مصر والديمقراطية ومن المرجح أيضا أن يكون لها تأثير عميق على اقتصاد المنطقة. مصر وتركيا وإيران هي أكبر ثلاث دول الشرق الأوسط ، ولكل منها ما يقرب من السكان نفسها. تركيا هي بالفعل بعيدة على طريق التحول الديمقراطي والاقتصادي ومع اقتصادها ينمو بمعدل 10 ٪ سنويا أصبح لاعبا مهما على نحو متزايد في السياسة والاقتصاد في الشرق الأوسط. ليس من الصعب أن نتصور مصر تتطور على مسار مماثل مرة واحدة مؤسسات ديمقراطية مستدامة في مكانها الصحيح. إذا كان أحد لا يضيف الأمل الواقعي جدا أن الحركة الخضراء الإيرانية لن تنجح أيضا في اسقاط الديكتاتورية الدينية الايرانية ، يمكن للمرء أن يتصور بسهولة تحول شامل في الشرق الأوسط خلال 10 سنوات حيث لها القوى الكبرى -- مصر وإيران وتركيا -- التي يبلغ عدد سكانها مجتمعة وسوف تتجاوز 250 مليون شخص يكون في مراحل مختلفة من التحول الديمقراطي والاقتصادي التي من شأنها أن تؤدي إلى زيادات سريعة في النمو الاقتصادي في جميع أنحاء المنطقة وتساعد على توفير السياق الجغرافي السياسي للاستقرار الذي لا يعتمد على أجهزة المخابرات أو جيوش ، سواء الأجنبية أو المحلية.

ومن المحتمل أيضا أن يشكل تحديا كبيرا للنظام الإيراني : ثورة 25 يناير يمثل عودة لقيم الحداثة الإسلامية التي صعود في وقت سابق من القرن 20 ، واحدة من القيم السياسية التي المركزية كانت مركزية ومؤسسات تمثيلية انخفاض قيمة التعليم الديني ، دون رفض أو العداء للدين. تبعا لذلك ، فإن ثورة 25 يناير هو الحليف الطبيعي للحركة الخضراء ، على حد سواء الحركات تسعى لتعميق المساءلة الديمقراطية من الدول من دون تبني بالضرورة موقفا معاديا للدين.

، فإن هذه التطورات ايجابية ايضا لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. وسوف مصر الديمقراطية التي تنمو ومزدهرة قادرة على العمل كقوة موازنة للهيمنة الإسرائيلية وقضية قيادة هذا البلد على إعادة النظر في عزمها على متابعة المطالب الحمقاء المتطرفة وبدلا من تحقيق السلام مع الفلسطينيين بناء على الشروط التي تعترف لهم على قدم المساواة.

في حين أن السيناريو التي أشرت إليها أعلاه قد ضرب بعض طوباوية الحال ، أود أن أعترف أنه في حين أنه هو السيناريو المتفائل ، وهي واحدة على أساس متين في الواقع ، وبالتالي أكثر من فرصة للخروج تافهة إذا كانت الأطراف على الأرض ما يكفي من الشجاعة والقدرة على التحمل لرؤية من خلال الثورة. في حين أن هناك الكثير لفعله ، والأسباب كثيرة وراء ثورة 25 يناير قد يتعثر يزال ، وهناك أيضا سبب وجيه لنأمل أن يكون التحول ، وليس فقط لمصر. دعونا جميعا نأمل بعد ذلك أن الثورة نجحت في 25 يناير أهدافها. انه في بداية السبعينات ومع تعدد كتابات العديد من العلماء والأساتذة والخبراء ينبهون العالم عامة والدول النامية خاصة إلى ضرورة أن يؤمن القادة السياسيين ويشجعوا انتشار الفكر المنظمى Entrepreneurialism والذي يعنى بتشجيع الأفراد في كافة المواقع على خلق شئ أو ابتكار منتج أو تطوير أسلوب، وكذلك تشجيع الأفراد على العمل الخاص المنتج بدلاً من تشجيعهم على الوظيفة الحكومية – حيث طالب العديد من الاقتصاديين الاهتمام بتوسيع قاعدة الملكية في النشاط الاقتصادي لان هذا سوف يؤدى إلى تحلى غالبية أفراد المجتمع بالسلوكيات الإيجابية الحضارية المنتجة ، ويشجع إحداث التنمية الحقيقية للموارد البشرية0لقد أكدت العديد من الأبحاث والدراسات أن اهتمام الدول وتشجيعها لتكوين اكبر عدد من المنظمين أو الرياديين Entrepreneurs هو أحد التحديات الهامة التي سوف تواجهها في القرن الواحد والعشرون،وأضاف هؤلاء أن هناك مشكلة خطيرة سوف تواجه الاقتصاد القائم على الفكر الوظيفي الحكومي(الامبلوييلزم Employeelism ) وتتمثل هذه المشكلة في سوء توزيع الثروة والدخل وما يصاحبهما من آثار خطيرة تعوق التنمية الحقيقية للموارد البشرية0 واهم هذه الآثار هو ارتفاع معدلات البطالة بين المتعلمين، وعدم تحقيق العدالة الاجتماعية التي تؤدى إلى الاستقرار والنمو الحقيقي، وتتفادى السخط والغضب الاجتماعي الثقافي الاقتصادى0تم تنفيذ الخطة التى وضعها الضباط الأحرار لحماية أنفسهم من محاولة الملك فاروق إصدار أمر باعتقالهم بعد قراءة المنشورات التى صدرت باسمهم ووزعت على جميع القوى والأحزاب.. تم تنفيذ الخطة بنجاح كبير عندما تحرك البكباشى يوسف صديق - قائد كتيبة مدافع الماكينة - من معسكر هايكستيب الذى كان قريبا من مطار القاهرة الدولى قبل الموعد المحدد فى الخطة بساعة كاملة.. واتجه إلى مركز القيادة بكوبرى القبة معتقلا فى طريقه جميع القيادات التى كانت قد صدرت إليها الأوامر بالتوجه إلى معسكراتها لحمايتها من حركة الضباط الأحرار.. واعتقل فى القيادة اللواء حسين باشا فريد رئيس أركان الحرب دون إطلاق رصاص مما جعل الشعب يطلق عليها اسم الثورة البيضاء.

وكان الموقف فى القاهرة مختلفا عنه فى الإسكندرية وكنت قد تلقيت تعليمات من جمال عبدالناصر بعد مقابلتى له أمام منزله فى كوبرى القبة بعد استدعائه لى من منزلى بالإسكندرية عن طريق شقيقيه عز العرب وشوقى عبدالناصر.. وكان اللقاء قبل تحرك قوات القاهرة بساعات، وكانت تعليمات جمال عبدالناصر تقضى بعدم تحريك القوات فى الإسكندرية حتى لا يحدث أى صدام يؤثر فى مسار الحركة وكانت فى الإسكندرية قوات خاضعة للملك، وهى قوات الحرس الملكى وخفر السواحل ورجال الشرطة التابعون لوزارة الداخلية.

الظاهرة التى فرضت نفسها على الأيام الأولى للثورة هى حسن استقبال الشعب لها، وترحيبه ببياناتها الأولى وتأييده للإنذار الذى وجهته حركة الضباط الأحرار.

وكانت حركة الضباط الأحرار قد أرسلت وفدا إلى الإسكندرية يرأسه اللواء محمد نجيب وضم البكباشى يوسف صديق، وقائد الجناح جمال سالم ولجنة قيادة الضباط الأحرار فى الإسكندرية وتم الاتفاق بعد استشارة رجال القانون ومجلس الدولة فى الإسكندرية وإبلاغ اللجنة التنفيذية للضباط الأحرار فى القاهرة على توجيه الإنذار وتوديع الملك أثناء مغادرته مصر على اليخت المحروسة.اتسمت الثورة المصرية التي تفجرت في 25 يناير 2011  من بين ما اتسمت به  أنها لم يكن لها تنظيم أو قيادة تقودها على غرار الثورات أو حتى الانقلابات الكبرى ومع هذا لا يمكن إغفال حقيقة هامة ، وهو أن الشباب هو مفجر هذه الثورة التي انضمت إليها أغلبية القوى السياسية بعد ذلك، مما أكسب الثورة البعد الشعبي بحيث لم تكن ثورة فئوية إن جاز التعبير التنظيمات الشبابية التي تشكلت خلال الفترة من 2006 إلى 2011 وكان له الدور الأكبر في صناعة حالة الحراك السياسي والاجتماعي في مصر متعرضين لملامح وسمات وأهداف كل تنظيم من هذه التنظيمات   تعددت وتنوعت هذه الحركات بصورة كبيرة نظرا  لسهولة تشكيلها في عالم الفضاء الإلكتروني  ، و سهولة الانضمام إليها بسبب عدم وجود عوائق تنظيمية في عملية الانضمام من ناحية ، أو حتى عوائق فكرية " أيدلوجية" فيما يتعلق ببناء أفكارها التي غالبا ما تكون فكرة أو مجموعة أفكار بسيطة هناك شبه إجماع عليها ، وإن كانت هذه  ميزة لهذه الحركات بالنظر لسهولة التشكيل ، أو الاجتماع للدفاع عن المطالب المختلفة ، إلا أنها قد تسبب مشكلة لهذه الحركات في مرحلة ما بعد الثورة بالنظر إلى تركيبتها غير المتجانسة أيدلوجيا ، أو حتى بالنظر إلى تحقق الهدف الذي كانت تسعى له خاصة فيما يتعلق بالإطاحة بالنظام ككل ، ومن ثم باتت الكثير من هذه الحركات تبحث عن مصيرها وهويتها خلال الفترة القادمة . وهي مجموعة تكونت علي موقع فيس بوك في شهر يوليو 2010 عقب مقتل الشاب السكندري خالد سعيد على يد رجال الشرطة .... وقد تبنت المجموعة العديد من قضايا التعذيب والقضايا السياسية والحقوقية . ومن ثم فهي مجموعة ليست لها توجهات أيدلوجية معينة ، كما أن تحالفها مع الدكتور البرادعي لا يرجع إلى أفكاره الليبرالية بقدر ما يرجع على تبنيه قضية خالد سعيد .

وتعرف الحركة نفسها بأنها  "مجموعة من الشباب المصري الذين لا ينتمون إلى أي تيار سياسي ويسعون لإحداث تغيير سياسي".ومن ثم فهي إطار يمتد ليضم شباب مسيسين  ومستقلين كأعضاء من حركة شباب من أجل التغيير"شباب كفاية " وإتحاد شباب الغد إلى جانب مشاركة مجموعات من الناصريين وشباب حزب العمل. ولكن سرعان ما خرجت منها المجموعتان الأخيرتان بسبب الاختلافات السياسية والإيديولوجية، ولقد فشلت الدعوة إلى الإضراب الثاني في 6 إبريل 2009. وللحركة دور كبير في الحشد لثورة  25 يناير حيث قامت بتوزيع أكثر من 50 ألف منشور يشرح طلبات الدعوة للنزول في هذا اليوم ، كما قامت بحملات تعريفية بالمناطق الشعبية لتوعية الناس بحقوقهـم القانونية والاجتماعية. ثم شاركت في تأسيس ائتلاف الثورة.

وكان خروج الملك فاروق من مصر معزولا عن عرشه بداية النهاية للنظام الملكى وبداية النظام الجمهورى لأول مرة فى مصر نوفمبر 1954 بعد قرون طويلة من الخضوع والسيطرة العثمانية.. لم تكن ثورة 23 يوليو إلا بداية لتغيرات وطنية وقومية واجتماعية سادت مصر، وحققت إنجازات فور نجاح الثورة والتى عملت على تحقيق الأهداف الستة التى استقر عليها رأى قيادة الضباط الأحرار. والإنجازات التى تعتز بها ثورة 23 يوليو تتجسد فى تحرير مصر من الاستعمار البريطانى وتوقيع اتفاقية الجلاء بعد 72 عاما من الاحتلال.. وإقرار مجانية التعليم فى جميع مراحله بعد أن كان مقصوراً على مجانية التعليم الابتدائى والثانوى وتأميم قناة السويس وبناء السد العالى وبداية الروح القومية العربية التى بدأت مبكرة فى أول نوفمبر 1954 بمساندة الثورة الجزائرية والإعلان عن اشتعالها فى إذاعة صوت العرب وتجسدت بعد ذلك فى تحقيق الجمهورية العربية المتحدة فى فبراير .1958 ثورة 25 يناير ستغير وجه مصر ديمقراطيا واعتبارا من هذا التاريخ لا أحد يخاف بعد ذلك وقد بدأت الايام القليلة الماضية توضح كم الوقفات والمطالب الفئوية في الاجهزة والوزارات ولو إنني أعتبر ذلك اخطاء موجودة وقد طالب الثوار بمطالب عامة من اجل شعب مصر ووعدت القوات المسلحة بانها ستلبي هذه المطالب وبدأت فعلا في تلبيتها والمفروض ان ذلك سيستغرق وقتا ومراحل لاتقل عن ستة اشهر وبالتالي لم يكتمل تنفيذ المطالب العامة بالنسبة للشعب وهو وصولنا الي الحياة الديمقراطية السليمة وانتخاب مجلس الشعب ورئيس الجمهوري. إذن علينا ان ننتظر حتي تتحقق المطالب العامة ثم ننظر بعد ذلك الي المطالب الفئوية الخاصة ولكن المفروض الا تطلب الآن وإنما بعد تحقيق الديمقراطية، والمطالب العامة لأن المطالبة بها الآن سيؤثر علي المرحلة القادمة، لان المطلوب لهذه المرحلة هو الاستقرار حتي تستطيع المؤسسة العسكرية أن تمضي في طريقها حتي تحقق جميع المطالب التي تنتهي بانتخابات رئاسة الجمهورية، علما بان المطالب الفئوية تطلب من الوزير وفي النظام السابق قبل 25 يناير وإنني اعتبر أنه كان لايوجد مجلس وزراء بل وزارات وكل وزير كان يعمل وفق هواه وكأن الوزارة ملك له ويتصرف فيها كيفما شاء وليس له شأن ببقية الوزارات ولم تكن هناك سياسة واضحة لمجلس الوزراء المصري حيث كان من المفترض انه يعمل كوحدة واحدة مع بعض، وبالنسبة لمصر ايضا ستنشر فيها الديمقراطية وان كل مسئول أو فرد عادي سيخاف أن يقوم بعمل مخالف أو خطأ أو يسيء الي البلد، وبالنسبة للصعيدين الاقليمي والدولي ستستعيد مصر مكانتها ودورها الاقليمي مرة اخري وستحتذي بها الدول الأخري وقد بدأنا نري حاليا وبعد ايام قلائل منذ إندلاع ثورة شباب 25 يناير نري التأثير لهذه الثورة علي الدول المحيطة بنا وحتي اللافتات التي تظهر في هذه التظاهرات مكتوب عليها "تحرير 2" بعد ميدان التحرير في مصر وأصبح الرمز العالمي للثورة ولا ننسي ايضا ان الرئيس الامريكي أوباما قال "إن الثورة المصرية مثال يحتذي لباقي دول العالم"، لأن الثورة المصرية أول ثورة مصرية في التاريخ بعد ان تنتهي الثورة يقوم ثوارها بتنظيف أماكنها وإصلاحها وصيانتها، وهذا أظهر الشعب المصري ووجهه الحضاري ووعيه.

-- مصر بما لها من دور إقليمي ومحوري ورئيسي في المنطقة حاولت بعض القوي الاقليمية مثل تركيا وإيران سحب البساط منها خلال السنوات الأخيرة. فهل يمكن لمصر ان تستعيد دورها مرة اخري إقليميا بعد ثورة 25 يناير؟ـ بلاشك ولا أريد القول أن الرسم البياني للسياسة الخارجية لمصر ودورها الاقليمي إنخفض بل أنها فقدت مكانتها بالكامل خلال السنوات الماضية، وكان لاينظر إليها علي أنها دولة لها تأثير في المنطقة بعد ان كنا في أعقاب ثورة 23 يوليو 1952 متحكمين في ذلك المنطقة وكان لنا دور كبير جدا يؤثر وكان رأينا يعمل له حساب في كل ارجاء المنطقة، ثم تلاشي هذا الدور المصري تقريبا واكبر مثال علي ذلك هو ما حدث من جانب دول حوض النيل الافريقية فبعد ان كانت تنظر إلينا نظرة تقدير وإحترام وتعطي لرأينا مكانة خاصة اصبحت الآن خارج هذا النطاق بل وصل الأمر الي أن هذه الدول عندما إجتمعت في شرم الشيخ ـ العاصمة الاولي للنظام السابق ـ حيث ابرمت إتفاقية لم توافق عيها كل من مصر والسودان وداخل شرم الشيخ اعلنتها الدول الافريقية وهل كان هذا يحدث في العقود الزمنية السابقة؟ لكن جاءت ثورة 25 يناير عندما إندلعت في أيامها الأولي أظهرت المكانة التي من المفترض أن تحتلها مصر ومدي الاهتمام العالمي كله بها حيث كان ينظر اليها من قبل علي أنهاجثة هامدة بلا حراك وليس لها تأثير ولم يكن يعطيها أي اعتبار علي الاطلاق لكن عندما قامت ثورة الشباب ظهرت مكانة مصر والعالم كله رجع الي مكانتها السابقة وهي كيف يقدر مصر ويضعها في مكانتها الصحيحة وأن مكانتها كانت خامدة فبدأت تتحرك، وإعتبارا من الآن ستبدأ مصر إستعادة مكانتها ولكن ارجو ان تحافظ علي هذه المكانة وإن شاء الله ستزدهر وسيعود دورها مرة اخري كما كان في السابق وسيكون ذلك علي حساب دول اخري في المنطقة حاولت ان تحل محل الدور المصري خلال الفترة الماضية وسيتقلص دور هذه الدول ويبدأ الدور المصري في إستعادة عافيته مرة اخري.

 

كاتب مصري 
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام

ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية

 عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية