خلق الرب عز وجل للإنسان اطرافا للاستفادة منها فمنها ما تجلب له الرزق وآخرون الويلات الجسام ومن تلك الاطراف القدمان حيث يرتزق البعض بواسطتها ملايين الدولارات ,كما ان هناك العديد من الافراد من تجلب له انامله ذهبا "العازفون على الالات الوترية" او الكتبة وتأليف الكتب والروايات وغيرها من الاعمال الادبية التي تخلدهم, ومن  الاصابع من تلقي بصاحبها في غياهب السجون او تقوده الى حبل المشنقة او التفريط في بعض من ممتلكاته ان وقّع شيكا على بياض وذلك ما نسمع عنه كثيرا لطيبة العديد من البشر وان كانوا حذاقا فكم من اناس وقعوا في فخ اصحاب الفهلوة والضحك على الذقون.

الكثير من الشعوب تنتخب ممثليها في البرلمان عبر الصناديق"وفق الديمقراطية الغربية" علّها تحصل على بعض من احتياجاتها إلا ان اولئك المنتخبون سرعان ما ينسون من انتخبوهم ويسعون جاهدين الى تحقيق مصالحهم الشخصية, فهي فوق كل اعتبار وان الوعود الانتخابية ماهي إلا شرك "فخ" نصبه الساسة لاتهام ما تصل اليه ايديهم بل ما تقع عليه اعينهم وما ينتهي الى اسماعهم.

الليبيون, كغيرهم من البشر ليسوا بمعزل عما يجري حولهم من انتقال نحو الديمقراطية المنشودة وبناء دولة المؤسسات والحصول على مزيد من الحريات,التملك والعمل والتعبير عما يجول في الخاطر وانتقاد المسئولين بهدف تصويب المسار للمحافظة على المال العام وعدم اهدار مقدرات الدولة لتستفيد الاجيال اللاحقة.

انتخب الليبيون وبعد مخاض عسير(عديد القتلى والمعوقين والأرامل والمشردين) او لنقل انها عملية قيصرية, ممثليهم " القوائم الحزبية والمستقلون" في البرلمان وكلهم امل في ان يوفي النواب بالوعود التي قطعوها على انفسهم لصالح الشعب, وما على المواطن إلا تمريغ" صبغ" اصبعه بالحبر وسيكون ما بعد عملية الانتخاب ليس كما قبلها, سيكون هناك تحسنا ملموسا في الخدمات العامة من تطبيب وتعليم واستتباب الامور الامنية والتحول نحو الانتاج والقضاء جذريا على البطالة المقنعة ومن ثم القضاء على اوقات الفراغ التي كثيرا ما تساعد على انحراف الشباب .

والسؤال الذي يتبادر الى ذهن اي مراقب هل تحقق لليبيين ما كانوا يصبون اليه؟ او لنقل هل أوفى النواب بتلك الوعود المعسولة طوال عام ونيف من جلوسهم على الكراسي وتوليهم مقاليد الامور؟,الاجابة وبكل بساطة ودونما الاحتياج الى التمحيص او التحليل أنه لم يتحقق اي شيء لصالح الناس,بل ان النواب وبمجرد انتخابهم وإعلان فوزهم سارعوا الى البث في الرواتب والمهايا التي سيتقاضونها نظير اعمالهم الجليلة التي سيقومون بها والأولى بهم ان سعوا الى محاولة استتباب الامن في زمن كان الفرد يخرج من بيته ولا يدري ايعود سالما ام لا, فأقروا رواتب جد مجزية لا يتقاضاها إلا المسئولين في غرب اوروبا وأمريكا بينما رواتب البشر لا تكاد تغطي جزءا من اعباء المعيشة الاخذة في ارهاق كاهل المواطن,بل وجدنا المسئولين قد فتحوا سبلا جديدة للترفيه والتسلية بذهاب بعضهم في مهمات غير ذات جدوى,مؤتمرات متعددة التخصصات وأداء مناسك الحج والعمرة الى اماكن اخرى غير التي نعرفها والتي لا تحصى ولا تعد.

ايقن الشعب ان هؤلاء ليسوا اهلا للثقة التي منحها لهم, فهو يلعن ذلك اليوم الذي وقف فيه بالطوابير واتى بهؤلاء الطواغيت المجرمين,ايقن المواطن ان اصبعه هو من وضعه في هذا المأزق,انه وببساطة اصبع من الديناميت التي شلت يد صاحبها عن العمل,تمنى لو انه قطع ذلك الاصبع الذي مرّغ انفه في التراب وجلب له الاذلال والهوان,لم يحقق البرلمانيون اي شيء , لم يسعوا لأجل المصالحة بل يسارعوا الى انتخاب لجنة لكتابة الدستور وبالتالي فالدستور لم يوضع اصلا طوال هذه المدة,لقد طلعوا علينا بمهزلة التمديد لأنفسهم للاستمرار في سرقة اموال الشعب,فالبترول يباع من وراء الكواليس اما العوائد فتذهب الى حسابات اصحاب السعادة والفخامة والجلالة لتصرف على امراء الميليشيات التي تحافظ على سلامتهم في حلهم وترحالهم وتخويف الشعب.

كنا نعتقد ان الساسة قد اكتسبوا الشجاعة من تصرف اهالي طرابلس العزّل وسقوط العديد من ابناء المدينة بين قتيل وجريح ليخرجوا من تبقّى من تلك الميليشيات من المدينة وليضربوا بيد من حديد كل اولئك المتآمرين على الوطن الساعون في خرابه,انهم وللأسف اكدوا لنا المثل القائل: حاميها حراميها, يقول البعض متهكما على  رغبة النواب في التمديد: أن المسئولين كونوا "جمعية- نقود " فيما بينهم ويريدون التمديد الى ان تكتمل الجمعية, اي الى ان يأخذ كل واحد نصيبه "مائتي شهر على الاقل" فالشعب قد صبر الكثير فلم لا يصبر أكثر .

 فهل يصبر الشعب على هؤلاء ام يلقي بهم على قارعة الطريق ويجعلهم يعودون من حيث اتوا صاغرين .

يتبع الجزء الثاني

كاتب ليبي