لم يكن مفاجئاً لي شخصياً أن يعود الشيخ "المعلب" يوسف القرضاوي إلى الواجهة لإعادة إنتاج فتاويه السياسية المغلفة زوراً وبهتاناً باسم الإسلام، فكل المؤشرات كانت تقود إلى أن هذا "الشيخ المعلب" هو جزء من لعبة سياسية تقودها الدوحة من أجل دعم الإخوان وبرنامجهم للوصول إلى السلطة، والاستحواذ عليها بعد نحر الديمقراطية نحراً، وتقطيع أوصالها ارباً ارباً .

فتوى "الشيخ المعلب" الذي يخرج من العلبة متى شاء صاحبه ويدخلها متى شاء، ويطل برأسه متى شاء هذا الصاحب، فتواه عن الانتخابات الرئاسية المصرية القادمة وتحريم المشاركة بها هي جريمة بحق الإسلام قبل كل شيء، فالشيخ يوسف القرضاوي يحرم وبدم بارد المشاركة بالانتخابات الرئاسية المصرية، والسبب الذي ساقه لتبرير فتواه هذه أن السيسي استولى على السلطة بالطغيان والقهر، والحقيقة أنا منذهل من هكذا فتوى، فهل هناك انتخابات حلال وهناك انتخابات حرام؟ فالموضوع سياسي من الدرجة الأولى، فهناك من يقول إن هذه الانتخابات تناسبنا وهي شرعية وهناك من يعارضها ويرفضها، لكن ما علاقة الله والدين الإسلامي بالموضوع ؟

إنه أمر خطير للغاية أن يُزج بالدين في قضايا سياسية بهذه الطريقة الرخيصة، أقصد طريقة الشيخ المعلب !

هناك رجال دين سلفيون وسلفيون جهاديون حرموا الانتخابات من حيث المبدأ وقالوا إن الإسلام لا يقرها لأنها تعطي السلطة للشعب بينما الحكم في الإسلام لله، وأن الإسلام يقر "الشورى" بين ولي الأمر وأصحاب العقد والحل من رجال الدين والفقهاء في القضايا المهمة، وأن ولي الأمر ليس ملزماً فيما يسمعه إلا ما يراه مناسباً للصالح العام للمسلمين .

ماذا يعني هذا الكلام؟

يعني أن الإسلام لا يقر بالديمقراطية الغربية ولا بمبدأ الانتخاب، ويرتكز إلى مبدأ البيعة والشورى، بينما "الشيخ المعلب"، الذي لم يفت بما افتى به السلفيون والجهاديون منهم بحرمة الانتخابات والنظام الديمقراطي الغربي المعمول به في الأغلبية العظمى من دول العالم، أحل الانتخابات والديمقراطية إذا كانت في صالح الإخوان، وحرمها إن كانت تخالف مصالحهم، في توظيف سياسي مقيت للدين وفي إساءة قاتلة له ." وانكشفت المؤامرة والمتآمرين والأدوات الرخيصة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كل حركات الإسلام السياسي هي من مخرجات الإخوان المسلمين وتحديداً فكر سيد قطب المتطرف، فبعد القاعدة وطالبان، ومخرجاتهما مثل داعش وجبهة النصرة شكلت حركة "بوكو حرام" في نيجيريا حضوراً استثنائياً خلال الشهر الماضي بعد جريمتها الكبرى باختطاف مئات الطالبات المسيحيات لإجبارهن على الإسلام وترك العلوم الغربية، وبوكو حرام هي حركة سلفية سنية متعصبة تعني باللغة المحلية لقبيلة "الهوسا" "التعليم الغربي حرام"، فهذه الحركة تعتقد أن التعليم الغربي عمل ضد الإسلام، وهو أمر يخالف أبسط التعاليم للدين الحنيف الذي دعا إلى العلم واحترام العلماء، وإلى اعمال العقل والتفكر.

ما يجمع هذه الحركة مع شيخ الفتنة وفتاويه المعلبة، أن الحركة والشيخ لا علاقة لهما بروح الإسلام وتعاليمه وأنهما ينحدران من أصل فكر سياسي متعصب واحد، هو فكر الإخوان المسلمين، الذي كان ومازال يوظف الدين لحسابات السياسة والسياسة لحسابات الدين، وهو الأمر الذي أساء أكبر الإساءة إلى ديننا الحنيف، وشوه صورته أمام العالم !