انتهى الأخ القائد مقتولا دون شاهد ودون قبر .... ثبت لاحقا وبعد سنتين من ( دماء الشهداء ) أن الموضوع كان مجرد( ذحل = هو نتيجة ما يتبقى في النفس من القمع الممنهج من أثار بعد غياب القامع من المشهد) و تصفية حسابات غير إنسانية وغير أخلاقية بسبب من ممارسات غير معقولة أرتكبها الأخ العقيد في حق الليبيين .... ممكن محاكمتها ومقاضاتها دون أن تدفع الدولة الليبية هذا الثمن الفادح البشع ، ودون أن يكون الشعب الليبي هو الرقم الأول كضحية مجانية ، ولكن في الشاطئ الآخر ، كان المطلوب إحداث شرخا يؤخر دولة الطغاة في المنطقة وشعوبها بإفلاسها وتقهقرها خمسين عاما للخلف أي ( حفظ الكيان في الثلاجة من جديد في درجة التجمد إلى حين إشعار آخر  )...كان يمكن سيناريو آخر غير هذه النتائج التسونامية ؛ كيف وهذه النتائج نفسها  مطلوبة إثباتا دون شبهة من نظرية المؤامرة القديمة  ، وقد جاء يمشي ملكا الجيل الرابع من الحروب ( الحرب عن بعد ) و لم يعد (صراع الحضارات ) كاف ، بل  ما هو كاف بما لا يقاس  هو ( إشعال نواة التفجير الثقافي من داخل الثقافة نفسها ) - طبعا - بعد اختراقها علميا ونفسيا ومعرفيا ( مراكز مطبخ الشعوب ) ......

   أما محليا ....صحيح أن الأخ القائد كان مستبدا وفرديا فاق أسطورة( نرسيس) الإغريقية نفسها .....إلا أنه  والحق يقال  أنه  لم  يكن عميلا، ولم يبع البلاد سرا أو علنا ، بل لم يجعلها سبية للخارج ، أمريكا فقط تجرأت على ليبيا في عهده  ، وضربت طرابلس وبنغازي وحاصرت نظامه ، ولم تتجرأ  دولة واحدة  أخرى على ليبيا غير الولايات المتحدة مهما كانت  الدواعي وما أكثر الأسباب الداعية لذلك ....

 

    للأسف... وفي المقام الأول نلاحظ أن وارثي تركة ( "عصر الجماهير"   ")  و  (  /أما من ناحية الواقعية فإن الأقوياء دائما يحكمون  "  /  ) " و (" بقدر ما هو يبشر بـ (عصر الجماهير)  ...فهو ينذر بمجيء عصر الفوضى والغوغائية من بعده  " )  بعد فبراير ساروا بليبيا ــ هؤلاء الورثة الجدد ــ  سيرة الذئب في الحمل ، عاملوها كغنيمة أو كذبيحة ( لحمية) تنهش وتسلب وتوزع ، ليست وطنا واحدا عزيزا كريما نستظل تحت فيحائه  ، وطنا نحبه ويحبنا مواطنين سواسية فيه ، كان أغلب هؤلاء سواء أفراد أو جماعات من المهاجرين للغرب والمدعومين منه وبالتحديد من قبل أمريكا وإبريطانيا وخدامهم في المنطقة . هؤلاء من حاملي الهويتين النقيضتين معا ( الدبل شفرة ) أغلبهم من النخبة الفاسدة التي تكونت وتقمصت العقلية المركزية الرأسمالية المتعالية في المهجر عقودا من الزمان ...هذه الفئة - عمرها قصير - ليس لها دين وليس لها أخلاق ، ولا تتورع عن بيع ليبيا ورهنها للأطماع الخارجية على البارد طبعا مقابل  أتعاب خدمة  ( بعضهم عملاء رسميين )..... فئة أخرى ضالة ومبرمجة عقائديا ( ايديولوجيا الوحش الضامر الجائع ) على تدمير ليبيا والرجوع بها القهقهري إلي الغابة الوحشية والظلامية إلى ما قبل تاريخ الجاهلية ، وهم فئة ( حالة عصابية ) تناسخت مع سيكولوجية الطغاة ونفس  ختم السك  بإعادة إنتاجها  بشكل يبدو الطغاة أكثر رحمة ..... كل هؤلاء هم أعداء للوطن بوعي أو دون وعي ، عطلوا دولاب الدولة وأرهقوا ميزانية النفط الأسطورية ، وزادوا الشعب الليبي البائس رهقا على رهقه القديم بتمزيقه وتشتيته ، ولو نجحت درجة التجميد والحفظ في الثلاجة إلي مدى يطول من عقود عجاف أخرى  ، يمكن أن يكون عنه ضياع أجيال إن لم يكن الخروج من التاريخ .....

 

    الأهم والعبرة من كل ذلك : أن دم الليبيين الأجداد الذي روى أرض ليبيا عام 1911 ضد الطليان والانجليز والفرنسيين هو نفس فصيلة الدم عام 2011... ولو بشكول  مختلفة  ولكن بنفس  عناصر البنية ،  ولن يذهب هذا الدم الوطني  المهدور البريء سدى فحكمة التاريخ ومحكمته  لا تغفل ودائما بالمرصاد ،  مهما تطاول الطغاة الجدد ذوي الوعي الزائف...هؤلاء شذاذ الأفاق وسماسرة الوطن .

 

كاتب ليبي 

الاراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة