العملية الإرهابية الثالثة في المسار الإنتخابي الحالي، بين التشريعية منه والرئاسية، جدت الليلة البارحة، وكانت الأكثر بشاعة!

في العملية الأولى بوادي الليل، استُشهد رجل أمن. وفي العملية الثانية، التي تمثلت في هجوم مسلح على حافلة للجيش في جهة الكاف، كان الذين سقطوا شهداء فيها، شبابا من من أبناء الجيش الوطني. وفي عملية البارحة طالت يد الغدر وكيلا في الحرس الوطني، بمنطقة الطويرف بجهة الكاف أيضا، حسب الأنباء الأولى التي وردت عنها!

فإذا تزامنت العملية الأولى مع بداية الإنتخابات التشريعية، وتمت الثانية مع اختتامها، فما دلالة توقيت عملية اليوم؟

هي فاصل بين دورين من الإنتخابات الرئاسية ؟ إن كان الأمر كذلك، فلماذا الآن وليس بمجرد الإعلان عن نتائج الدور الأول؟ طيب، إن كان ذلك ليس كذلك، فما المغزى من اختيار تاريخ اليوم بالذات لاقتراف هذه الجريمة ؟

هناك أربعة عناصر على الأقل يمكن أن تكون العملية الإرهابية جاءت لتقدم إجابتها عليها، وسأوردها بلا ترتيب.

أول العناصر الندوة الصحفية التي أُعلن أن الباجي قايد السبسي رئيس حركة نداء تونس ومرشحها للإنتخابات الرئاسية، سيعقدها اليوم، وقد استدعى إليها عديد الشخصيات الوطنية، قيل إن من ضمنهم مناضلين قدامى، حتى من المنتمين للحركة اليوسفية التي تتهمه حركة النهضة وحلفاؤها بأنه كان المشرف على تعذيبهم.

ثاني هذه العناصر، تصريح الباجي قايد السبسي بالأمس أنه،مالم توضح حركة النهضة موقفها صراحة بالنسبة للدور الثاني من الإنتخابات الرئاسية بعدما مناورتها في الدور الأول، فلن يكون هناك تعاون معها في المرحلة القادمة، وطبعا لاتحالف معها، مؤكدا بأن التحالف لم يكن وارداً من البداية!ثم أبقى الباب مفتوحا، بشأن إمكانية التشاور أو التعاون في انتظار ذلك التوضيح..وقال "لانشتم المستقبل"(بدون شدة فوق الميم)!

ثالث العناصر هو الزيارة التي أُعلن عنها بالأمس، وقام بها اليوم الباجي قايد السبسي إلى الجبهة الشعبية. وهي زيارة قيل إنه وعد بالقيام بها منذ مدة! وقد ذكر في تصريح إثرها إنه يفضل وحدة الجبهة، على تصويتها لفائدته في الدور الثاني، وذلك حتى تضطلع بالدور المهم الذي ينتظرها في المستقبل! كما ذكر حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة أن اللقاء مع السبسي تناول الوضع العام في البلاد، ولم يقع فيه التطرق لمسألة الدور الثاني للإنتخابات الرئاسية!

أما العنصر الأخير، فهو يتعلق بالمقابلة التي أُعلن أنها ستجمع سليم الرياحي رئيس الإتحاد الوطني الحر برئيس الدولة المؤقت، والمرشح للإنتخابات الرئاسية والمار إلى الدور الثاني فيها. طبعا، المفروض إن تمت المقابلة في قصر قرطاج، أن تتناول مسائل غير الإنتخابات الرئاسية، لأن الرئيس المؤقت طرف فيها. وإذا هي تمت في مكان آخر فقد يكون موضوعها الدور الثاني من هذه الإنتخابات. فهل سيكون الأمر بهذه الشفافية؟ على كل، مابقي في البال أن زعماء من حركة النهضة كانوا اتهموا سليم الرياحي بالكذب وبأن لديهم وثائق تؤكد تمتعه بامتيازات في عهدهم. والله أعلم إن كان لهذا الموضوع دخل في محاور المقابلة أم لا! إضافة قصيرة فقط، الإعلان عن هذا اللقاء بين الرياحي والمرزوقي جاء بعد ساعات من تناقل أجهزة الإعلام خبر اعتزام سليم الرياحي وحزبه دعم الباجي قايد السبسي في الدور الثاني. وإن كان البعض قد ربط ذلك بشرط تعيينه رئيسا للحكومة. فهل كان ذلك مجرد جس نبض، ومارافقه كان من باب سوء الظن، والتنبير التونسي؟ إن كان ذلك كذلك، وهذا صعب، يكون القرار النهائي للموقع الذي سيختاره سليم الرياحي في الدور الثاني من الإنتخابات الرئاسية، مازال قابلا للتغيير!

المهم، هذه هي العناصر الأربعة التي تشابكت اليوم وتزامنت مع العملية الإرهابية. فحزروا فزروا أي واحد في الأربعة جاءت العملية ردا عليه؟ أم هل هي رد على ثلاثة منها، وتعزيز لجانب رابع؟

هو في الواقع هناك عنصر خامس، ولكن ليس مؤكدا أنه سبق العملية الإرهابية، وهو المتعلق بخبرٍتحدث عن رفض المحكمة الإدارية بتونس العاصمة، شكلا، الطعون التي تقدم بها المرشح لرئاسة الدولة، محمد المنصف المرزوقي!

ولذلك أعفيكم من شغل بالكم به، الآن!