الشعب يريد أسقاط النظام، الشعب يريد تغيير الحكومة، الشعب يريد اسقاط الدستور، الشعب يريد ... الخ

لا أحد ينكر أو يستطيع أن يخفى حالة الحراك الشعبى و الشبابى بالتحديد ببداية عام 2011م مع حدوث ما سمى بالربيع العربى، بجانب أهتمام الرأى العام العربى و المواطن البسيط بمتابعة التغيرات و التطورات السياسية بالمنطقة، و المشاركة فى ممارسة العمل السياسى و الحياة السياسية و لو فى ابسط صورها بالذهاب الى صناديق الاقتراع و الانتخابات .

 

و فى نفس الوقت لا استطيع انا أو حتى غيرى حصر عدد المرات التى رددت فيها جملة الشعب يريد ... ، و ربما يدخل العرب موسوعة جينيس للارقام القياسية فى عدد الهتاف بتلك الجملة الشعب يريد . و بعد مرور شهور قليلة من هتاف الملايين لتلك الجملة حصدت تلك الشعوب حصاد ما هتفو به و ما أرادوه بسبب رؤيتهم المغيبة و سياستهم الساذجة و أفكارهم المراهقة حتى باتت دول الربيع العربى تعيش فى أجواء العصور الوسطى فكريا .

 

و بعد دخول دول الربيع العربى أو الربيع العبرى أن صح التعبير تخلصت دول من سيف التطرف و الجهل مثل مصر و هناك من يقاومها ببسالة كالجيش و البرلمان الليبي و بعض القبائل التى تنظر لملصحة و أمن و استقرار الوطن قبل مصلحتها الشخصية و هم يخوضو جميعا معارك شرسة ضد لقطاء الاصولية و من يمولهم من خارج ليبيا و من بعض الحكومات و الانظمة و الاقزام بالاقليم، و هناك من يشتعل بين الحين و الاخر على صفيح ساخن كحال تونس دون الذهاب الى أى نقطة حسم، و هناك ما كان اسير نتيجة تفهمات و مساومات و صراعات دولية كسوريا، و هناك من ذهب مع عواصف الربيع العبرى و عاد الينا بخريف فارسي كحال اليمن .

 

و فى لحظة من اللحظات التى تعيشها الامة نتيجة تراكم العديد من طبقات الجهل و التطرف و الفقر صار تنظيم الدولة الاسلامية بالعراق و الشام المعروف بأسم داعش حلم للعديد من الشباب فى وطنا العربى و كأنه فريق رياضى يسعى النأشيئ الانضمام للاحتراف بصفوفه، حتى رأينا كم الشباب الذى تم تجنيده من جميع دول المنطقة، حتى جاء المشهد الكارثى بكل وضوح بمدرجات أستاد المغرب عندما رفع شباب رابطة مشجعى نادى الرجاء البيضاوى المغربى لافتة لتأييد و دعم داعش أثناء مبارة فريقهم مع فريق الدفاع الحسني الجديدي، و هى ليست المرة الاولى التى يحدث فيها ذلك ببلادنا فسبقها واقعة بنفس الشكل بملاعب تونس، بعد أن ظهر العديد من شباب مشجعى فرق النجم الساحلى و الترجى بالعام الماضى و هم يرتدو تيشرتات تحمل صور أرهابيين مثل أسامة بن لادن و خطابى و عبد الله عزام و غيرهم من أصحاب الفكر القاعدى، و حدث و لا حرج عن كم الازمات التى تسبب فيها روابط مشجعى الكورة بمصر، حتى باتو أحد أجنحة الفوضى الاساسية للربيع العبرى بمصر .

 

حقيقة الامر جميع شعوبنا هتفت الشعب يريد ... بما فيه الكفاية، و تكلمنا و تغنينا بأمجاد الماضى لما يكفي لمئة سنة قادمة و ربما أكثر، و لكن لم نعمل بعد، لم نتحرك خطوة واحدة نحو المستقبل بشكل و منهج صحيح، لقد دفعت دول الربيع العربى و باقى دول المنطقة ثمنا غالى، و قدمت شعوبنا فاتورة باهظة الثمن نتيجة أبتعاد أذن الحكام و الروؤساء عن الشعوب، و دفعت ثمن أغلى نتيجة جهلها و ساذجتها بعد أن أصبح لديها الارادة الحرة و حرية الاختيار، و علينا الان جميعا سواء من كانو فى السلطة الحاكمة أو الشعوب و خاصة الشباب و الاجيال التى ستحمل راية القيادة فى المستقبل أن تتعلم من أخطاء الماضى، و تدرك ما سبب أرتكاب كل تلك الاخطاء التى لن يسامح فيها التاريخ أحدا منا أبدا، و أن لم ندرك أخطائنا حتى الان رغم مرور كل تلك الكوارث التى حلت على المنطقة و معرفة حجم أخطائنا فسنراها و نستشعرها بكل حواسنا عندما يحصد أبنائنا فى المستقبل المر نتيجة ما أرتكبنا فى وقت لا ينفع فيه الندم .

علينا الاعتماد على انفسنا و عدم الاكتفاء بالاطمئنان على المخزون الذى يقع بباطن الارض و النوم بجوار أبار البترول و النفط و حقول الغاز الطبيعى، فعلينا أستخراج ما بداخل عقولنا و مشاركة باقى دول العالم فى دفع عجلة الزمن الى الامام و نحو مزيد من الرقى و التطور و التحضر .

لقد هتفنا كثيرا الشعب يريد و علينا الان أن نصغي الى ما تريده أوطاننا التى ظلمناها كثيرا بكسلنا تارة و بجهلنا تارة أخرى .

 

 

الكاتب و المحلل السياسى بمركز التيار الحر للدراسات الاستراتيجية و السياسية

[email protected]