لسنوات طويلة سمعنا عن تصريحات و خطط و أستراتيجيات أيرانية سميت بالهلال الشيعي أو الهلال الفارسي، و أذداد التحدث عن السياسة الايرانية و أستراتيجيتها تجاه العرب، و حلم أيران و سعيها الدؤوب فى تصدير الثورة الاسلامية و الافكار الخمينية لباقى الدول الجوار كالعراق و الشام و دول الخليج العربى، و بدئت ملامح ذلك الهلال تظهر فى الافق بعد عام 2003م و غزو الولايات المتحدة للعراق و بعد سقوط نظامها، و تسليم واشنطن الملف العراقى الى أيدي طهران، كما فعلت بعد الخروج من أفغانستان، مرورا بالعلاقة العضوية بدولة حزب الله بجنوب لبنان و هى القوى العسكرية التى مثلت أذرع طهران على البحر المتوسط و أول خط أمام أسرائيل من ناحية الشمال وصولا للخط الثانى ناحية جنوب أسرائيل الا و هى حركة المقاومة الاسلامية حماس، و لا نستطيع أن نغفل العلاقة الاستراتيجية بين طهران و الدوحة و ما قدموه لبعض و ما قدموه سويا لخدمة أهداف الولايات المتحدة بمنطقة الخليج أو الاقليم ككل أثناء فوضى الخريف العربى .

هذا كان شكل تشعب الاخطبوط الفارسى بالاقليم حتى عام 2010م، الى أن هبت عواصف الخريف العربى على المنطقة، و بدئت أرجل ذلك الاخطبوط تسرح و تمتد الى ما هو أبعد من ذلك حتى رأئينا على السيستانى هو الحاكم الفعلى للعراق و ليس نوري المالكي، و تصاعد نفوذ الحوثيين باليمن حتى أستولو على السلطة بقوة السلاح، و ما قامو به من فتك بأبرز عناصر الجيش و المخابرات اليمنية، و شاهدنا أفتتاح مساجد للشيعة بالجزائر بالعام السابق، و تطور فى العلاقات و تحرك فى قلب الشارع الموريتانى نفسه، و لم يقف تحرك و طموح أيران الى ذلك الحد بل تحركت عناصر الاستخبرات و الحرس الثورى الايرانى فى قلب الخليج العربى نفسه، و دخلت فى مرحلة خلخلة دول الخليج من الداخل فشاهدنا أئتلاف 14 فبراير و سرايا الاشتر الذين عملو مرارا و تكرارا لزعزعة أستقرار البحرين و الحاقها بالفوضى الخلاقة، كما شاهدنا بلبلة مسلم البراك أو مسيلمة الكذاب أن صح التعبير و أزمته التى أفتعلها ضد النظام الكويتى، بجانب بعض الشرارت التى أشتعلت بشرق السعودية .

فماذا بعد أن تم تطويق دول الخليج العربى  بحزام خمينيا ناسف، ماذا بعد أن باتت أرجل الاخطبوط الايرانى تصل لشمال أفريقيا و تعبث بالجزائر و موريتانيا، ثم تظهر فى غرب أفريقيا و تتجلى فى نيجيريا بعد أن تم الكشف عن جماعات مسلحة ذات صلة وثيقة بالحرس الثورى الايرانى . و هنا تأتى الاجابة على ذلك السؤال بصراحة و وضوح شديد على لسان الجنرال حسين سلامي نائب قائد الحرس الثوري الإيراني الذى أكد فى حديثه لوكالة أنباء فارس الايرانية مؤخرا أن ميزان القوى الذي تشهده المنطقة يصب في مصلحة الثورة الإسلامية الإيرانية، مؤكدا وجود جيوش شعبية مرتبطة بالثورة الإسلامية بداخل العراق و سوريا و اليمن، يبلغ حجمها أضعاف حجم حزب الله بجنوب لبنان، و قد تزامنت تصريحات حسين سلامي مع اختتام الجيش الإيراني مناوراته العسكرية  التى شاركت فيها جميع تشكيلاته البرية و البحرية و الجوية، كما اعتبر حسين سلامي أن جماعة أنصار الله التابعة لجماعة الحوثيين في اليمن يمارسون الآن دورا أستراتيجي هام بمنطقة الخليج العربى لا يقل أهمية عن دور حزب الله في لبنان، بفضل اتخاذهم قيم الثورة الإسلامية نموذجاً، و هى تصريحات تأتى بالتوازى مع تصريحات رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني الذى أكد إن بلاده استطاعت أن تشكل قوة ردع تحفظ أمنها وتساعدها على الوقوف في وجه التهديدات، خاصة بعد نقل المعارك خارج الحدود الايرانية و بالتحديد فى الدول التى تم تصدير أفكار الثورة الاسلامية الايرانية اليها. و هنا لم يعد هناك مجالا للتحدث عن هلال شيعي لانه قد أكتمل و أصبح بدرا .

فادى عيد

الكاتب و المحلل السياسى بمركز التيار الحر للدراسات الاستراتيجية و السياسية

[email protected]