• الزمكانية : السبت 15 مارس 2014 بمحاميد الغزلان (إقليم زاكورة المغرب).
  • المناسبة: الدورة 11من المهرجان الدولي للرحل.
  • اللحظة: صعود فرقة Hirondelles  Les من الكونغو برازافيل  ، على منصة عرض المهرجان.

 

*     *     *

الحلم الإفريقي  ، حلم القارة "العنقودية"  ، الذي يسكننا و نسكنه  ، يتماهى فينا و نتماهى فيه  ، نتشرذم دوما التشرذم الايجابي للانصهار – ودرءا لكل تناقض ممكن – في عبقه اللامتناهي  ، نشاطر و بوعي ناضج الأفراح و الأتراح التي تؤثث و بامتياز نادر فضاءاته وكياناته.

في ليلة باذخة بالعطاء و الرمال المعتقة  ، في محاميد "بوابة الروح و الريحان" تساءلنا عن مفهوم  "الجمال" الثقافي  ، والمعنى "البدوي" للرحل  ، فوجدنا الجواب في فرقة "الخطاطيف"  ، الآتية من عمقنا الإفريقي  ، من "كونغو برازافيل"  ، وتساءلنا عن اثنولوجية العادات والطقوس والتقاليد  ، فوجدناها منغرسة  ، وبافتخار في  استكشافيات الكثبان الرملية  ، الشاسعة  ، المذهلة  ، العجائبية والمتسمة بالتوهج المترامي الأطراف  ، وجدناها في "كثبان عرق ليهودي" و "كثبان بوكرنو" و "الكثبان الصارخة" و "كثبان شكاكة". انه المجال الافسح  ، والمؤثث  بروعة "الشروق و الغروب"  ، التي لا ينضب معينها . انه الإحساس الأجمل بأنك الأوحد في هذا العالم  ، وبأنك المتحكم الرئيسي فيه  ، بحفنة من الرمل المتوهج.

أتحفتنا "الخطاطيف" عبر إكسير الروح  ، المنتشى برشفه عوض التقزز من حنظليته. الفرقة و قبل البدء ، وفي سيمولوجية نادرة توقد "النار"  ، كسمة من سمات الوجود الإنساني أو كعلامة من علامات انطلاقة الحضارة البشرية عموما والإفريقية خصوصا.هذه الأخيرة التي تتجذر ثقافتها و تزركش أيقونة التاريخ الذي يجمعنا و توحدنا معالمه الباسقة.

ان ثلاثية الأثافي : الجسد- النار – التغريدة  ، تقطف بإمتاع و استمتاع من عرض فرقة الخطاطيف  ، التي خطفت الأنظار و الأسماع و الألباب. فبانسيابية الفرقة و صوتها الصادح و رقصها المبجل  ، تمكنت "الخطاطيف" من الإعلان عن انتماءنا الإفريقي الشامخ  ، وبإيقاعها المتناغم و أداءها الرائد  ، اكتشفنا بحق أن للثقافة أبواب  ، وبابها الصلد : الإيحاء الموسيقي المنبعث من الجسد و عبر الجسد وإلى الجسد.

هكذا انغرست استيطيقية  "محاميد الغزلان" و نبراسها الوضاح  ، المرتبط بثقافة "الرحل" في كياناتنا المتناثرة التواجد  ، وفي هواجسنا المفتقدة للأمن "الموسيقي" كل ذلك  من خلال فرقة الخطاطيف ومزجها العجيب بين الرقصات الإفريقية والرقصات المعاصرة  ، وعبر إطارات معنونة بالتراقص بالجسد والتلاعب بفيزيقيته الهلامية. ذات الفرقة أعلنت أننا هنا: نتعايش  ، نتواصل  ، نتثاقف  ، جنوبا/جنوبا  ، وجعلتنا نتغزل بقدرنا الجميل  ، قدر انتماءنا الإفريقي الموحد. انه طائر السونونو هو الذي جعلنا نغرد في نهاية المطاف: إفريقيا ما أجملك   ، وفرقة الخطاطيف جعلتنا نعلن و بأعلى صوت : إفريقيا ما أروعك !