• حزب النهضة، بتقييم موضوعي، فشل في إدارة شؤون الدولة وألحق بها أضرارا يتطلب إصلاحها سنوات وسنوات!

• حزب النهضة متهم من شرائح واسعة من المواطنين، العاديين منهم والمثقفين، بضلوعه في غرس شوكة الإرهاب في خاصرة الوطن وإفشال اي مسعى لآفتلاعها. أو على الأقل بتهاونه في الوقوف في وجه هذه الآفة من البداية! 

• حزب النهضة متهم بالتآمر مع دولة أجنبية، منذ سنوات سابقة لشهر ديسمبر 2010، من أجل شراء ذمم أطراف نافذة في المجتمع ولَيِّ رقبة الأحداث التي عقبت آواخر ديسمبر 2010 وشهر يناير 2011 حتى تسير وفق الخطة المرسومة. ثم ضخ المال بسخاء لاعتلاء صهوة الفرس الجامح، المسمى الديمقراطية ، وسط جهل مطبق بأغوارها، أوطيبةٍ لحد الغباء، من كثير من السياسيين وأحزابهم .

• حزب النهضة بزعاماته، تبعا لهذا ولما سبق، مهدد بالمحاكمة ، إن لم تكن قضائية فستكون شعبية، ولكن بوسيلة وحيدة، تلك التي ضحك بها على ذقون أبناء وبنات الشعب الكريم . ألا وهي .. الديمقراطية.. أي الإنتخابات!!

• حزب النهضة خسر ثقة نسبة كبيرة من الذين أعطوه أصواتهم في آنتخابات الثالث والعشرين من أكتوبر! ففي من سيثقون الآن ؟؟

• حزب التكتل، خسر رصيدا شعبيا مهما، تعب في الظفر به في العهد السابق، بتحالفه مع حزب النهضة وبتبريره لسياستها، بل وبالإنصياع إليها بدعوى الحفاظ على التوازن وإنقاذ البلاد من الفوضى. وكأن البلاد كانت في عهدهم هادئة البال ونائمة على فراش من حرير!

• حزب المؤتمر، أو بالأحرى رئيس هذا الحزب، الذي آستمد الحزب الوليد من مواقفه ضد النظام السابق شعبيته، مرَّغ سمعته في التراب وأصبح محل آستهزاء، خاصة نتيجة مواقف إعتباطية وارتجالية ولاتمت بصلة للأعراف الديبلوماسية، أضرت بسمعة تونس وزادت منسوب النكد على الشعب الكريم.

• الأحزاب الديمقراطية، برغم الجهد الذي بذلته من أجل توحيد الصفوف من هذا الجانب أو ذاك إلا أنها مازالت لم ترق بعد إلى ماتتطلبه المرحلة، وهو بالأساس إقامة جبهة تقدمية عريضة واسعة تعد نفسها وتعد الشعب للإستحقاقات الإنتخابية القادمة، لتحقيق جملة من الأهداف تبدأ بالثلاثة التالية :

1- التسجيل بالقوائم الإنتخابية

2- الإقبال على الإنتخابات بكثافة

3- عدم الوقوع في فخاخ الأحزاب الرافعة لراية التدين بعد أن تبين الرشد من الغي منذ آنتخابات الثالث والعشرين من أكتوبر 2011 .

صحيح ومشروع أن يكون هناك تخوف من أن أهداف سياسيات بعض الأحزاب أو الأطراف تختلف مع أساليب وأهداف سياسات أحزاب وأطراف أخرى، ولكننا لانطالب بزواج لارجعة فيه بينها. المطلوب إبرام عقد تحالف، أو على الأقل عقد تنسيق، مضبوط الشروط والإلتزامات والبنود ، وحتى مدة الصلاحية إن لزم الأمر.وإشهاد الشعب على تفاصيله!

لعل من أولى أولويات بنوده :

• الإلتزام بعدم التحالف أو التنسيق مع حزب النهضة وحليفيه، التكتل والمؤتمر، وأي حزب يستعمل الدين جواز مروردعائيا وآنتخابيا!

• الإلتزام بالتعاون الوثيق في لجان مراقبة وفرز الإنتخابات ، من أجل ضمان شفافيتها وعدم التلاعب بها، حتى وإن لم توجد بين جميع الأطراف الديمقراطية قوائم مشتركة!

• الإلتزام بآستقلال الوطن وعدم السقوط في ألاعيب أي مخطط أجنبي مهما كان إغراؤه !

لكن، قبل كل هذا وبعده، وحتى يثق الناخبون، على آختلاف مشاربهم، في وعود الأحزاب والتحالفات المتقدمة إلى الإنتخابات، ويقبلوا على صناديق الإقتراع، لابد من أن يلتزم كل من تلك الأحزاب أو التحالفات بأمر مهم :

• صياغة برنامج سياسي، إقتصادي، إجتماعي وثقافي، دقيق التحليل وتكون فيه الإلتزامات والتعهدات قائمة على الحجج والأرقام، من حيث مدة إنجاز المشاريع ونوعياتها ومبررات إحداثها والجهات التي ستستفيد بها وكذلك نوعية وعدد الأشخاص الذين ستعود عليهم بالنفع مع توزيعهم الجغرافي. إلى جانب التنصيص وبدقة على كيفية تمويل تلك المشاريع والمخططات. وقس على ذلك في مختلف المجالات، من تعليم وصحة وفلاحة وتجارة وثقافة، وغيرها.

على أن لايقبل ترشح أي حزب أو تحالف أو جبهة إلى الإنتخابات مالم يكن لديه مثل هذا البرنامج الدقيق، لامجرد شعارات ووعود عامة!

هل يمكن أم يصعب تحقيق ذلك؟

إذا كان ماوقع في نهاية 2010 ومطلع 2011 قد مثَّل فرصة ذهبية للشعب، كي يبني مستقبلا مزهرا، أجهضها السياسيون وغنمها المتاجرون، فإن الفرصة القادمة إن أُجهِضت هي الأخرى لاقدر الله فلن يغفر التاريخ للمتسببين في إجهاضها أنانيتهم، حتى لاأقول جرمهم!

 

كاتب صحفي تونسي مقيم في دبي