حموده) فى حجرة التحقيق بمقر التوقيف مساء يوم 20 فبراير (وهو يوم خروج طرابلس فى مظاهرتها المشهوره)  كما يقول وبعد ان يستطرد فى تسجيل محاضرة  مشتركة بينى وبين الرحيبى (هى تكرار للمحاضرة التى اوردها على السنتنا - قائلا انه ينقلها بالنص مثبتا قدرة اعجازية فى الحفظ  لم يكن أحد يعرفها عنه فى السابق-) تتعلق بتقييمات للربيع العربى والفوضى الخلاقه والمؤامرة الغربيه ودور قطر ولم ينس الأخوان والقاعده  والبيضاء ودرنه والعبيدات والكتيبه... الخ....ثم - وكأنه أكتشف أن هذه المحاضره لن تكون سوى تكرار لسابقتها وان ذلك قد لا يكون منطقيا اذ لا مبرر اطلاقا لان نعيد عليه ما قيل سابقا - يختلق حدثا ومشهدا جديدا يصوره فى خروجى للحديث بالهاتف  لأعود بعدها لاخبره بخبر جديد يتمثل فى ان (الساعدى سيخطب فى بنغازى بعد شويه) وينسب للرحيبى تعليقا شارحا لهذا الحدث...(ماهو القائد بعثه غادى يرتب الوضع ويشوف الناس شن تبى) وكل ذلك تمهيدا لان يتساءل المسمارى بشجاعه (لم تكن هى الأخرى معروفة عنه) وامام الضابط المرافق: (ما لقاش يبعثلهم غير الساعدى؟؟؟). وقد فات الخبير فى التحقيقات وفق ما كان ما كان يلقيه من دروس حول عدم الاختلاق فى الوقائع  والاحداث حتى لايقع فى خطيئة الكذب عند تكرارها  ان يلتزم بما كان ينصح به... فقد كان يكفى المسمارى ان يلقى نظرة على تاريخ الزياره – وفق تقويمه الذى اعتمده -  وهو يوم 21 فبراير ليعرف انه فى هذا التاريخ كانت كتيبة الفضيل بوعمر قد سقطت وان نفوذ الدولة قد زال  تقريباعن كامل المنطقة الشرقيه وان الساعدى قد القى خطابه منذ أيام  وليس (بعد شويه) وانه قد غادر بنغازى!!!

2- ذات المأزق يقع فيه المسمارى عندما يحكى فيقول بانه قد غادر الفندق (الذى توجه اليه غداة خروجه وبعد ان بات بمنزل الرحيبى)متجها الى مبنى مؤسسة الصحافه  ليجدنى مع الرحيبى والاستاذ المحامى سالم دراه.... ويذكر ان اليوم كان الخميس وهو يوم عطله للصحف لانها لاتصدر يوم الجمعه لذلك كان المبنى خاليا الا من عدد بسيط من العاملين... ويفوت المسمارى هنا ايضا التدقيق فى التواريخ الايام فهو خرج من السجن اليوم السابق لها والذى كان فيه خطاب القذافى المشهور  والذى كان يوم 22 فبراير و يوافق يوم الثلاثاء من ايام الاسبوع وهذا يعنى ان (خميس) المسمارى  حسب تقويمه هو فى الحقيقة يوم الاربعاء حسب تقويم البشر... وبالتالى كان يوم عمل عادى وكان مبنى المؤسسة عامرا بالعاملين  المتوزعين على ادوارها  ويذكر المسمارى فى هذا اللقاء ان الرحيبى قد طرح مبادرة (غصن الزيتون) شارحا لها فى سطور تقدمها كمحاولة لاحلال السلام بين السلطه والجماهير الثائره؟؟؟ وقد كان ذلك افتراءا بواحا فالمبادره لم تكن من على الرحيبى اطلاقا وانما كانت من الاستاذ المحامى الوطني المرموق محمد سالم دراه  - وهو حى يرزق اطال الله فى عمره - ولم تكن على النحو المشوه الذى يقدمها به المسمارى اطلاقا... لقد كان تأسيس هذه الفكرة اصلا وليس المبادرة - على وجه الدقه - على معلومات تفيد بان النظام قد جهز قوة ضاربه وهى على وشك التحرك من منطقة سرت باتجاه الشرق مستهدفة جموع الشباب الثائر الممتلىء بالحماسه والذى اندفع نحو البريقه وراس لانوف وما بعدهما... وكان تقدير الاستاذ محمد ان مذبحة تنتظر هؤلاء الشباب  يجب العمل لوقفها ويقترح لذلك ان تتشكل مجموعة من النشطاء والمثقفين ومن ينظم اليهم من القيادات المجتمعية المستقلة عن النظام ومن كل المناطق لتتجه ودون اى ارتباط بالنظام باى وجه بما فيها نفقات التنقل والاقامة وان تحمل فى ايديها اغصان الزيتون متجهة الى حيث خط التماس وتشكيل درع بشرى يفصل بين الفريقين ويمنع نزيف الدم... مع الدعوة لحوار وطنى عام لا يقصى احدا لتلمس سبل الخروج من حالة الصدام الدامى... وتمت مناقشة الفكره وكيفية الحصول على اذن للمرور عبر البوابات التى انتشرت فى كل مكان وخاصة على الطريق الساحلى.... ولم يتوفر هذا الأذن  وانتهت الفكره الى ان ظهرت -بعد اشهر- بصورة اخرى وبطريقة وآليات لا علاقة لها بالفكرة الاولى ولاصلة لاحد منا بها ولم يكن احد ممن ذكر المسمارى مشاركا فيها باى وجه من الوجوه (وقد قدرنا وقتها ان احدا ما سمع بالفكره عند محاولات البحث عن طريقة للسماح بالمرور عبر البوابات المنتشره فاعاد صياغتها واخراجها بالطريقة التى تمت بها).

3- احتلت قضية المقابلة الاذاعيه حيزا كبيرا فى السيره لتشكل احدى المعارك الكبرى (....) التى كان يخوضها المسمارى مع النظام الهادف لتشويهه وحرقه مقدما لى وللرحيبى كأدوات تعمل على ذلك وكان ذلك بمعنى ان يقدم المسمارى فى صورة المؤيد للنظام او بصيغة المغرر به الذى انتبه.... الخ (وقد اشار الى هذه الصيغه من خلال ما اورده حين تطرق الى المحقق الذى توعده باحضار التلفزيون لتسجيل واذاعة اعترافاته (ص 153)... وقد ذكر ان الرحيبى طرح عليه فكرة الظهور فى التلفزيون عند زيارتنا الثانيه له من اجل ان يتوجه ببيان الى اهل بنغازى... وعند حديثه عما حدث فى لحظة خروجه ومقابلته لابوزيد دورده  عند التطرق لمسالة خروجه فى التلفزيون  يذكر انه قد وضع اطارا وشروطا لما سيقوله.. اوضح ايضا ان دورده وافق على ذلك معتبرا ان المهم (مانبوش البلاد تمشى فى هاويه)... وفى هذا ما يفيد بان الامر لم يكن مشروطا بكلام محدد يجب على المسمارى قوله حتى وان كان لايريد قوله... لكن المسمارى حرص على استمرار اعتباره مسالة الخروج فى الاذاعة شركا تنصبه السلطه وانا والرحيبى ندفعانه اليه  ولازالت المعركة مستمرة فى هذا الميدان وفق رواية المسمارى ليحسمها بعد يوم وفق ما يرتضيه من اخراج دونما ان يكلف نفسه عناء التساؤل كيف انتقل الامر من تسجيل قهرى بالاعترافات والكلام المطلوب داخل السجن قهرا الى خروج وفق شروطه؟؟؟ ونترك حقيقة كل هذا الغبار لتنجلى  من خلال اجابة الرحيبى وروايته لما حدث  بهذا الشان باعتباره قد رافق المسمارى الى الاذاعه  وفقا لما تم من نقاش حول هذا الموضوع بعد تو جهنا للمبيت بمنزل الرحيبى وطرح المخاوف من استثمار النظام لهذه المقابله وجر المسمارى لان يقول كلاما غير ما تم تحديده.. وقد ابدى الرحيبى فكرة ان يتطوع ليشارك مع المسمارى فى المقابله ليتعاونا معا فى مواجهة اى احتمال من ذلك ولايتم الاستفراد بالمسمارى وحده... ويقول الرحيبى (كما تعلم اخى محمود انه فى مساء يوم الثلاثاء 22 فبراير خرجنا من مبنى هيئة الامن الخارجى مصطحبين الاخ ادريس المسمارى وقصدنا مبنى هيئة الصحافه ثم اتجهنا الى منزلى حيث قضينا الليل معا ثلاثتنا واعتقد انك تذكر نقاشاتنا تلك الليله حول ما يجرى  وقلقنا والمنا بشان الدماء التنى بدأت تسيل فى شوارع الوطن... الخ وقد كان من بين ما ناقشناه موضوع خروج ادريس على الاذاعه وفقا لما تم نقاشه بينه وبين الاستاذ ابوزيد.. والتخوفات التى اثيرت حول مسالة استغلال اللقاء لتوريط ادريس فى ادانة انتفاضة الشعب او تأييد الاجراءات العنيفه فى مواجهتها واتفقنا ان الخطاب يجب ان يكون فى اطار التاكيد على مبرر الاحتجاج والتظاهر لدى الشعب وصوابية المطالب بالاصلاح وان تتم الدعوه الى تأكيد الأستقلال الوطنى ورفض التدخل الخارجي والتأكيد على الوجدة الوطنية والتأكيد على نبذ العنف والدعوة الى الحوار الوطنى الشامل الذى لا يقصى احدا للوصول الى صيغ وحلول مشتركه... وكما تذكر بانه وخشية ان يتم الاستفراد بادرريس  اتفقنا ان اشترك معه فى هذه المقابله حتى يتسنى التعاون بيننا فى مواجهة اى محاولة للخروج بها عن الاطار المتفق عليه...  وكما تذكر فانه فى الصباح – وبناء على رغبة ادريس – خرجتم لتوصيل ادريس الى الفندق على ان نلتقى مساء بمكتبك فى هيئة الصحافه... وحسب ما اذكر فقد جاء ادريس الى هناك – وقد كان قد واجه صعوبة فى الفندق لانه كان مغلقا وقد حظر هناك شخص – لم اكن اعرفه من قبل – قدم نفسه بانه عبد المنعم اللموشى وانه يعمل بوزارة الثقافه وانه سيشارك معنا فى المقابله.. - وقد كان هذا مربكا الى حد ما وقد خشيت ان يكون فى حظوره ما سيؤثر على السياق المتفق عليه حول مظمون هذه المقابله.. واذكر اننى قد انتحيت جانبا بالاخ اللموشى لاستفهم منه عن ما يود قوله واشهد الان انه افصح عن رأيه بان تظاهرات الشباب واحتجاتهم لها مبرارتها الحقيقيه منتقدا اداء الدوله واجهزتها طوال السنوات الماضيه وتردى الاوضاع الذى ادى لهذا الاحتقان كما اشهد انه اشار الى ان هذا قد خلق الان وضعا يمكن ان يستثمره اعداء البلاد لغير صالح الوطن..وقد اتفق معى على ان الدعوة الى نبذ العنف والحوار والدفاع عن الوحدة الوطنية والأستقلال الوطنى هى ما يجب ان تتم الدعوة اليه الان  وخلال هذا الحديث اتفقت معه على اننا يجب ان نشير الى مبررات هذا الاحتقان دونما حاجدة للاشاره الى جهود اعداء الوطن او غيره لان هذا قد يؤثر على طبيعة دعوتنا للحوار الوطنى الشامل ونبذ العنف حيث ان مثل هذا الحديث وفى هذا الظرف قد يفهم على انه اقصاء للبعض... وقد اراحنى موافقته على ذلك.... وعند المغرب تقريبا تحركنا انا وادريس وعبد المنعم وادريس مستقلين سيارة منعم متجهين الى مقر اذاعة وقناة الليبيه  وفى الطريق طلب ادريس التوقف امام محل لبيع اجهزة الهواتف المحموله ونزل ليشترى هاتف وشعره جديده – لان هاتفه بقى فى السجن – ثم وصلنا مبنى الاذاعه وكانت الحراسات مشدده وبعد مدة من الاستعلام عن الاسماء والهويات كنا امام مشكلة عدم وجود هويه لدى ادريس ((بعدها بأسبوع قام السيد دوردة بأستخراج بطاقة شخصية لأدريس  وعرض عليه أيضا أصدار جواز سفر جديد.. وقبل ادريس البطاقة واعتذر عن الجواز بدهاء حتى لا يخضع للمراقبة فى الحدود اذا عزم على الخروج بعد استلام جواز سفره الأصلى  المرسل اليه من زوجته عبر مصر وتونس)) لكن عبد المنعم اتصل بالاداره التى اعطت تعليماتها بالسماح لنا بالدخول... ودخلنا مبنى الاذاعه الذى كان منعم يعرف مسالكه وكذلك ادريس الذى قال لى انه يعرف الطريق لانه كان يقدم برنامجا فى القناة الليبيه (برنامج الملف والذى قام البوسيفي أثناء أدارته لشركة الغد بالأتفاق مع ادريس على اعداده وتقديمه عبر شاشة الليبية))... ووصلنا مكتب شخص نهض من مكتبه ليعانق ادريس بحرارة وقدمه لى ادريس على انه السيد عبد السلام المشرى مدير الاذاعه وانخرط ادريس معه فى حديث امتزج بالمزاح والعتاب ذكره فيه بمستحقاته التى لم يستلمها والمتبقيه دينا لصالحه بذمة الاذاعه نظير اعماله وتعاونه معها... وهنا دخل شخص اخر قدم نفسه على انه - موسى ابراهيم - وانه هو من سيدير اللقاء او الندوه.. وقد توجه بكلامه لادريس مستفسرا عما يمكن ان يقال فقال ادريس انه يريد ان يترحم على الشهداء الذين سقطوا فى هذه الاحداث الداميه وان يدعوا لوقف العنف والى اجراء حوار وطنى شامل من اجل الخروج من هذا الوضع الحرج... وتكلم موسى ابراهيم مشيرا الى ان الاحداث تحمل صيغة المؤامره التى تقف ورائها قوى خارجيه معاديه للشعب والوطن بالاضافة الى العناصر المتطرفه والتى وصفها بالزنادقه.. واذكر ان ادريس اعاد عليه ان الخطاب الواجب الان هو الدعوه لوقف العنف والى الحوار الوطنى بلغة وطنيه لامكان فيها لتصنيفات الثورى والرجعى.. الخ.. - وهنا اشهد لله وللحقيقه ان موسى ابراهيم اكد على ان الخطاب يجب ان يكون وطنيا بعيدا عن اى شعارات لها صله بالتصنيفات السائده عن الثوريه وغيرها -.... ثم انتقلنا الى غرفة اخرى حيث تركنا موسى ابراهيم ليعود بعد قليل ليقول ان الاستوديو مشغول الان  وان بقية كاميرات البث المباشر خارج المبنى ويقترح تسجيل الندوه فلم نوافق على التسجيل.. وابدينا رغبتنا ان تكون الندوه مباشرة وعلى الهواء – وقد كان ذلك خوفا من التصرف فى التسجيل.. وعند هذه النقطه اتفقنا على تأجيل الموضوع الى الغد وان يتم الاتصال بنا لتحديد موعد... وخرجنا من المبنى ثلاثتنا.. وقد قلت لادريس – جت منك ياجامع... سنبقى فى البيت ولا اعتقد انهم سيتصلون بنا لان الاحداث متلاحقه وسينشغلون بها... وكان هذا ما حدث فعلا... حيث أسدل الستار نهائيا عن مسرحية خروج ادريس على التلفزيون ولم يطلب احد ذلك بعد هذه الحادثه)... وواضح وفق رواية الرحيبى ان محاولات المسمارى لخلق معركة نضاليه حول موضوع المقابلة الاذاعيه واستثمار النظام له من خلالها ليست الا تخيلات واوهام يخترعها المسمارى فى سيرة فبراير التى يسرد حيث لم يقم أى أحد من أية جهة حتى بالأستفسار عنها.

4- يتحدث المسمارى عن قصة هاله المصراتى وتهجمها علي والزج باسم ادريس المسمارى كدليل ادانة ضدى باعتبارى قد قدمت له المساعدة والعون... ويمضى فى سرده زاعما بان كل هذه العملية كانت مفبركة ومنسوجة بهدف تشويه المسمارى لدى عائلته والمنطقة الشرقيه حيث تقدمه موظفا يعمل فى طرابلس مع النظام (.....)... واعترف بان مثل هذا التفكير التآمرى وتفسير الاحداث وفقا له يتجاوز بمراحل اى نظرية تتصل بعقلية المؤامره ونظرياتها... وحيث ان المسمارى كان ليلتها فى بيت الرحيبى اترك المجال لافادة الرحيبى بالخصوص:

(تسألنى عن ما حدث ليلة مهاجمة هاله فى برنامجها لك فاقول... كنت انا وادريس فى الصالون نتنقل بين القنوات حتى رن الهاتف وكلمنى محمود البوسيفى ليقول افتح على الليبيه.. فانتقلت اليها لنجد هاله تتكلم التقطنا مباشرة اسم محمود البوسيفى الذى يساعد المسمارى ويعينه بالصحافه.... كان ادريس متكئا فاعتدل ليقول... شنو شنو تقول ادريس المسمارى؟؟؟ وكلانا كان مندهشا ولم نعرف سياق الموضوع  واسباب الهجوم لاننا لم نتابع البرنامج من البدايه ثم ذهبت الى فاصل تاركة الدهشة والحيره لدى كلينا.. اتصل البوسيفى اثناء الفاصل ليقول انه سيرد عليها فشجعته على ذلك... عادت هاله بعد الفاصل ليعلوا صوتها مطالبة الحرس الشعبى بعدم التوجه هذه الليلة الى بيت محمود البوسيفى لتزيد بذلك من ارتباكنا ودهشتنا ثم اتى صوت محمود يرد عليها بعنف ويغلق سماعة الهاتف فى وجهها... لم يغادرنا القلق وتوقعنا ان الحرس الذى تتحدث عنه هاله قد يكون قادما الينا أيضا.. من جهنى ربطت الموضوع بحملة يتعرض لها محمود من قبل عناصر فى الأمانة المؤسسه تبذل محاولات حثيثه لابعاده متهمة اياه بضبابية موقفه مع النظام وبتوقفه عن الكتابة وقدمت بذلك التقارير والمذكرات وجمعت التوقيعات لهذا الغرض والتى قام أمين الثقافة فى ذلك الوقت بنقلها الى امين اللجنة الشعبية العامة وأمين مؤتمر الشعب العام وا/ينة الرقابة وبالضرورة الى جهات أمنية  (وهى امور كنت احكى تفاصيلها لادريس اولا باول وكان على دراية بها) وان ما تقوم به هاله يندرج فى ذات الموضوع وكان تقديرى ان هاله ومن معها فى هذا الجهد رأو فى المسمارى وماهو معروف من مساعدة محمود له سهما قد يكون ذا فاعلية اكبر... اطفأنا انوار الصالون  تجتاحنا حالة من التوجس والانتظار لساعات  وقد اتصلت السيده ام العز فى ذلك الليل للاطمئنان حيث تبين انهم كانوا يتابعون الحلقه فى بنغازى).

5- تحدث المسمارى فى سيرته ليذكر اننى قد زرته عندما كان فى بيت نورى عبد الدايم برفقة الرحيبى لانقل له رسالة من السيد صالح عبدالسلام تفيد بأن السيد سيف الاسلام القذافى يريد الاتصال بالسيده ام العز الفارسى - زوجة ادريس - عبر شخص فى مصر... وبغض النظر عن السياق الذى يريد المسمارى توظيف هذه الواقعة فيه ضمن مراحل معركته (الدونكشوتيه) مع النظام أو فصول مسرحيته الهزلية المثيرة للأزدراء.. وجب ان اقول بان السيد صالح عبد السلام قد تحدث معى فى هذا الامر مفصحا بان السيد سيف الاسلام يريد ان يتواصل مع السيده ام العز (باعتباره يعرفها وسبق له وان التقى بها فى ما مضى ليكلفها برئاسة مركزا لحقوق الانسان ويكون مقره فى مصر - نتيجة لان السلطات الليبيه واللجان الثوريه وبدعم من والده بالتاكيد قامت بغلق المركز الذى سعى لفتحه فى طرابلس لذات الغرض - وقد سافرت السيده ام العز الى مصر لهذا الغرض وقدمت للسيد سيف فى لقاء تم فى أحد مناطق طبرق تصورها  لهذا المركز وميزانيته(تردد ان سيف وصفها بالفلكية) التى كانت تتظمن توفير مكان لاقامتها واسرتها ومصاريف الدراسه لابنائها وغيره من مصروفات عامة وشخصية... واذكر ان ام العز قد اشتكت بعدها من ان السيد يوسف صوان الذى كان مديرا تنفيذيا لمؤسسة القذافى وأستقال فى الأسبوع الثاني من فبراير 2011 يعرقل هذا بناء المركز ويحول دون مقابلتها للمهندس ثانية لاستكمال المشروع -)  وكان صالح عبد السلام يعرف ان ادريس موجود لدى الرحيبى واننى التقيه.. فطلب ان نسال ادريس عن كيفية قيام شخص بالاتصال بام العز عن طريق مصر لترتيب تواصل ما بينها وبين سيف... وعندما التقيت بادريس اطلعته على ماجرى ليس بغاية تلبية الطلب بقدر ما كان للاتفاق على اجابة  يمكن ابلاغها للسيد صالح... واذكر ان ادريس كان منزعجا من هذا الطلب جدا لانه كان - كما قال سيضر بام العز فى بنغازى اذا ما علم احد انها على اتصال بسيف... واتفقنا على ان الرد يجب ان يكون على اساس ان الاتصالات مقطوعة تماما بالمنطقة الشرقية كما يعرف الجميع وان لا وسيله لدى ادريس للاتصال بام العز ولا غيرها... وان هذا يبقى متروكا الى حين عودة ادريس الى بنغازى... وهذا ما تم فعلا  حيث ابلغت السيد صالح عبد السلام بهذا الرد  الذى تقبله دون تعليق سوى ان على المهندس ان يجد طريقته لمثل هذا الاتصال  وليس لدى اى علم ان كان قد وجد هذه الطريقة ام لم يجد.

شهادة حق واجبة... وما اشهد الا بما اعلم

لقد كان للاستاذ (ابوزيد دورده) دورا محوريا وأساسيا فى قصة المسمارى هذه...واعتقد ان المسمارى لم يكن منصفا ولا يعطى الرجل حقه سواء من خلال سرده لوقائع ما جرى له وعايشه فعلا (لا تخيلا واختلاقا) او من حيث تغافله عن وقائع لم يشهدها لكنها رويت له واصبح على علم بها.. (وكان من الانصاف ان يوردها على لسان غيره كما سمعها وله الحق فى ابداء شكه فيها او عدم تصديقها ان بدا له ذلك).

على كل حال اعترف اننى لا امتلك تلك الذاكرة الخارقه التى يعكسها المسمارى من خلال سرده للحوارات والجمل وتفاصيل الملامح... الخ لكنى كاغلب عباد الله بوسعى تذكر الاحداث وما وقع فيها بصورة عامه ومعانى ما دار فيها من كلام  دون ان ادعى نقله حرفيا الا فيما ندر من جمل كانت لافته ومهمه الى حد رسوخها فى الذاكره كما هى... ولنبدأ الروايه - مع منتصف يوم 16 فبراير تلقيت اتصالا من السيد خالد الترجمان   فحواه ان ادريس المسمارى قد تم القبض عليه فى بنغازى وانه قد تم نقله الى الامن الخارجى بطرابلس  وذلك بعد مداخلاته مع كل من قناة الجزيره والبى بى سى... وان المطلوب هو بذل ما يمكن من جهد لضمان سلامته والبحث عن مخرج من هذا الموقف... وكنت ارى فعلا ذلك واجبا سواء بحكم العلاقة الكبيره لى مع ادريس سواء على المستوى الشخصى والعائلى او على مستوى الهموم والاهتمامات العامه المشتركه  وحتى الجهود والاعمال المشتركه التى جمعتنا من خلال ممارسة الانشطه التى تتصل بالصحافة والكتابة والاعلام.. الخ.

اجريت عدد من الاتصالات ببعض الاصدقاء بخصوص الموضوع.. وكان من بين من اتصلت بهم الاخ (على الرحيبى) الذى تربطنى به صلات صداقه فى نفس الوقت الذى كانت تربطه صلات الصداقة والرفقه مع المسمارى وسبق وان سجنا معا فى القضية التى اشتهرت باسم (قضية الاسبوع الثقافى) اواخر السبعينيات من القرن الماضى ومكثا فى السجن اكثر من 9 سنوات مع غيرهما من مثقفين وكتاب وطنيين... وحيث ان الخبر كان يشبر الى وجود المسمارى لدى الامن الخارجى فقد كان الرحيبى ممن يطلب تدخلهم بحكم صلته العائلية والشخصيه بالاستاذ ابوزيد دورده... اتذكر ان الرحيبى قد ابلغنى فى هذا الاتصال بانه فد تلقى اتصالا مشابها من السيده (ام العز)  ومن صديقين اخرين... ولم يخفى قلقه من الموضوع... واذكر انه سالنى (هل المسمارى مراسل للجزيره؟؟؟) واتفقنا على ان نسعى للتاكد من وجود ادريس لدى جهاز الامن الخارجى وليس لدى جهة اخرى.. وان نلتقى فى الغد بمكتبى بمؤسسة الصحافه التى كنت اشغل وظيفة مديرها العام وكان الرحيبى قد انتدب للعمل بها بناء على طلب والحاح منى اعتبارا من 1 يناير 2011 (وليس بعد احداث فبراير - كما ادعى المسمارى فى سيرته).

بعد ظهيرة يوم 17 فبراير التقيت بمكتبى مع الرحيبى الذى ابدى قلقه وانزعاجه من مداخلة  المسمارى مع الجزيره فى هذا الظرف المتوتر والذى يستنفر فيه النظام كافة اجهزته الامنيه واذرعه الاخرى وانه قد يقود هذا الفعل الى أن يطال الاعتقال او التحفظ كافة من كانوا معتقلين فى السابق كاجراء احتياطى خاصة وان هناك الكثير من اعضاء الامن واللجان الثوريه يحملون عداء مقيما تجاههم... واذكر ان الرحيبى اعاد السؤال عما اذا كان ادريس مراسلا للجزيره ؟؟ ولم اخفى استغرابى ودهشتى لهذا السؤال مجيبا بالنفى.. قال الرحيبى ان هذه الصفه قد تصلح لان تكون مبررا للاتصال والمداخله قد ترد بعضا من الاسئله حول لماذا تم الاتصال وكيف.. الخ قلت له سيبقى الاتصال فى هذا الوقت اتهاما عند الدولة مهما كانت الظروف.... ثم اخبرت الرحيبى باننى قد التقيت قبل قليل بنورى الحميدى الذى كان يشغل منصب (امين الثقافة والمسؤول عن الاعلام)  وقتها وان لديه موعدا مع ابوزيد دورده هذا المساء وطلبت منه التدخل لديه بشأن ادريس المسمارى... ((وكان المسمارى على علاقة جيده بنورى الحميدى وسبق وان كلفه بتنظيم مشاركة ليبيا فى معرض الكتاب بالقاهره 2010 والتى اعجب فيها باداء ادريس خاصة عندما استجاب لرغبة الحميدى فى منع مشاركة الشاعر والكاتب والدبلوماسي المعروف أدريس ابن الطيب ضمن فعاليات المهرجان وامسياته الشعريه خشية من ان يلقى ادريس قصائده التى تزعج النظام ومنها قصيدته الشهيره - مرافعة السيوف - التى كتبها خلال مرحلة السجن ونشرها فى عدة مواقع وشارك بها فى بعض الامسيات (فى ليبيا وخارجها) ولم تخف الاجهزة انزعاجها منها - ولعل ذلك ما جعل علاقة المسمارى بالحميدى تزداد توطدا  وان يحصل المسمارى على اتفاقات مع امانة الاعلام بشان كتابة ملخصات للكتب الصادرة حديثا فى مصر لمكتبة القائد مقابل خمسمائة دولار للكتاب وكذا ترشيح عدد من العناوين لكتب تنوى الامانه توريدها لتزويد بعض المكتبات - ربما وكما تسرب ان مكتبة القيادة احداها))  أضافة الى حصوله من الحميدى على تكليفات بطباعة  حصة من الكتب التى تقوم الأمانة بطباعتها فى الخارج.. فاقترح الرحيبى بناء على ذلك ان ننتظر ما يعمل نورى الحميدى وما سياتى به من معلومات... ثم انخرطنا فى تحليل ما يجرى وتوقعاته و ما توفر من معلومات حول استنفار النظام لاجهزته بمختلف انواعها وما رشح عن السيناريوهات المعده لمواجهة ما يحدث والتى تنبىء بان خيار المواجهة بالعنف قائم وبقوه... كرر الرحيبى توقعاته التى سبق وان افصح عنها منذ بداية الحديث عن الخروج يوم 17 فبراير والتى ترجح خروج الجماهير - خاصة فى المنطقة الشرقيه - لكنه مصر على ان النظام سيرفض ذلك بكل قوه ولن يتردد فى اسالة الدماء خاصة اذا ماشعر بان هذا الخروج اصبح مهددا لوجوده وكرر تقديراته - التى كنا نتندر عليها - بان عدد الضحايا قد يصل الى العشرة الاف.. وقد تزيد مالم يحدث ضغط وتدخل دولى  محتمل الحدوث وفقا للمعطيات التى افرزتها الحركة التى سميت بالربيع العربى..... والى وقت متاخر بقينا فى انتظار التواصل مع السيد نورى الحميدى لمعرفة ما توصل اليه من نتائج  لكن هاتفه كان مقفلا.. وعندما تحصلت على الاتصال به  متاخرا عرفت منه انه ذهب الى ابوزيد وان ادريس المسمارى عندهم... ووعد ان تكون الامور بخير دون ان يقدم اى تفصيل بالخصوص... قدرنا انا والرحيبى ان نورى الحميدى لم يفعل شيئا بالخصوص  لكننا تاكدنا ان المسمارى موجود لدى الخارجى وليس لدى اى جهة اخرى وهذا بعث قدرا من الاطمئنان لدى الرحيبى الذى قال بانه اذا كان الامر بيد ابوزيد فانه يرجح ان معاملة ادريس ستكون حسنه وان الامل فى احتمالات ان نستطيع فعل شىء من اجل خروجه كبيره.. واتفقنا ان نلتقى فى الغد لنرتب الاتصال بابوزيد ومقابلته.

ظهيرة الغد 18 فبراير التقيت بالرحيبى فى المكتب كالعاده.. قام الرحيبى باجراء اتصال بابوزيد طالبا موعدا للمقابله فوافق ابوزيد وحدد موعدا الساعه الخامسه مساء... فى الخامسه توجهت انا والرحيبى الى حيث مقر الامن الخارجى الواقع بعد منطقة الجديده على الطريق المؤدى الى تاجوراء .. على بوابة المدخل اخذت الهويات والاسماء اجرى الحرس اتصالا ثم سمحوا لنا بالدخول... صعدنا الى حيث مكتب الاستاذ ابوزيد.. طلب منا موظف الاستعلامات الجلوس فى حجرة انتظار ثم حظر الينا ليقتادنا الى مكتب ابوزيد دخلنا الى المكتب الواسع كان ابوزيد خلف مكتبه المواجه للباب نهض وتقدم مصافحا..  كان هناك شخصان يجلسان على صالون يقع على مسافة امام مكتبه اتجهنا للسلام عليهما وابوزيد يقول معرفا بهما هذا التهامى خالد وهذا عبد السلام حموده... وانتقل ليذكر لهما اسمائنا ثم عاد الى مكتبه طالبا منا الجلوس على كرسيين وضعا بجوار طاولة المكتب... كنا صامتين بسبب وجود هذين الشخصين لكن ابوزيد بادر بالكلام... بصوت مرتفع قليلا بما معناه اننا قد جئنا من اجل صاحبنا  مشيرا الى انه قد ارتكب خطأ باتصاله ذاك خصوصا بوضعه كسجين سابق.. واوضح ان ادريس بن الطيب هو من اتصل به وطلب منه التدخل فى الموضوع بناء على الحاح المسماري وقد استجاب للطلب بالرغم من ان هذه المسائل لا تدخل فى اختصاصات الجهاز وأنه ارسل اشخاصا من الجهاز فى بنغازى الى منزل المسمارى الذى تعرض للهجوم من اشخاص اخرين وتولى عملية نقله الى طرابلس حتى لا يتعرض لاى اذى  او اعتداء   مشيرا الى انه لا يعرف المسمارى  ولم يخف انزعاجه واعتراضه على مداخلة المسمارى مع الجزيره... تحدث الرحيبى مدافعا عن المسمارى قائلا  اذا كنت تعرفنى وتعرف محمود البوسيفى  وتعرف ابن الطيب فانت تعرف المسمارى لانه مثلنا ولا يختلف عنا فى مواقفه من الوطن وقضاياه  فهو صاحب مجلة عراجين... قال ابوزيد انه يعرفها وهى مجلة محترمه وقد سبق وان ارسل لهم مقالة لكنها لم تنشر بعد... هنا دخل شخصان اخران انضما الى التهامى وحوده فى الصالون البعيد نسبيا ومعهما أوراق - يبدوا انهما من العاملين بالجهاز وانهمك الاربعه فى حديث ونقاش يبدو ان موضوعه تلك الاوراق والملف المرفق معها... هنا استثمرنا ذلك الانشغال لنلتفت الى ابوزيد برجاء الاهتمام بالأمر... والبحث عن مخرج... قال ابوزيد انه لم يطلع على كامل تفاصيل التحقيق  ويمكنكما زيارته الان وانا اوصيت بشان معاملته بشكل خاص... ثم اخذ ورقة امامه وتوجه للرحيبى بصوت خافت قليلا هناك معلومة عن تبادل ايميلات بين المسمارى وابوزعكوك - الموجود ايميل واحد - وبعض الكلام الذى ينسب ادريس لبعض الاطروحات الاقليميه... رد الرحيبى بانه بالنسبة  موضوع الاقليميه فثق ان ادريس ابعد ما يكون عن ذلك ويستحيل ان يكون على صلة باى جهات خارجيه اما بخصوص ابوزعكوك فلا علم لى باى تواصل وان كنت متاكدا بان ادريس لاعلاقة له بالتوجهات التى يحسب عليها ابوزعكوك والمتعلقه بمناهج وافكار حركة الاخوان المسلمين... عندها قال بوزيد انه من المهم الان ان تبلغ ادريس بهذه المعلومات واذا ثمة شى من تصرفاته يمكن ان يستثمر لاتهامه او لوضعه موضع الشبهه عليه ان يقوله لكما حتى يمكن تدارك الامر ومعالجته مادام الملف تحت ايدينا وحتى لا تفاجئنا جهة اخرى بمعلومات لانعرفها فيما بعد ويخرج الامر من ايدينا مؤكدا ان الوضع جد دقيق والكل مستنفر وهى فرصة حتى لتصفية الحسابات الشخصيه كما تعرفون... ثم طلب شخصا ليمكننا من الزياره.. عند هذه اللحظه طلبت من الاستاذ ابوزيد ان يأذن بأن اطلب السيده ام العز - زوجة ادريس - ليكلمها ويطمئنها فالقلق مستبد بالاسره على ادريس ووضعه  بهم فوافق وطلبتها وكلمها الاستاذ ابوزيد مطمئنا لها.

جاء شخص ليخرجنا معه  طلب منا الانتظار فى صالة الانتظار  وذهب  ليعود بعد قليل ويطلب منا ان نتبعه.. تبعناه الى مكتب فى الناحية الاخرى دخلنا لنجد شخصا على مكتبه قال مرافقنا له باننا من كلمه الرئيس علينا.. دعانا الرجل للجلوس جلسنا على الكرسيين الموجودين امام مكتبه.. قال انتظروا قليلا حتى ياتى من ياخذكما... وامتد الوقت قليلا وكان المكتب يزدحم كل مرة بالداخلين لمراجعة الشخص الجالس.. استاذنت من الرجل ان نخرج وننتظر فى الصالون حتى ياتى من يكلفه بالذهاب معنا وحتى لا نشغله عن عمله.. وخرجنا انا والرحيبى  ونحن نسير فى الممر قال لى الرحيبى انه يعتقد ان الملف الذى احظر وجلس عليه التهامى وحموده يتناقشان فيه هو ملف ادريس.. قلت كيف عرفت رد على قائلا بانه سمع احدهم يذكر اسم المسمارى عندما مررنا بجنبهم اثناء خروجنا وكلمة التلفزيون لربما كانوا يتحدثون عن مداخلته فى الجزيره...جلسنا فى الصالون المعد للانتظار تحدثنا قليلا عن كيفية توصيل ما قاله ابوزيد لادريس قال الرحيبى انه لا مشكلة فى الامر اذا قابلناه منفردين اما اذا كان معنا احد فلتحاول اشغاله حتى تصل جملة ((اذا كان هناك شىء يجب ان تقوله لنا نحن حتى يمكن تداركه))او ان يحتفظ به حتى يقابل الاستاذ ابوزيد ليبحثه معه... حظر الشخص المكلف طالبا ان نتبعه خرجنا من المبنى  وكان الوقت بعد المغرب بنصف ساعه تقريبا.. سرنا مسافة بين الابنيه وفى طرق متعرجه حتى وصلنا مبنى ارضى مغلق الباب طرق الرجل ففتح الباب استقبلنا شخص اخر قادنا الى حجرة واسعه عارية الا من الفرش وطاولة اجتماعات فى وسطها عليها بعض المقاعد وحزمة اوراق بيضاء... ولا اتذكر بقينا واقفين وسريعا ما حظر ادريس الذى انبسطت اساريره عند رويتنا جلسنا الى الطاوله الرحيبى فى الركن ثم ادريس وانا.. وجلس الرجل الذى كان بلباس مدنى امامنا ممسكا بيديه رزمة الاوراق البيضاء.. كانت اسئلتنا عن الصحه والحال قلت له ان الاسره بخير وان ام العز قد تكلمت مع الاستاذ ابوزيد وطمأنها.. ثم  تكلم الرحيبى وفعلا سأل ادريس هل انت مراسل للجزيره... فاجاب ادريس بالنفى.. واخذ يسرد الحادثه بقوله انه كان مع (نوري الماقنى وخالد الترجمان) يمران بجوار المظاهره وكان سكرانا فنزل من السياره وترك صديقيه ودخل فى  الزحام... ثم اتصل بصديق فى مصر (الناشر محمد هاشم) وهو الذى اتصل بالجزيرة وجعلها تتصل بى  وكانت تلك المداخله... لاحظت ان الرجل المقابل لنا كان يصغى باهتمام وعل الرحيبى لاحظ ذلك ايضا فاتجه بالحديث  وجهة اخرى فذكر لادريس ان الاستاذ ابوزيد يبلغه تحياته وانه كان يود رؤيته لكن المشاغل حالت دون ذلك وسيراه قريبا... وفى هذه اللحظه حاولت لفت انتباه الشخص الجالس معنا بسؤاله عن اجراء اتصال بزوجة ادريس للأطمئنان واننا قد اخذنا الأذن فى ذلك من الاستاذ ووقفت متحركا فى مكانى اطلب الرقم وكانى احاول ان اجد منطقة تغطيه وكان الرحيبى يبلغ ادريس عما سمعناه من ابوزيد عن (ما اذا كان ثمة شى يمكن ان يقلق حتى يتم تداركه) ويخبره عن الايميل مع ابوزعكوك الذى اكد ادريس انه ايميل وحيد يتيم ولاشىء فيه.. اخبره الرحيبى ايضا بمسالة تقارير متعلقه بنشاط اقليمى... فابدى ادريس دهشته لمثل هذا الكلام قائلا انا اسميت ابنتى ليبيا واكتب الان رواية مؤسسة على روح  الوحده الوطنيه  وانتما تعرفوننى.. قال الرحيبى نحن بالتاكيد نعرفك دون شك لكن الظرف دقيق وحساس بما يشكل فرصة لتصفية الحسابات والادعاءات الكيديه.. وندعوا الله ان تكون العواقب سليمه... هنا وقف الرجل الجالس امامنا وشعرنا انها اشارة بانتهاء الزياره فوقفنا ونحن نتحرك كان ادريس بيننا والرحيبى يسال عن وضعية المكان والمعامله فاكد ادريس انها جيده قلت له وتعمدت ان يكون كلامى مسموعا للرجل الذى معنا ان الاستاذ ابوزيد قال انه لايعتبرك متهما بل  ضيفا  وستخرج قريبا ان شاء الله... سأله الرحيبى ان كان يريد شيئا فطلب سجائر مالبورو (لايت) ومصحفا.. وودعنا المسمارى وخرجنا ولا اعتقد ان مدة الزياره منذ وصولنا للمبنى قد تجاوزت العشرة دقائق باى حال من الاحوال.

رجعنا الى مكتب الاستاذ ابوزيد وجدنا شخصا جالسا على الكرسى بجوار مكتبه  وكان التهامى وحموده لازلا فى الصالون وهناك اشخاص اخرين... تقدمنا نحو ابوزيد الذى استفسر عما اذا رأينا صاحبنا ام لا ؟اجبناه بالايجاب قلت جئنا لنقول مع السلامه فوقف وتحرك معا باتجاه الباب حث وقفنا وأخبرناه بان المسمارى يؤكد بان لشىء لديه يمكن ان يؤاخذ به سوى هذاالاتصال الذى حكمت به الخمر وانه ليس له اى تواصل مع ابوزغكوك سوى هذا الايميل اليتيم الذى لايتجاوز مجرد تبادل التحيه والسلام... اذكر ان ابوزيد علق ضاحكا (شيطان الشيشه ودر ناس هلبه) ووعد بان يوصى بان يزوره الدكتور للاطمئنان على صحته ووضع السكر الذى يعانى منه مؤكدا انه سيكون كالضيف لديه   اخبرناه بانه طلب سجائر ومصحف وبعض الاحتياجات فاوضح بانه لا مانع فى ذلك ابدا واصدر تعليماته الى مدير المكتب بخصوص السماح باحظار عده الاشياء وتسليمها له... وخرجنا لنحضر مصحفا وبعض الغيارات  والسجائر التى سلمناها الى حرس البوابه بعد ان اخبرنا بها مدير مكتب ابوزيد.

فى الغد كان 19 فبراير.. رجعنا الى مقر الامن الخارجى فى ذات توقيت مجيئنا بالامس تقريبا... ومررنا بذات الاجراءات حتى دخلنا الى مكتب الاستاذ ابوزيد كان صالون المكتب مزدحما بعض الشى بوجوه لا اعرفها  ولم اميز منها سوى التهامى وحموده.. بمجرد دخولنا اتجه ابوزيد الذى كان معهم الى مكتبه بعد ان سلم علينا تبعناه  وجلسنا على الكرسيين المحاديان للمكتب قال ان شالله خير... الامور تسير الى مزيد من التعقيد  وتتطور بشكل خطير وسريع... نظرنا انا والرحيبى الى بعضنا وانتابنا شعور بالقلق لاحتمال ان يكون هذا الكلام له صلة بوضع المسمارى او ينعكس عليه وكأن ابوزيد شعر بذلك فقال لاتخافو على صاحبكم انا اتكلم على وضع البلد... ثم اخذ ورقة امامه اراها للرحيبى وهى فى يده فمد الرحيبى يده واخذها ليفربها من عينيه... ثم ارجعها اليه.. سالت انا هل يمكن لنا ان نزوره ه فقال ابوزيد ان ذلك ممكن وانه قدارسل اليه كتبا احظرها من مكتبته وان الدكتور زاره وتم توفير الدواء الخ.. ثم اتصل بمدير مكتبه ليامره بترتيب الزياره  وخرجنا لنمر بنفس الروتين السابق... عند جلوسنا فى الصالون اخبرنى الرحيبى بان الورقة التى اطلعه عليها بوزيد تتظمن توصية بان يعرض ادريس على التلفزيون... تساءلت عن معنى ذلك وباى صوره... قال الرحيبى بمعنى ان يدعوا للتهدئه.. قلت هذا يعنى انه سيستخدم... قال الرحيبى الوضع صعب  ومن المهم ان (لايريح فيها ادريس) وبتقديرى ان المساله تعالج ليس من حيث يخرج على التلفزيون ام لا يخرج المهم ماذا سيقال.. ؟؟ وعلى كل حال سنخبر ادريس بالامر.. وقد طال انتظارنا للرجل الذى سيوصلنا الى ادريس لاكثر من نصف ساعه لاحظت خلالها مرورالمهندس معتوق معتوق ببرنس ابيض متجها الى مكتب ابوزيد... ثم جاء الرجل المكلف وانطلقنا وراءه الى ذات المكان وذات الطاوله وجلس معنا ذات الرجل.. سالنا ادريس عن احواله وهل جاءه الدكتور فاكد ذلك كانت لدى الرغبه فى نقل اخبار لادريس.. لكن وجود الرجل لايمكن ان يسمح بذلك كل ما قلته ان الاوضاع صعبه والاحداث متلاحقه... كان ادريس متلهفا لان يسمع... لكن الرحيبى غير دفة الحديث بسؤال ادريس هل التقيت احدا اليوم.. قال المسمارى نعم التقيت مع التهامى خالد وعبد السلام حموده ؟؟ ساله الرحيبى ماذا قالا لك ؟ اجاب ادريس سألانى عن الحادثه فسردت لهما القصه التى حكيت لكم.. ثم ان التهامى تحدث لى عن تطور فى الاجهزه الامنيه وان السجون تحسنت اوضاعها كثيرا فاجبته بان هذا امر جيد.. وكانت مقابله هادئه... سأله الرحيبى الم يتحدث معك احد منهما عن الخروج والتحدث فى التلفزيون..؟؟ فاجاب ادريس بالنفى.. متسائلا فى نفس الوقت (شنو قصة التلفزيون) فاوضح له الرحيبى ان ثمة مقترحا بان تتكلم فى التلفزيون وتوجه كلامك لاهل بنغازى... تساءل ادريس وماذا ساقول لهم ؟؟ ثم انا منذ ايام معزول عما يجرى.. فكيف اعرف ما يجب قوله ؟ فقال الرحيبى نعم يجب ان تكون فى الخارج لتتكلم ثم انى اعتقد ان لا مشكلة اذا كان الكلام يتعلق بنبذ العنف ووقف الدماء والدعوة للحوار... ووقد اجاب المسمارى بأنه اذا كان الامر كذلك  فلا مشكلة فى الموضوع... ولم يزد الحديث عن ذلك ولم يكن المقام ولا المجال ليسمح باكثر منه ولا لتلك المحاضرات التى توهمها المسمارى وأنبرى للحديث عنها فى سيرته  والتى جعلت من زياراتنا له اشبه بالندوات الفكريه !!!... وكالعاده وقف الرجل ليعلن انتهاء الزياره فودعنا ادريس وخرجنا لنعود الى مكتب الاستاذ ابوزيد الذى وجدناه هذه المره وحده بالمكتب مع عبد السلام حموده  وما ان جلسنا حتى احضر العشاء فطلب ابوزيد ان نبقى للعتشاء معهما.. جلسنا الى طاولة الاجتماعات جلس ابوزيد فى ناحية منها وجلس الرحيبى ثم انا بينما جلس حموده على الطرف المقابل... سال بوزيد عن حال ادريس.,.. اجبناه بانه بخير اضاف ابوزيد ضاحكا (هل طارت السكره ؟؟) قال عبد السلام حموده مبتسما (عندما التقيت به انا والتهامى  قال لقد كنت سكرانا.. فاجبته هذى اجابه ما تنجيكش بل تورطك فالمعروف ان السكران يقول اللى فى خاطره) ثم اشار الى ضعف بنيته وحالته الصحيه مردفا  انا من رأيى  نطلقوه يروح... فرد ابوزيد (نطلقوه يروح وين  بنغازى ماعاد يطولها حد.. الطيران واقف والبر مش مضمون)  فى هذه اللحظه تدخل الرحيبى قائلا (وليش يروح لبنغازى) اجابه ابوزيد (وين بيمشىّ!ّ؟) قال الرحيبى.. يقعد عندى أو عند محمود واكدت انا على كلام الرحيبى بالقول ببقائه عندى حيث ان زوجتى من بنغازى ايضا وتربطنا بعائلته صلات اجتماعيه. وانه سبق له أن أقام عندي... نظر ابوزيد الي والى الرحيبى بكيفية تشعر بان ثمة خطأ ما فى ما قلناه... ثم همس ببطء وهو ينظر الى السفرة امامه  (انتم تتكلمون  بعواطفكم)  ساد صمت انهمكنا فيه بالاكل وسرعان ما استاذن عبد السلام حموده  وخرج.. فالتفت ابوزيد ناحيتنا قائلا (كيف يذهب الى بيتك انت او هو انت واياه... فى هالظروف يجوكم اللجان الثوريه والمتشنجين  واصحاب الشر يكسروا روسكم انتم وياه... الان أضمن مكان له واكثرها امنا هو عندى ما يوصل فيه حد والحمد لله انتم شفتوا وين قاعد وكيف اقامته... انا معتبره ضيف وامانة) وقد بدا لى كلامه مقنعا..  لكن الرحيبى اثار نقطه  وماذا بخصوص توصية خروجه فى التلفزيون ؟؟ تساءل بوزيد (خيرها ؟؟) قال الرحيبى ان ذلك يتطلب ان يكون ادريس فى الخارج.. قال ابوزيد ان ذلك ليس ضروريا يمكن ان تأتى الاذاعه هنا ونجهز لها مكان تجرى فيه مقابله معه  أضافة الى أن الجهاز لديه امكانيات التصوير ويمكنه القيام بذلك وتسليم الشريط للأذاعة..!!... قال الرحيبى بان ذلك خطأ ولا ينبغى ان يحدث لان ذلك يبدوا وكانه انتزاع كلام من شخص موقوف... علقت انا (وخاصة اذا كان الكلام فى صيغة الاعتراف بالذنب والاعتذار للقياده... صرخ ابوزيد بصوت عال (مش ممكن هذا يصير.. انا هذا رفضت يديروه لجماعة المقاتله واصريت ان يلغوه..) قال الرحيبى ان كان ولابد ينبغى ان يكون الكلام فى اطار الدعوه الى حقن الدماء ونبذ العنف من كل الاطراف بما فيها واولها الدوله والدعوه لحوار وطنى شامل لايقصى احد... اجاب ابوزيد نعم هذا هو المطلوب الان... من الجميع ويجب على ادريس ان يقوله لانه فى مصلحة الوطن... وعلى كل حال لنترك ذلك الى وقته... ثم دعانا للانتقال الى الصالون.

جلسنا واحسست ان الوقت مناسب للحديث معه لمعرفة تقييمه لما يجرى وموقفه منه... (وقد يكون من الواجب ان انقل خلاصات ما علق بالذاكره من تلك الجلسه للتاريخ وللامانه ولانصاف هذا الرجل).. قلت بالرغم من وجودنا فى هذا المكتب الرسمى.. اريد ان اسالك كابوزيد المواطن والمثقف السياسى الوطنى... ما رأيك فيما يجرى ؟؟؟ وقد لخص ابوزيد رأيه بالتعبير عن قناعته بان الاحتجاجات والمظاهرات لها اسبابها الحقيقيه ومبراراتها التى تستند الى كم هائل من السلبيات والخلل فى بنياننا السياسى وتركة كبيرة جدا من الفساد المالى والادارى المتراكم... مؤكدا بان رأيه هذا ليس الان فقط بل هو قديم ومعروف ومعبر عنه علنا فى مواقف عده وقدم به مذكرات مفصله لمن يعنيهم الامر صوتا وكتابة منذ سنوات وفى مواقف ومفاصل عده... لكنه يعتقد ايضا ان اى حدث ما لايمكن ان نراه فى حدوده الضيقه وبمعزل عن زمانه ومكانه والعوامل المحيطة به....وبذلك فانه يعتقد ان التعاطى مع مايجرى فى ليبيا الان لن يكون معزولا عما يجرى فى المحيط الاقليمى خصوصا ما جرى فى تونس ومصر وذلك ما يفيد – ووفق معلومات مؤكده – بان قوى دوليه استعماريه متحالفه مع تيارات محليه اقليميه تسعى لاستثمار وتوظيف هذه الاحتجاجات والمظاهرات وتوجيهها لانتاج اوضاع تخدم مصالح هذه القوى ولا تخدم مصالح الوطن والشعب  وهو على اساس هذه القناعه يرى ان وقف العنف وتجنب الصدام الدامى والمحافظة على كيان الدوله والانطلاق فى حوار وطنى عام بغرض تحقيق اصلاحات جذريه وحقيقيه هو السبيل الانجح لتحقيق مطالب الشعب وهو ما يضمن عدم الانجرار الى نتائج وخيمة قد تهدد وجود الوطن من اساسه... مشيرا الى ان وضع ليبيا ككيان هو وضع هش من الناحية الاجتماعيه الديموغرافيه  وطبيعة اتساعها الجغرافى وقلة عددها السكانى مما يخلق مسافات كبيره تفصل بين مراكز التجمعات السكانيه خاصة فى الجنوب واذا ما اخذنا فى الاعتبار مصالح ومطامع الغير فيها اما لثرواتها او لحجمها الجغرافى ولن تكون خارطة ليبيا هى اول ولا اخر خارطة تتغير بل لعلها الاكثر سهولة فى تغييرها... لم نكن محاورين فى هذه الجلسه بقدر ما كنا مستمعين وبرغبة شديده فى التعرف الى وجهة نظر شخصية لها قيمتها سياسيا ورسميا ايضا  واعتقد ان اهتمامى بما قيل وقتها جعل قدرتى على ان اتذكره بكثير من الدقة ممكنا.

مر يوم 20 و21 فبراير  لم نزر المسمارى... ومع ظهر يوم 22 كان واضحا ان الامور قد صارت تتجه لمزيد من التأزم  بعد انتفاضة الزاويه وما حصل بطرابلس يوم 20 ليلا... لذلك ساورنى القلق حيال وضع المسمارى  وان ما اعتبرناه مكانا امنا صار فى ضوء هذه الاوضاع مكانا خطيرا اذا ما قرر النظام او طرف منه تصعيد العنف وقد يكون السجناء اقرب للتصفيه فى اى لحظه..... اتجهت الى منزل الرحيبى  لاصارحه بهواجسى فوجدته على ذات القدر من القلق والهواجس فقررنا الاتصال بالاستاذ ابوزيد لطرح فكرة خروج المسمارى الى بيوتنا مرة اخرى.....  وفعلا قام الرحيبى بالاتصال بابوزيد مستفسرا منه عن حال ادريس... ويبدوا ان ابوزيد كان يحمل ذات الفكره حيث افادنى الرحيبى بان ابوزيد قد بادر بالقول يمكنكم الذهاب الان ليخرج معكم وستجدون عبد السلام حموده فى انتظاركما حيث سابلغه الان بذلك   وقد كان ابوزيد خارج الجهاز... وبالفعل توجهنا الى مكتب عبد السلام حموده الذى وجدناه فى انتظارنا.... وطلب منا الجلوس ريثما يتم احضار المسمارى... اجرى اتصالا ثم لاحظنا عليه الغضب والانفعال حيث بدأ فى اتصالات سريعة اخرى سمعنا فيها جملا تعبر عن التأنيب لمن يتصل بهم ويطلب منهم التحرك السريع والتصرف... كان ذلك كفيلا بان يتملكنا القلق والخوف مما يحدث واذكر ان الرحيبى وقف من كرسيه هاتفا بعبد السلام حموده (طمنا ياعبد السلام شن اللي صار...) قال عبد السلام (هؤلاء الحمير طلب منهم البارحه احالة الموقوفين من الليبيين الى سجن الرويمى التابع للأمن الداخلي... فاخذوا معهم حتى ادريس دون ان يفطنوا الى وضعه وعلاقته بالأستاذ- يقصد ابوزيد - وشخص اخر ليبى  - عرفنا فيما بعد انه الاخ محمد سحيم الفتى النقى حقا وقد امر الاستاذ ابوزيد باطلاق سراحه بعد مده والتقينا به فى طرابلس التى بقى بها الى ما بعد يوم 20 / 8 -  دون ان يكونوا مشمولين بالامر) هنا اذكر ان الرحيبى قال (هل صاحبنا ملحوق ويمكن استعادته؟؟؟) اجاب عبد السلام بالايجاب لكنه اشار الى ان من بالرويمى سخفاء ومعاملتهم سيئه.... وهنا شعرنا بقدر من الراحه... بقينا ننتظر مدة حتى حضر ادريس  وعانقناه جميعا واعتذر له عبد السلام حموده شارحا الخطأ الذى حدث... واذكر ان ادريس كان مبتهجا لنجاته من سجن الرويمى خاصة بعد ان ادرك اننا قد جئنا لكى يخرج معنا.... واخبرنا عبد السلام حموده ان الاستاذ ابوزيد فى الطريق وانه طلب منا الانتظار حتى حضوره... انتقلنا انا وادريس والرحيبى الى غرفة اخرى صغيره بها صالون جلسنا ولم تمض دقائق حتى حظر ابوزيد... الذى اتجه لادريس مصافحا معبرا عن اسفه واعتذاره الشديد لما حدث له وانه قد تم اتخاذ الاجراء تجاه من ارتكب هذا الخطأ... ثم اصر على بقائنا لتناول وجبة غداء رغم ان الوقت تجاوز العصر تقريبا.... وتغدينا معا وجاء شخص اخر قدمه ابوزيد على انه نائب مدير الجهاز وهو من بنغازى... وما ان انتهينا من الغذا حتى كان الاذاعه قد باشرت نقل كلمة القذافى... التى استمعنا اليها.... ثم انصرفنا... عند خروجنا لحق بى احد العاملين بمكتب الاستاذ ابوزيد وهو الأستاذ علي المقطوف ((والذى عرفنا أنه يعمل مع الأستاذ ابوزيد منذ كان محافظا فى مطلع السبعينيات وأنتقل للعمل سكرتيرا خاصا له فى جميع المواقع التى تقلدها)).. بيده مظروفا منتفخا به مبلغ مالى ليقول هذا أمر الاستاذ بصرفه لادريس لينفق منه حيث انه لايستطيع العوده الى بنغازى بعد ان قطع الطيران..فقلت له أمام الرحيبي وامام الأستاذ ابولقاسم حسن الى كان نقيبا للمعلمين  وعمل بعدها مديرا لشركة المناطق العشوائية وكان صديقا لدوردة وكان ساعتها يقف بالممر صدفة وتوقف لمصافحتنا.. هذا أدريس امامك واعطيه امانته فتسأل ادريس ما هذا فقال له المقطوف هذه من الأستاذ ومد يده بالمظروف السمين فنظر ادريس الي وللرحيبي فأشار له الرحيبي بأيماءة تعنى الموافقة فأخذه ودسه فى جيب بنطلونه الخلفى وهو يتمتم :اشكر الأستاذ من فضلك ماكانش ليه لزوم... وليس بوسعى تقدير كم كان هذا المبلغ سوى ان المظروف الاصفر المتوسط الحجم كان يكاد يكون مستطيلا من الأمتلاء... (ولست ادرى لماذا يصر المسمارى على عدم استلامه للمبلغ فى سيرته التى روى وهو يعلم ان استلامه للمظروف كان امام شهود احياء).

بعد مرورنا على مكتبى بالهيئه العامه للصحافه حيث وجدنا السيد نورى الحميدى امين الثقافة الذى رحب بادريس وحضور عدد من الزملاء والصحفيين من بينهم الأستاذ عبد الرزاق الداهش الذى سألنى ماذا يفعل هذا هنا فأجبته هذا صديقي.. خرجنا الى منزل الرحيبى حيث قررنا ان نقضى الليل به... حكى لنا ادريس عن تجربة نقله من الخارجى الى الداخلى ليلا ليبيت هناك فى سجن الرويمى ليلته ويعود بعد ظهر الغد اذكر انه تكلم عن استيلاء السجانين على هاتفه المحمول وعلبة سجائره وأنه حجز فى غرفة بها نزيل اسمر البشرة كان يخبط رأسه على الجدار ويصرخ طوال الليل وأنه أثناء دخوله صفع على عنقه... لكنه لم يتحدث اطلاقا عن تلك الاساطير التى يوردها فى سيرته من محاولة لاغتصابه؟؟!!!.. اذكر ان المسمارى حكى لنا بالتفصيل عن احداث تلك الليله التى اتصل فيها بالجزيره وانه كان فى وضعية سكر عندما ذهب مع الماقنى والترجمان الى مكان المظاهره حيث تملكه الحماس فنزل والتحم بها ثم خطرت عليه قناة الجزيره فطلب من صديق مصرى فى القاهره ان يربطه بقناة الجزيره... كما اذكر اننا قد تحدثنا عن الاوضاع وما يجرى وما نتوقعه على ضوء خطاب القذافى الهجومى... كرر الرحيبى توقعاته بشان دموية المشهد وتوقعاته حول الحجم الكبير من الضحايا الذين سيسقطون  وتبادلنا النقاش حول اهمية دعم اى توجه نحو الحوار والتعاطى مع العناصر القابلة لذلك فى النظام خاصة وان الاوضاع فى بنغازى بعد سقوط كتيبة الفضيل وانحسار نفوذ النظام عن المنطقة الشرقيه من الوطن...  تقدم موقعا قويا بدرجة او باخرىلمثل هذا الحوار.. كما اذكر ان المسمارى لم يكن مخالفا او معترضا على ذلك باى شكل من الاشكال... كما اذكر ان النقاش قد تطرق الى مسالة الاذاعه وخروج ادريس عليها وكنا متفقين على ان المسأله ليست فى عملية الظهور على الاذاعة من عدمه بقدر ما تكون الاهميه فى مضمون ما يقال معتبرين ان تجاوز مسالة التسجيل مع ادريس داخل الجهاز يعتبر مكسبا يمنح الان فرصة لترتيب ما ينبغى ان يقال وان يكون لصالح الوطن.. وتم اتفاقنا جميعا على ان صيغة الخطاب لن تكون الا فى حدود نبذ العنف ورفض التدخل الأجنبي والتأكيد على الوحدة الوطنية والدعوة الى الحوار الذى لايستثنى احدا مع الاشاره الى وجود المطالب العادله لدى الجماهير تجاه ما تعيشه من اوضاع مترديه يقر بها الجميع بما فيهم قيادات النظام.... وخوفا من الانفراد بادريس فى هكذا موقف تطوع الرحيبى بان يشترك معه فى هذا اللقاء حتى يتعاونا فى ادرة دفة الحديث وتجنب اى محاولة لاستثماره من قبل السلطه.... فى صباح اليوم التالى ذهبت ومعى ادريس الى الفندق حيث طلب ان يقيم فيه وتركته هناك لاذهب الى مكتبى على ان نلتقى مساء... (يروى المسمارى فى سيرته بانه وجد الفندق مقفلا  وانه اتصل  بصديقه المصرفي رضا بن موسى الذى سبق وان حذره – كما يروى من رفقته لى وللرحيبى!! لكن السيد رضا لم يحضر اليه فاضطر الى ان ياخذ تاكسى ليأتى الى مبنى هيئة الصحافه...  وهنا قد يجدر التساؤل... مادام المسمارى على حذر منا وقلق من رفقتنا فلم لم يذهب بالتاكسى الى السيد رضا...؟؟ على الاقل ليناقش معه محاذير رفقته لنا ويبحث سبل الابتعاد عنا... كما فات المسمارى ان ينتبه الى ان مايوحى به من كونى انا والرحيبى مكلفين بمراقبته وابقائه لدينا كاقامة جبريه لايستقيم مع ذهابه للفندق حسب رغبته؟ وكنا اصررنا على ان يبقى فى احد محبسيه الجبريين عندى او عند الرحيبي!!!)... على كل حال قد لايكون من المفيد مناقشة تخرصات وتهاويم المسمارى كما وردت فى سيرته.... لان تناقضاتها كانت بينة كما تمت الاشاره فى بعض من هذه السطور.

عند المساء حضر المسمارى الى الهيئه وحدثت وقائع رحلته او معركته الكبرى مع الاذاعه – وقد اوضح الرحيبى تفاصيلها فى افادته ومما يحمد الله عليه ان ثمة شاهد اخر لازال حيا وهو – عبد المنعم اللموشى على تلك الوقائع – لتنتهى تلك المعركه المسماريه وفق عبارة (مشينا وجينا سالمين) ويبقى المسمارى بعدها شهورا دون ان تبحث عنه اجهزة الدوله لتطالبه بدفع الثمن المتفق عليه مقابل اطلاق سراحه (الذى جعله المسمارى فى سيرته صفقة مقابل خروجه فى الاذاعه)... وان تلزمه بالخروج على الشاشات... اننى اؤكد هنا بجزم ويقين كامل ان لا احد فى الدولة الليبيه كان يطارد المسمارى او يتابع حركته (حتنى لقائه مع محمود السوكنى الذى جعله المسمارى ضابطا فى الامن عند خروجه من منزل الرحيبى كان بمحض الصدفه وقد جاء لمكتبى ليخبرنى بالواقعه وبحضور الرحيبى ولم يكن السوكنى يعلم بوجود المسمارى لدى الرحيبى وكان كل ما يعرفه انه خرج من السجن ويعتقد انه غادر طرابلس....) لقد كان تخوفنا على المسمارى من ان يلتقى باحد ممن نعرف ويعرف من عناصر اللجان الثوريه الذين فد يدفعهم الحماس والتشنج الثورى لايذائه  اما الدوله على ما نعلم من الوقائع فلم تكن تتابعه او تود اعادته للسجن ولم يكن اسمه ممن ادرجو فى قوائم الممنوعين من السفر... بدليل انه وكما يصرح فى سيرته بانه قد غادر الحدود وختم جوازه بسلاسة ودون ان يعترضه احد من اجهزة الدوله المتواجدة بالمنفذ برأس جدير وكلنا يعلم كم كانت الاجهزة الامنيه نشطة ودقيقة فى هكذا مكواقع وانها القت القبض على كثيرين خاصة فى تلك الايام الملتهبه

تعليق اخير

بالرغم من الكثير من سلوكيات وتصرفات ادريس المسمارى بعد توليه مهام مدير هيئة تشجيع ودعم الصحافه لم تدع عندى مجالا للدهشة او الاستغراب عما يصدر منه... لكنى لم استطع  مغالبة تساؤلى عن الاسباب التى تدعوه لتوثيق اكاذيبه وتوهماته فى كتاب سيبقى حجة عليه وليست له على مدى الايام...؟!!

كان السؤال مقار حيرة لم تدم طويلا فقد بددتها جمل وردت فى تلك السيرة عبرت عنها بشكل جلى تلك السطور الواردة فى الصفحه (274)حين يسرد مضمون مكالمة هاتفيه مع زوجته التى ازعجها كلام هاله المصراتى فى معرض هجومها على البوسيفى وانه قام بتشغيل المسمارى فى هيئة الصحافه...حيث يقول  ((كيف انهم يحاولون استخدامى جاهدين، وانا اناور لاكسب الوقت لانجو بحياتى دون التورط مع نظام خاطرت بحياتى قبل الجميع وكنت اول من اعلن للملأ خبر خروج الشعب لاسقاطه).... لن انتبه الى استغراب قد تخلقه سرديات المسمارى لمضمون هاتين المكالمتين وامكانية ان يتهور احد ليقول مثلها فى هاتف خلال تلك الايام  وفى اتصال مع بنغازى  ومتصلا عبر هاتفه بهاتف اخر من نوع الثريا دون ان يحسب حسابا للمراقبه والتعقب خاصة وانه مستمر فى استعمال ذات الهاتف...؟؟؟!! بقدر ما ساشير الى عبارة (خاطرت بحياتى قبل الجميع  وكنت اول...) فهذه العباره تكشف ان المسمارى قد وقع اسيرا لوهم القياده فهو قبل الجميع وأولهم...!! لذلك كان لابد ان ينحت ولو بالحبر المزيف مسيرة معاناته (...) ولان الاقدار لم تمنح المسمارى وقتا ليوظفه فى مسيرة القائد هذه  سوى اقل من ستة اشهر (اى بحدود 180 يوما باقصى تقدير) لم تصل فترة توقيفه فيها  حد الاسبوع... كان فى اغلبها اشبه بالضيف... فما كان منه الا ان يمطط تلك الايام القليله ليصبح فى الاقامة الجبريه لد ينا ويخوض معركته الضاريه مع محاولات النظام لاظهاره عبر الاذاعه... ولم ينس ان يطعمها فى النهاية بمشهد نضالى اخر تمثل فى اشارته العابره الى تردد بعض الاصدقاء عليه (دون ان يذكر اسمائهم  ربما من باب المحافظة على السريه حتى بعد انتهاء النظام!!) فى منزل نورى عبد الدائم ليحلل لهم الاوضاع ويحلل مسارات الثوره ووقائعها ووضع التصورات والخطط لما يمكن القيام به عند انتصار العاصمه وكيفية حماية المناطق الحيوية من الخراب والدمار الذى قد يقوم به النظام حالما يشعر بحتمية وقرب نهايته وانه رشح مبنى الاذاعه ومصرف ليبيا المركزى ومتحف السراى ومؤسسة الصحافه كاهم المناطق التى يجب الحفاظ عليها (ولعل الفضل فى بقاء هذه المؤسسات يعود الى خطط القائد المسمارى!!!) ويكتب المناشير  والتفكير فى كتابة صحيفه يوميه على شكل منشور من صفحة واحده... الخ (صفحه 284) وقد بدا هذا التفسير ما بدد دهشتى ومنحنى الاجابه عن دوافع تورط المسمارى فى تدوين مثل هذا الهراء الراشح بالزيف والتزوير والادعاء الاجوف؟؟؟؟

لست مكترثا كثيرا لما احتوته سيرة المسمارى ومحاولته  بناء اساطير نضال واوهام قيادة يتوهمها ويتخذ من شخصى وشخص الرحيبى وغيرنا سلما اليها عبر تشويه ما حملناه من اجتهاد فى التعاطى مع الأحداث التى شهدتها بلادنا  - وكانت مواقفنا واضحة تماما للمسمارى وغيره يشاركنا فيها اصدقاء وقد شهد المسمارى حوارات حولها - حدث بعضها   بمنزل الرحيبى - مع رفاق يعرفهم المسمارى كانوا يشاطروننا القراءة والتحليل لمايجرى والموقف الذى رأيناه اكثر موضوعية  وواقعية - بما فيها محاولة تشكيل الجبهة الوطنية الديموقراطيه كجسم وطنى-معارض يعلن داخل طرابلس ويقدم رؤيته ومقترحاته لحل الصراع على اساس وطنى يتضمن مجمل المشهد السياسى الليبى.. وفى سياق موقف واضح من مسالة التدخل الخارجى التى رايناها تصادر فعالية القوى الوطنيه فى رسم مستقبل الوطن - حيث ان المسمارى كان على علم بتفاصيله سواء عبر حضوره لبعض الحوارات بمنزل الرحيبى او غيره وبوجود اصدقاء ورفاق يعرفهم المسمارى ولم يذكرهم فى كتابه... وكنا نؤكد على الدوام لمن اختلف معنا فى الاجتهاد من اصدقاء ورفاق اننا نملك من الشجاعه ما يجعلنا نعترف بخطأ اجتهادنا اذا ما اثبتت الايام قصورنا فى ماذهبنا اليه ولنترك التاريخ وقادم الايام ليحكم فى ما اختلفنا حوله... لكننى لن اخفى مقدار المرارة التى اشعر بها عندما ارى انسانا عرفته يوما يهوى الى مثل هذا المنحدر من التزوير والتشوه القيمى المقزز.

ومادمت فى اطار التعجب لابد من الأشارة الى أن المسماري قال فى ندوة عقدت على (شرفه) فى المكتبة الوطنية ببنغازي عقب عودته اليها أنه أضطر خلال اقامته فى طرابلس للعمل راعيا للغنم ومزارعا لسد قوت يومه !! نقل الي هذا الكلام السيد مختار الجدال عضو المجلس الأنتقالي وكان حاضرا فى تلك الندوة.. مثلما نقل الي أنه حضر جلسة مع السيد امحمد المقريف والسيد عيسى عبد القيوم عرف خلالها أن المقريف كان يرسل أموالا للمسمارى فى القاهرة لدعم مجلة عراجين وأن عبد القيوم نقل بعضها شخصيا له.. مصدر التعجب أن المسمارى لم يشر لذلك فى تخرصاته وأواهامه المطبوعة ولعل ذلك يرجع الى ما يتمتع به وفاء لنورى عبد الدايم الذى اقام  بعض الوقت ببيته بمنطقة  قمارا بجنزور وكانت لديه معزة وخروفين كانا  يفتحان لها الباب للرعي امام البيت.. وكانت لدى عبد الدائم مساحة لا تتجاوز العشرة امتار داخل فناء البيت يزرعها بالفلفل والبقدونس.. وهناك أحترف المسماري مهنة الرعي والزراعة.. وهنا فى هذه الكتاب أحترف الكذب والبهتان بأمتياز لا يضاهى.

.... ولكن يبقى فى كل الاحوال التاكيد بأنى  لست نادما – واحسب ان اخى وصديقى على الرحيبى كذلك – على ما قمنا به من جهد تجاه ضمان سلامة المسمارى واخراجه من التوقيف واحتضانه فى بيوتنا كاخ وصديق فقد كان ذلك واجبا لابد ان نقوم به دون منة او مزايده.

 

[email protected]