قبل أيام قليلة من الذكرى الثامنة والخمسين لتأميم قناة السويس أهم ممر ملاحي في العالم أعلن الرئيس المصرى " عبد الفتاح السيسي " عن بدء تنفيذ مشروع تنمية محور قناة السويس و إنشاء قناة جديدة موازية لقناة السويس بإجمالي طول 72 كيلومترا منها 35 كيلومترا حفر جاف و37 كيلومترا توسعة وتعميق و إجمالي التكلفة التقديرية للحفر بالنسبة للقناة الجديدة ستتكلف حوالي أربعة مليارات دولار .

و تعد تلك الخطوة قفزة كبيرة للاقتصاد المصري، حيث سيوفر ذلك المشروع وفقا للتقديرات الخبراء مليون فرصة عمل و يدر إيرادات قد تصل إلى 100 مليار دولار سنويّا .

وتتناول الخطة التنفيذية للمشروع بوجه عام تنفيذ 42 مشروعًا، منها 6 مشروعات ذات أولوية وهي مشروعات تطوير طرق القاهرة/ السويس - الإسماعيليةبورسعيد إلى طرق حرة للعمل على سهولة النقل والتحرك بين أجزاء الإقليم والربط بالعاصمة، وإنشاء نفق الإسماعيلية المار بمحور السويس للربط بين ضفتي القناة شرقها وغربها .

كما يتضمن المشروع أيضا إنشاء نفق جنوب بورسعيد أسفل قناة السويس لسهولة الربط والاتصال بين القطاعين الشرقي والغربي لإقليم قناة السويس، بالإضافة إلى تطوير ميناء نويبع كمنطقة حرة .

وضمن المشروعات التي سوف يتم البدء فيها إقامة نفق تحت قناة السويس يعد الأكبر من نوعه في منطقة الشرق الأوسط يتسع لأربع حارات، وإقامة مطارين و ثلاثة موانئ لخدمة السفن، ومحطات لتمويل السفن العملاقة من تموين وشحن وإصلاح وتفريغ البضائع، وإعادة التصدير بما يضاعف عائد قناة السويس من خلال إقامة مشروعات لوجيستية كبرى وإقامة وادي السيليكون للصناعات التكنولوجية المتقدمة ومنتجعات سياحية على طول القناة، إلى جانب منطقة ترانزيت للسفن ومخرج للسفن الجديدة مما سيؤدي إلى خلق مجتمعات سكنية وزراعية وصناعية جديدة.

 

بتأكيد محور قناة السويس خطوة أقتصادية هامة فى مشوار الرئيس الجديد "  عبد الفتاح السيسى " و حقبة هامة فى تاريخ مصر المعاصر بعد ثورة الثلاثين من يونيو، و استراجاع مصر لامنها القومى و أمن امتها العربية بعد التخلص من سيوف الغرب التكفيرية بمصر و باقى المنطقة فى المستقبل القريب بأذن الله، و بعيدة عن ضخامة المشروع و الايجايبات التى ستعود به على الاقتصاد المصرى و حجم التبادل و التجارة العالمية و ما سيحدث جذريا من تغيير شكل قناة السويس و مدن القناة الثلاث الاسماعيلية و السويس و بورسعيد، بجانب الثورة التى ستحدث فى عالم الموانئ و النقل البحري، كان لذلك المشروع أهداف أخرى غير أهداف التنمية المعلنة للجميع، و رسائل صدرت من خلال التوقيت الزمنى للاحتفال او من الكلمة التى القاها الرئيس " عبد الفتاح السيسى " أثناء الاحتفال بأفتتاح المشروع .

 

اولا : جاء توقيت الاحتفال بالتزامن مع أنعقاد المنتدى الامريكي الافريقي للتنمية الاقتصادية و هى القمة التى أعلنت مؤسسة الرئاسة المصرية بعدم حضور الرئيس المصرى بعد تلقى الدعوة من واشنطن مباشرة و ناب عن الرئيس المصرى رئيس الوزراء المهندس " أبراهيم محلب "، و حقيقة الامر لم تعطى القاهرة أدنى أهتمام لدعوة الرئيس " باراك أوباما " .

 

ثانيا : جاء مشروع محور قناة السويس بهذا الشكل و الحجم الهائل من تغير فى الخريطة المائية للقناة كضربة قاسمة لمشروع القناة العبرية الموازية لقناة السويس التى كانت تخطط تل أبيب لانسائها بأقانة قناة بيبلانشائهاتبدء جنوبا من ميناء ايلات المطل على البحر الاحمر و تنتهى شمالا عند ميناء حيفا المطل على البحر المتوسط، كذلك أنهى مشروع محور قناة السويس حلم وزير المواصلات السابق و الخارجية الحالى " أفيجدور ليبرمان " منذ عام 2004 م  وقت ما كان يشغل منصب وزير المواصلات و هو مشروع أنشاء خط سكة حديد برى يربط بين مدينة أيلات جنوبا و مدينة أسدود شمالا بتكلفة تفوق المليار دولار، وأعلن " بنيامين نتنياهو " الذى كان رئيسا للحكومة الإسرائيلية فى 2004، تفاصيل المشروع فى مؤتمر صحفى وقال نصا وقتها: إن هذا المشروع البرى سيكون بمثابة قناة السويس الإسرائيلية لكون المشروع يمثل جسرًا بريّا جديدًا وهمزة وصل بين الموانئ الإسرائيلية المطلة على البحر الأحمر وميناء أسدود المطل على البحر المتوسط .

و بتأكيد جاء مشروع محور قناة السويس كالكابوس على أحلام أخر حكومتين على أسرائيل و هذا ما أكدته الصحف الاقتصادية فى إسرائيل والقناة الأولى بالتلفزيون الإسرائيلي بأن قرار مصر المُباغت بتنفيذ هذا المشروع الضخم جاء كالصاعقة على تل أبيب .

 

ثالثا : تنفيذ مشروع قناة السويس بحجمه العملاق سيفرض على جميع الاطراف تعديل معاهدة السلام المعروفة اعلاميا باتفاقية كامب ديفيد لكى تصب فى مصلحة مصر، فبتأكيد سيكون فى المستقبل تواجد عسكرى مصرى أكثر داخل شبة جزيرة سيناء لحماية السفن المارة فى القناة .

 

لقد عبر خير أجناد الارض بمصر قناة السويس بعد تغلبهم على أكبر ساتر ترابى و خط بارليف المنيع و كسر هيمنة جيش الكيان الصهيونى فى حرب اكتوبر المجيدة يوم السادس من أكتوبر 1973م حيث كان العبور الاول، و فى يوم الخامس من أغسطس 2014م كان العبور الثانى حيث تعبر مصر الى مستقبل و غد أفضل لشعبها و أبنائها الابرار بتنفيذ مشروع محور قناة السويس الجديد .

 

 

 

الكاتب و المحلل السياسى بمركز التيار الحر للدراسات الاستراتيجية و السياسية

[email protected]