احرقت نيران الخونة والمتكالبين على السلطة ذاك الربيع العربي الذي ساهمت قوى استعمارية في تنشئته وتسويقه,تخلصت الشعوب من الحكام بين قتيل وطريد وقابع في السجون,وللأمانة فإن ربيع العام 2011 كان ربيعا طبيعيا تشكلت به الازهار المختلفة الالوان التي ارتوت بدماء البشر.ما لبثت الازهار ان اصفرت وتيبست تذروها الرياح من مكان الى اخر.

بدأت تتكشف معالم اللعبة القذرة التي اقدم عليها من كانوا يعيشون بالغرب,الفارين من ظلم الحكام وقد ظلوا في خدمتهم ردحا من الزمن, جلبوا بعضا من "اموالهم" التي سرقوها من شعوبهم بحجة انها كانت بيد الجلادين,استخدموا تلك الاموال في تلميع صورهم لدى الرأي العام والإيحاء بأنه لولاهم " وأسيادهم الغرب " لما استطاعت الشعوب التخلص من الديكتاتوريات المزمنة.

كسبوا ود شعوبهم ونالوا اصواتها علّها تنتقل من التخلف الى التقدم الموعود, المستقبل الزاهر,حياة الرفاهية والقضاء على البطالة وتوفير كل ما من شانه اسعاد المواطن المغبون,ابطلوا القوانين المعمول بها سنّوا قوانين اخرى من شانها مساعدتهم في تنفيذ اجندتهم وتحقيق مآربهم فكانت القرارات بإبعاد كل من له صلة بالأنظمة السابقة,فكان قانون العزل السياسي في ليبيا وتحصين الثورة في تونس اما في مصر فهو إبعاد الفلول عن السلطة.

استحوذ المتسلطون الجدد على ثروات شعوبهم ,امتلكوا افخم الدارات"الفلل" والسيارات الفارهة اما عن الرواتب فقد وضعوا القيمة بأنفسهم وهي تضاهي مرتبات الساسة الغربيون فالغرب ليسوا افضل منهم بل تربّوا على ايديهم وتعودوا على الصرف,اما عامة الناس فان رواتبهم زيدت بنسب بسيطة لا تساير ارتفاع الاسعار حيث لا وجود لرقابة على الاسعار وخاصة المواد الاساسية للعيش.

لم نألف التظاهر ضد النظام فصرنا نتظاهر لأبسط الامور, نحاصر المؤسسات العامة وندخل المكاتب الحكومية ونكسر محتوياتها ويفر المسئول ولا نجابه بقوة البوليس التي كانت تحمي الانظمة,أ ليس ذلك منّة من حكامنا الجدد الذين جعلونا نتصرف على هوانا, فلا نأبه بإشارات المرور,ولا اتجاهات السير, فالمرء يخال نفسه انه يقود سيارته ببريطانيا او احد دول الكومنولث "القيادة على اليسار", بإمكان اي مسلح وما اكثرهم ان يستوقف السيارة التي يريد وينزل صاحبها منها ويلقي به على قارعة الطريق وان استدعى الامر بعض رصاصات تقضي عليه فيصبح جثة هامدة,لينضم الى قافلة شهداء الحرية, بل وصلت بنا الجرأة الى خطف"جلب" رئيس الحكومة بعيد اتمامه صلاة الفجر واقتياده بملابس نومه, لا تهم التهمة الموجهة اليه, بل ليدرك القاصي والداني ان لا احد فوق القانون, قانون القوة. أ ليست هذه هي الحرية التي كنا ننشدها ونحلم بها,إننا نمارسها بكل حذافيرها,أ لم تسيل الدماء انهرا لأجل الحرية " وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق ".

بعد مرور بضع سنين ماذا جنت الشعوب العربية من ثوراتها,فالذي انتخب يريد تكملة مدة تسلطه بل يريد التمديد بحجة ان الوقت غير كاف لتحقيق طموحات الجماهير" طموحاته", استطاع كل فريق متسلط ان ينشئ له ذراعا عسكرية على غرار, الشين فين ,ايتا. ليكون للجسم "التنظيم" الجديد جناحان, احدهما عسكري "ميليشيا" والآخر مدني "حزب".لإحكام السيطرة على مقدرات الدولة.

ادرك المواطن العربي المسكين بالدول التي طاولها التغيير أنه يعيش في زمن القهر والعبودية وان لا قيمة له بل كل همه ان يجد ماء للشرب وكهرباء تنير بيته المتواضع ليستطيع ابناءه مراجعة الدروس في زمن لم يعد للدراسة معنى فالانخراط في المليشيات افضل بكثير من مواصلة التعليم, حيث ان مرتب المنخرط في المليشيات يعادل مرتب وزير في النظام السابق.

الاوضاع المعيشية بهذه الدول تعيسة جدا فلا امن ولا امان ,اصبح المواطن كالقشة التي تذروها الرياح فقد تلقي به في مكان ما داخل الوطن, وقد يجد نفسه خارج الحدود الاقليمية ومن ثم يستجدي الامم المتحدة للإغاثة, فالفلسطينيون صاروا أفضل حال منه,انه يتساءل هل يعيش الحقيقة ام انه يحلم طوال المدة الماضية؟,وهل سيطول الحلم؟.انه خريف اجدب وسنوات قحط قد تطول وتتجاوز سنوات القحط التي المّت ببني اسرائيل.

لعل التحدي الاكبر الذي يواجه المواطن العربي هو ازاحة من تولوا السلطة عنوة واسترداد ما استلبوه من اموال الشعب والسعي الى اقامة وطن يشمل الجميع دونما تهميش لأحد.وبناء مؤسسات الدولة على اسس عصرية,حيث الجميع سواسية في الحقوق والواجبات .  

كاتب ليبي 

الاراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن  سياسة البوابة