بغض النظرعن كل ما قيل فينا عبر التاريخ نحن شعب ليبيـا المُحتار، مثل ما أشرت أليه فى مقال سابق من قول نُسب الى الرحالة التيجانى وهناك من ينسُبه الى إبن خلدون "ما بين الزيتونة والأزهر.. مفازة (صحراء)، يقطنها أوباش" حيث جاء وصفنا بالأوباش، كملخص لتدوين ملاحضات الرحالة السلبية، خلال عبوره أرض ليبيـا، فى طريقه من الغرب الى الشرق، وعودته من الشرق الى الغرب، طبعاً قَصَد بذلك كل أركان ليبيـا، غربها وشرقها/شمالها وجنوبها (من الجلدة، للجلدة)، أى كلنا بقضنا وقضيضنا عرقياً ومذهبياً.

ذلك أضافة الى ما قلته فى مقالى السابق، حيث ذهبت الى أنه سبق فى علم الشيطان ما سنفعله ببعضنا الليبيين كاحفاداً لآدم، فرفض أمرألله بالسجود لجدنا النبى آدم عليه السلام، وكأن الشيطان عَلِمَ بأننا (خلفة آدم ـ فرع ليبيا) سنكون سيئين لبعضنا (من ضمن أمثالنا العطيبين من أحفاده فى اسقاع الدنيا وبطول ماضى وحاضرالتاريخ ومستقبله) وليس آكثر من ذلك سؤاً.

إلا أن كل ما أوردته، وما عداه من أوصاف بالسؤ جلداً لآنفسنا، لم يكن كافياً بأقناعنا أننا سيئون لهذه الدرجة التى نعيشها اليوم، حتى هدانا برنارد ليفى ربيعه الأفعوانى اليافع، وزطنا فى تصفية بعضنا البعض أحتفالاً بالربيع، فى جوقة قطع الرؤس ذبحاً/طبخاً أسلامياً مع التكبير! عندها فقط عرفنا كم نحن مجرمين تجاه بعضنا البعض(ملا ليبيين.. ملا همما يا خويا) (على رأى التوانسة).

وأستفقنا على أن جرائمنا كلها، ليست من أجل أزالة نظام مُذقع فى الدكتاتورية، ولكنها واقعاً مريراً من آجل صراعنا على السلطة، والهيمنة على بعضنا، والأهم من آجل نهبة أكثر من 200 مليار بالداخل من ميزانياتٍ سمع الليبيين بها ولم يروها؟!، وأضاعة مئات اُخرى بالخارج أعتبرها هُداة ربيعنا حقهم، مقابل إدراجنا بقائمة لئام الشرق الجديد، صراعنا الذى باع به حُذاقنا كامل رقابنا، وما تحتويه أرضنا من خيرات فوقها وتحتها، لمُلاك الشرق الأسود الجديد، وفوق البيعة تدنيس شرفنا وسُمعتنا، حيث تستحى هذه الأيام من كونك ليبىٌ أمام من يقابلوك فى أى بلد، مُتسائلين بما معناه(خيركم/شن صايرلكم الليبيين؟!).

والغريب ان بعض أولائك السُراق والمجرمين لا زالوا يحكموننا فى وضح النهار، بيد ان عدد منهم يقودون أهم مؤسساتنا (حنفيات خيراتنا)، وصولاً لرفض أقوياء السلاح حوار بعضنا البعض، كأخوة من أصل بشرى واحد، ثم كأخوة فيما ندعيه من أسلام هو براءٌ منا، اللهم إلا على طريقة نحكمكم أو نقتلكم!.

فنحن بما نقترفه من جُرم بأنفسنا وبالتالى بوطننا، وبدون شك، سوف لن  نُـُحشر يوم القيامة فى زُمرة المسلمين، الذين أرسل لهم ألله سيد البرية بلسانهم، وحَمَدَه بأسم مُحَمَداً، ليكون رمزاً/نبراساً لنا على التآلف مع/والصفح على، حتى من آذوه وهو رسول ألله (فلنسأل أنفسنا.. من نحن مقارنة بسيد البرية).

فبما أقترفناه بسلوكنا الأجرامى نحو بعضنا البعض، سوف لن نُحشر بموجبه إلا مع كل رافضى أمر ألله وطاعته، وعلى رأسهم الشيطان الرجيم وكأننا ذُريته وليست ذرية النبى آدم عليه السلام، وكأنه لا صلة لنا بخاتم الأنبيا والرُسل، المقارنة وفق المُعطيات صحيحة 100%.

بكل ما أقترفناه، لا نكون فقط فى منزلة الشياطين، ولكن تجاوزناهم بتعدد معاصينا لأمره سُبحانه، فالشيطان لم يكفر بألله، بل قال له أسجُد لك ولكن ليس لآدم، أذاً للشيطان معصيةٌ واحدة لأمر ألله، أما نحن فخيبتنا راكبة جمل، إذ تجاوزنا الشيطان فى عدد مرات رفض أوامر البارى.. نحن رفضنا أمره بتآلف قلوبنا، ووقفنا ضد أرادة خالقنا فى جعل المؤمنين أخوة، وأستمرينا فى مسلسل الرفض وأرتكاب كل الموبقات، وصولاً لقتل النفس التى حرم قتلها، بل حرم علينا حتى قتل أنفسنا مما يُدخلنا فى زمرة الكافرين أن فعلنا!.

واستمرينا فى مسلسل عصيان ألله مروراً بالتمثيل بجثث بعضنا البعض، بل ولم تنجوا منا حتى القبور فنبشناها وعبثنا بها، ودمرنا بيوت الآمنين وحرقناها، ولم يسلم منا حتى الدجاج، سرقناه وآكلناه ولو كان مصاباً بالسالمونيلا (صديق من مدينة الزهراء المُهجرة، روى أنه كان يُعالج دجاجه من السلمونيلا ولكن غزاة الميليشيات أكلوه بسالمونيلته!)، (ما دام فى قلوبهم مضادٌ للشعور بالأنسانية.. من باب أولى أن يكون لديهم مضادٌ للسالمونيلا!)، وهَجرَنا بعضنا البعض قسراً وعدواناً (مثلما حصل سابقاً ولاحقاً ببنغازى الأطلال وأخيراً بارض ورشفانة وغيرها)، حتى وصل التهجير الى ما تجاوز أكثر من نصف سكان بلادنا.

ولمن لم يعلم بعد..فأنه وعدا المُهَجَرين بالداخل بشراً ودواب، فأن عدد من دُفِعوا الى هجرة الوطن، هرباً من طـُغياننا وضُلمنا الأحمر، وقتلنا لأهلهم وأستمراننا فى جلد من بقى حياً، بأدعائنا المزيف أننا حررناهم (من قبضة القذافى)، والواقع أحالناهم لقبضات آيادينا نحن التاتاريون الجدد! الذين قاربنا من جعل القذافى ملاكاً أمام أفعالنا.

فأوصلنا المُهجرين الى أكثرمن 3.75 مليون ليبى (ثلتي سكان ليبيـا)، وليس الـ2مليون التى تتكررت على مسامعنا منذ سنين، دون أحتساب الزيادة اليومية فى نزيف الهاربين من جحيم الأخوة الأعداء، المُهجرين الذين دفعناهم بالترهيب والتذبيح اذا جاز التعبير، فهربوا من جحيمنا ليجتازوا كل الحدود الليبية شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، ولو أستطاع من تبقى البآئة، لهاجرت البقية الباقية، ولم يبقى فى الكيس إلا الفلس النحيس كما يقول المثل.

بما ذكرنا، لا نثير فزع الناس أو نضرب الودع، فالعدد لا يحتاج كثير تفكير، إذ بأعلان الداخلية التونسية اليومين الماضيين، فأن المسجلين من مهاجرى ليبيـا بكل أنحاء تونس (سهولاً وقفار)، وصل مليون وثمانمئة ألف (ذلك رقم المسجلين فعلياً، غير من دخلوا خلسة مماً لم يتم تسجيلهم)، وأذا أحتسبنا أن فى مصر فقط مليون وليست مليون ونصف كما يُصرح به، فأن مالا يقل عن ثمانمائة ألف بين الدول الأخرى (المغرب مثلاً أعلنت منذ سنة أن المسجلين لديها تجاوزوا المئتى ألف).

ذلك غير الجزائروالأردن والأمارات وقطر والنيجر وتركيا وماليزيا ومالطا ولبنان بل حتى موريتانيا وأوغندة + دولاً اخرى شهدت عودة المهاجرين الليبيين السابقين اليها، والذين عادوا للوطن بعد 17 فبرايور2011، منهم أولائك الذين عادوا لليبيـا بعد ما عُرف بخطاب تحرير طرابلس أو بالأحرى خطاب تعدد الزوجات، فهاجروا من جديد الى أوربا والأمريكتين، وبذلك فأن العدد حتما سيكون أكثر من 3.75 مليون.

ولا يجب على الأطلاق، أن نضن خطاءً ان العدد مُبالغٌ فيه، فتلك الأرقام هى  أحصائيات دول تعتمد على سجلات رسمية موثوق فيها، وأذا أضفنا مُهجرى الداخل وعلى رأسهم تاورغاء وبنغازى وورشفانة، فلعل الرقم يكون قاب قوسين من 4مليون، أذاً حوارغدامس ألذى ولد ميتاً، وأن كُتبت له الحياة، سيكون حواراً بين فقط مليونين من ستة، اذا افترضنا جدلاً أن المليونين جميعاً موافقين عليه؟!، بيد أن لا حوار، ما لم يمثل المُتحاورين جميع الليبيين الـ6ملايين دون أقصاء لليبى واحد.

ألمؤكد أذاً، أن ثلتى الشعب تم تهجيرهم، فهل نحتاج دليل على سؤنا وسؤتنا أكثر من ذلك، أنها الصدمة، أنه أنتصار المهزوم،(إبسط ياعم)  سيتم تسجيلنا فى كتاب غينيس، من ضمن أسوأ أنواع البشر، وأكثرهم عصياناً لأوامرألله سبحانه واكثرهم تهجيراً لبعضهم!، أنها فعلاً صدمة قوية غاشية، فمن خططوا لنا، جعلوا من أنفسهم شعب ألله المُختار، وجعلوا منا شعب ألله المصدوم المنكوب المُحتار، والأمر المُحير أن ما خططوه، ألبسناه لأنفسنا وآرقنا دمائنا بأيدينا ولم تُرَق لهم قطرة دم واحدة، رغم أنهم يعتبرون ان عُرس الربيع هوعرسهم بأمتياز، نعم وألف نعم ورُغم كل النعوت تلك، لم نتوقع أننا بهذا السؤ، الأسوأ من السؤ(زاتو)على رأى أهلنا فى السودان.

ياسادة، فلتعلموا جيداً أن الأستمرار فى التعنت وكذا الأدعاء زوراً بقبول الحوار نظرياً، ووضع العصى فى عجلاته عملياً، هو بالضبط ما يريده أعدائنا، بل يجب أن تتأكدوا بأنهم لم يَخلتِقوا ظروف ثورات ربيعهم حتى نهنأ بها، بل ما دام هذا حالنا سيهنأوا هم بربيع نهب أوطاننا هذا، ونعانى نحن خريف الحزن عليها، وبذا، فأنهم لا ولن يمنحوا فرصة انتصارآحدنا على الآخر وعلى الأطلاق، بل لعلنا شاهدنا بأم أعيننا كيف انهم مُصرين على أن لا يهزم آحدنا الآخر، إذ متى ما لاحت فُرصة الأنتصار المزيف تلك، هرعوا لنا بحوار سابق الأعداد، هدانا ألله واياكم سواء السبيل.

كاتب ليبي