حادثة مقتل عسكريين من قبيلة الفرجان كانوا بصدد حراسة محطة  سرت البخارية جاء ليضيف مأساة أخرى الى سلسلة المئاسي التي تتتعرض لها القبائل الليبية منذ نكبة فبراير ، وليؤكد أن فيضان الدم الليبي لا يزال هادرا نحو مستقبل أكثر قتامة وسوادا في ظل صمت دولي قاتل وتحالف خارجي واضح مع عصابات الإخوان والجماعات السلفية إضافة الى تمزّق للنسيج المجتمعي وتراجع لدور القبيلة  بشكل جعل القبائل تتعرض لمخطط مدروس يستهدف الإطاحة بدورها ومكانتها وتاريخها ومستقبلها 

قال الشعا العربي القديم : 

تأبى الرماح إذا إجتمعن تكسّرا 

وإذا إفترقن تكسّرت آحادا 

وهاهي القبائل الليبية تتكسر آحادا بعد أن تفرقت ، تتعرض للإختراق والإقتحام والتقتيل والتهجير وأسر رجالها وشبابها وحرق مساكل ومزارع أبنائها وتشتيت أسرها وعوائلها 

ومنذ أن تم العدوان الإجرامي على مدينة بني وليد في أكتوبر 2012 تنفيذا للقرار رقم 7 المشبوه الصادر عن المؤتمر الرطني العام المنهار ، دخلت ليبيا مرحلة التصفية المعلنة للرموز القبلية التي كانت تمثّل حصانة للمجتمع ودرعا واقيا للوطن و وكان هدف الدروع وميليشات مصراتة الإرهابية وتنظيم الإخوان مفضوحا وهو ضرب القبائل وتحييدها عن القرار الوطني وإخراجها من دائرة التخطيط لمستقبل البلاد ، على أن تحتكر الجماعات الدينية السيطرة على السلطة والثروة والسلاح في مجتمع لا يعترف في غالبيته القصوى بالأحزاب بقدر ما يخضع للفعاليات الإجتماعية وفي مقدمتها القبيلة 

بعد ذلك ، تم إستهداف القذاذفة والعجيلات وورشفانة والنوايل والفرجان وتم توجيه أنذار واضح لقبيلة ترهونة عندما تعرض آمر كتيبة الأوفياء بوعجيلة الحبشي للإختطاف ، وتعرض أبناء قبائل الشرق للإغتيال والإختطاف وخاصة في بنغازي ، وتعرض أبناء المشاشية والرياينة للتقتيل والتهجير ،وإتهم أمرآء الحرب القبائل في الوسط والغرب والجنوب بأنها لا تزال مؤيدة للنظام السابق ، وإستعملوا شعار محاربة الأزلام في تدمير مدن وقرى ، وتحولت مدن الساحل الغربي كمصراتة وحلفائها في زليتن والخمس والزاوية وصبرابة وزوارة والعاصمة طرابلس الى مصدر تخريب للمناطق القبلية ، وتورطت الزنتان في معارك طاحنة مع قبائل في الجبل الغربي ، وكان لقبيلة أولاد سليمان المتحالفة مع مصراتة دور في تقتيل أبناء قبائل أخرى في الجنوب ، ونجح شياطين الإنس في بث نعرة الفتنة بين التبو والطوارق مما تسبب في سيلان دماء غزيرة لا تزال تسيل الى اليوم 

في الأثناء تتعرّض الزنتان  الى حصار معلن وهي مستهدفة من قبل منظومة فجر ليبيا بعد تطور صراعها مع مصراتة وقد تتعرض لهجوم كاسح في أي وقت ، ومهما كانت قوتها فإن الزنتان لن تستطيع الصمود طويلا إن لم تجد دعما من بقية القبائل ولكن لتلك القبائل مؤاخذاتها على الزنتان أهمها أن قبيلة الزنتان لا تزال مترددة في موضوع تسليح القبائل ، وفي إتخاذ موقف مبدئي من الأحداث التي عرفتها البلاد طيلة الأعوام الأربعة الماضية ، ثم أن الزنتان تراخت ولم تسارع الى نجدة القبائل الأخرى التي تعرضت لحرب الإبادة من قبل الميلشيات الإخوانية ، وعندما قدمت ورشفانة دعما للزنتان في معركة المطار فوجئت بقوات القعقاع والصواعق تغادر ساحة المعركة وتترك ورشفانة الى مصيرها المؤلم والى تخريب مدنها وقراها وتهجير أهلها وإحراق بيوتها ومؤسساتها وقتل عدد  غير قليل من أبنائها 

لقد تفرّقت القبائل الليبية آحادا في حين إجتمعت كل قوى الشر في صف واحد للسيطرة على ليبيا إنطلاقا من مؤسسات الدولة ووصولا الى الهلال النفطي ، ولا يزال أبناء القبائل يعانون من التهجير والشتات في الداخل والخارج ومن الأسر في سجون الميلشيات ومن الإقصاء والعزل والملاحقة ومن القتل على الهوية في الشوارع والساحات ،وسيستمر الوضع على ما هو عليه طالما أن تلك القبائل لم تجتمع على كلمة واحدة وطالما أنها تراقب المشهد في صمت وينتظر كلّ منها دوره في ساحة العقاب الجماعي الذي تنفذه العصابات والميلشيات الإجرامية 

لا تزال القبائل تواجه هذا الوضع الى أن تستفيق الزنتان وتتخذ القرار المناسب