الذي جعلنا نصب جام غضبنا على البرلمان وحكومته الشرعية هو حالة الفراغ الأمني الذي سببته السلطات التشريعية والتنفيذية على مدى أربع سنوات,فالأحزاب التي تم الإفراج عنها ساهمت إلى حد كبير في خلق فتنة بين مكونات شعب لم يعش تجربة الأحزاب,نحن لسنا في حاجة إلى أحزاب لأننا في ظروف جد صعبة وخطيرة ,بعض الأحزاب ليس لها جمهور بدليل أنها غير ممثله في البرلمان السابق"المؤتمر" أي أن أصحاب رؤوس الأموال من كونوها ليظهروا أمام العالم بأنهم يقودون أحزابا سياسية ولهم جماهيرهم التي تناصرهم وتؤمن برؤاهم,هؤلاء هم من يقودون البلد إلى الهاوية ويدفعون بالشباب الذي يعاني فراغا فكريا وعمليا وضيق ذات اليد, إلى ارتكاب الجرائم بحق أبناء الوطن نظير أموال تؤزهم أزا إلى ساحات القتال,فلا يكاد يمر يوم إلا وتسمع عن إقامة صلاة جنازة هنا أو هناك.
لقد ناصب أعداء الوطن ممثلي الشعب وشككوا في شرعيتهم ,تم طردهم من العاصمة بل تم استهدافهم في مقرهم الذي لجاءوا إليه,ضيق على أسرهم  الخناق فتم العبث بمحتويات منازلهم وخطف بعض الأبناء والأقارب وكل ذلك يدخل ضمن الترهيب والانصياع لأوامر الانقلابيين وإفشال البرلمان الذي اكتسب اعترافا دوليا.
الحكومة المنتخبة لم تكن في مستوى التطلعات أتي برئيس حكومة لأن له الفضل في عدم تسليم السلطة لمن تم انتخابه بطريقة غير قانونية من حيث النصاب فتم الطعن وكان الحكم ببطلان عملية الانتخاب,البرلمان إذا كافأ رئيس الحكومة المكلف فجعله وزير أول رسمي,فرض على رئيس الحكومة أعضاء الحكومة بدلا من أن تترك له حرية اختيار الطاقم الذي سيتعامل معه فالتجانس مطلوب بين أعضاء الحكومة فالأعباء ثقيلة,المحاصصة الجهوية قد تكون مطلوبة لإرضاء بعض الجهات ولكن بالمقابل على تلك الجهات أن تدفع بخيرة أبنائها في مختلف التخصصات لتتم المفاضلة والإتيان بمن هو أهل وكفؤ لمرحلة جد صعبة وخطيرة في ظل سيطرة الانقلابيين على غالبية تراب الوطن واستحواذهم على كل مقدرات الدولة بما فيها البنك المركزي ومؤسسة النفط والاستحواذ على كافة الأسلحة الصالح منها والطالح التي تركها النظام السابق وكان الساذج منا يتساءل ما الفائدة من نقل تلك الأسلحة إلى بعض المدن ولم يكن يدر بخلده يوما أنها ستوجه إلى صدره فيسقط قتيلا أو معوقا أو تهدم بيته فيظل متشردا في بلد به من الخيرات ما يجعل كافة أبنائه يعيشون حياة عزة وكرامة.
الذي اعرفه أن البرلمان يعطي الثقة للحكومة كاملة وعندما يدرك رئيس الحكومة أن بعض وزرائه لم يقم بواجبه فمن حقه أن يقوم بإقالته ولا يتدخل مجلس النواب في ذلك,لم اسمع في أن وزيرا يهاجم رئيسه بل يمعن في التحدي والبقاء في عمله,وكأنه يدرك بان تغييره مستحيل لأنه "الوزير"محسوب على منطقة معينة وتلك المنطقة لن تدفع بآخر غيره,ليحل محله,والسؤال هل تم اختيار الوزراء بحيث كل مدينة منها وزير أم أن بعض المدن لها حظوة ويجب تمثيلها دون غيرها؟,ربما الوزير الأول قبل بحكومة المحاصصة لكنه ولا شك لم يكن يعتقد أن هناك وزراء يتبعونه يعملون وفق أهوائهم مستنصرين ببعض النواب وحالة الإرباك التي يشهدها البرلمان, جميعهم وبدون استثناء يخرجون علينا عبر الفضائيات,كل يدلي بدلوه حتى عدنا نتنذر"نتشاءم" من ظهورهم,فهناك متحدث رسمي للبرلمان وهو الذي يتحدث عن ما يدور في جلسات البرلمان بما لا يتعارض مع سرية الجلسات.حكومة تعمل بدون ميزانية,لم تسيّل لها الأموال ويطلب منها فعل المستحيل,لا شك أن هناك قصورا في عمل الحكومة وإنتاجيتها ومحاولة التعريف بالقضية الليبية في المحافل الدولية وما تقوم به العصابات الإجرامية المنقلبة على الشرعية.
أخذت الاختلافات بين النواب تطفو على السطح,فهناك على سبيل المثال لا الحصر,عدم اكتراث الفريق المفاوض بالثوابت التي حددها البرلمان,فهم لا يطلعون البرلمان على ما يجري بجلسات الحوار بالخارج,والبعض منهم لم يعد إلى طبرق بحجج متعددة والهدف هو السعي لإرضاء المبعوث الاممي الذي يحاول أن يفرض حكومة الأمر الواقع على الليبيين,فلربما شهد له السيد ليون لكي يتقلد احد المناصب أو أن يكون سفيرا بأحد الدول.كما أن العديد من النواب لم يحضروا عديد الجلسات لتواجدهم بالخارج لحجج واهية.
الأحزاب التي تدعي أنها سياسية هي احد مسببات الأزمة في ليبيا وبعض قادتها الإرهابيين يتجولون في كافة أنحاء العالم بحجة أنهم يمثلون المجتمع الليبي وهم في الحقيقة يقيمون مراكز لتدريب الإرهابيين ويستجلبون التكفيريين الأجانب لقتل الشعب الليبي,أقام لهم السيد ليون وزنا ,جمعهم في الجزائر ليطول عمر الأزمة,انه من سخريات القدر أن يجتمع هؤلاء لوضع حلول للازمة!,خرج علينا احد أعضاء الحزب العلماني ليقول بان رئيس الحكومة لم يقم بتسبيل الأموال للجيش لأنه ضد قادة معركة الكرامة!,وأقول أ لم تقفوا انتم أيضا ضد قادة عملية الكرامة ومنعهم من تقلد مناصب عسكرية تضفي عليهم صفة الشرعية,حيث كان الجيش حينها "يصنف"على انه احد الميليشيات المسلحة!,وحجتكم الخوف من يمسك الجيش بزمام الأمور في البلد وعودة الديكتاتورية,أتمنى على مجلس النواب أن يقوم بإصدار قرار يلغي الأحزاب إلى حين ظهور الدستور الجديد الذي ينظم عمل الأحزاب. 
الوقت ليس وقت خلاف وشقاق,التحديات كبيرة تستهدف الوطن برمته,إقالة الحكومة الحالية ليس بالشيء الهين,فتشكيلها اخذ وقتا لا باس به بسبب المحاصصات الجهوية والحزبية.ليعمل الجانبان التشريعي والتنفيذي سوية لدعم الجيش الذي خرج من تحت الأنقاض,فهو الذي يقوم اليوم بقيادة المعركة ضد الإرهاب والانقلابيين,يفقد العديد من أبنائه لإيمانهم الشديد بأنهم حماة الوطن,فيجب دعمه بكل السبل بما فيها الطلب إلى أصحاب رؤوس الأموال الوطنيين بتقديم بعض المنح والقروض لدعم المعركة ضد الإرهاب ومن ثم بإمكانهم استرداد أموالهم عندما تهدأ الأمور وتستقر الأوضاع.

كاتب ليبي