الدولة العربية المحورية الوحيدة في الشمال الإفريقي التي لم يطاولها التغيير,ربما لتركيبتها الاثنية المعقدة,ولكن الأصح هو قدرة الجيش على الإمساك بزمام الأمور في اللحظة المناسبة فهو لن يسمح للدولة بان تنهار كما حدث لدول الجوار وسيطرة تنظيمات إرهابية لا تبقي ولا تذر وهي بالنهاية صنيعة الغرب الاستعماري.

خفت الأصوات النشاز التي ارتفعت إبان الحملة الانتخابية وكالت الاتهامات للقوى الوطنية وكيف يحكم الجزائر إنسان مقعد,لكن الجزائريون يدركون جيدا أن الإنسان المقعد أعطى ولا تزال لديه ألقدره على العطاء, عكس أولئك الأسوياء الذين يأتون بالخراب والدمار الشامل للبلد.الجزائر اليوم واحة تحيط بها قلوب متصحرة.

ربما كان البغدادي الأكثر جرأة من بن لادن بان أعلن دولته الإسلامية على الأجزاء "المحررة" من بلاد العراق والشام,رسم حدود دولته الهلامية بخطوط وهمية,تتمدد وتنكمش حسب الظروف,قد تكون أمريكا هي من أوعزت له بإعلان دولته, وأخيرا أعلن احد التنظيمات الإرهابية المسلحة فيما يعرف ببلاد المغرب الإسلامي انضمامه إلى دولة البغدادي,لتزداد الأمور تعقيدا في المنطقة ويعلم الجميع أن المستهدف هو الجزائر وشعبها وقيادتها السياسية التي تعي جيدا الأخطار المحدقة بالمنطقة.دول المنطقة بمجملها أصبحت موبوءة بمرض سيقضي على الجميع أن لم تتكاثف الجهود للقضاء عليه.

ما يجري بالمنطقة وخاصة على الحدود  الشرقية للجزائر يشكل عامل خوف للبلد خاصة وان ليبيا أصبحت معقل الإرهابيين في الشمال الإفريقي,لا يسرها ذلك ولكنها في نفس الوقت لن تقف مكتوفة الأيدي جراء ما يتعرض له الشعب الليبي من تدمير لمقدراته والقتل والخطف على الهوية وفي حال عدم التدخل لحماية المدنيين في ليبيا فان القوى التكفيرية تستطيع التنقل في المحيط وأحداث أعمال شغب ولازلنا نتذكر أعمال العنف التي شهدتها الجزائر تسعينيات القرن الماضي وما حصدته من أرواح بريئة وعرقلة لحركة التنمية .

تراقب الجزائر عن كثب ما يجري في ليبيا المغتصبة من قبل العصابات الإجرامية المسلحة,تحاول جاهدة بان لا يتم التدخل الغربي وتدويل الأزمة, وان يتم الحل داخليا أو اقله تدخل دول الجوار إلى جانب الشرعية المنبثقة عن الصناديق,إلا أننا ناسف أن تفتح الجزائر بلد المليون شهيد أبوابها لأناس ربما كانوا اعتباريين, لكنهم اليوم كشفوا عن ما بداخلهم,فهم مجرد صعاليك وقتلة لفظهم الشعب.

إن الجزائر تدرك أن الذين يحكمون ليبيا اليوم إنما يحكمونها بقوة السلاح ولا يعترفون بالديمقراطية التي اتخذوها مطية للوصول إلى السلطة في غفوة من الشعب الليبي الذي اعتقد أن القادم سيكون أفضل وأتاح لهم الفرصة لتنفيذ شعاراتهم المزيفة التي رفعوها أثناء الحملات الانتخابية.إن الذين يحكمون ليبيا اليوم ينهلون والبغدادي من نفس المنهل,نفس الفكر التكفيري برعاية قطرية وتركية وحضانة أمريكية,لم يعلنوا انتمائهم صراحة للبغدادي لمجرد التمويه لأنهم يدركون أنهم على أعتاب الغرب ولن يسكت عنهم إذا أعلنوا ولاءهم للبغدادي.

إذا لم يتم التعامل بقسوة مع دواعش ليبيا بحزم فان ذلك سيجر على المنطقة وبالأخص الجزائر الويلات الجسام لأنها الوحيدة المتبقية ويعتبرونها حجر عثرة ولا بد من إزاحتها,البغدادي على الأبواب ,فهل يعي الجزائريون ذلك؟.

كاتب ليبي