لم يستجب الانقلابيون لصوت العقل,بل ظلوا في غيّهم يعمهون,ستة أشهر بالتمام والكمال هي عمر غزواتهم الشيطانية التي ألحقت الضرر بالمدنيين في العاصمة ومدن الغرب الليبي,همهم السيطرة على مقدرات البلد بالقوة ولا سواها,لم لا وهم يملكون كافة أنواع الأسلحة قديمها وحديثها,بل وصل بهم الأمر إلى استخدام طائرة استطلاع بدون طيار فتحطمت وكانت إيذانا بسقوط عرشهم وزوال ملكهم الذي عضّوا عليه بالنواجذ,حاولوا تدمير قوت الشعب المتمثل في النفط انطلاقا من مبدأ "عليّ وعلى أعدائي" بعد أن فشلوا في السيطرة عليه,لم تسر الأمور وفق ما يشتهون أعلنوا أنهم غير معنيين بنتائج جنيف(القوة تعلّم الصراع),اعتقدوا أن لقاءاتهم مع المبعوث الاممي هو اعتراف بكيانهم غير الشرعي,تسارعت الأمور ذهب المخلفون من النواب إلى جنيف إيقانا منهم بان المجتمع الدولي لن يقبل بوجود إرهابيين على حدود أوروبا,خاصة بعد حادثة باريس الأخيرة.

أدركت الأستانة خطورة الموقف وما ينتج عنه من خسائر فادحة بحق من تدعمهم سياسيا واقتصاديا وعسكريا بمختلف أنواع الأسلحة,حيث تسيّر الدولة العثمانية طائراتها وبواخرها إلى الموانئ البحرية والجوية التي تسيطر عليها العصابات الإجرامية, قام السلطان العثماني"اردوغان" وعلى عجل باستدعاء واليه على إيالة طرابلس الغرب,فكان أن لبى الوالي النداء على عجل,تغير موقف الميليشيات الإرهابية,الذراع العسكرية لجماعة الإخوان فأعلنت قبولها وقفا لإطلاق النار وسعيها لفتح ممرات آمنة لنقل الجرحى والمرضى بالمناطق المنكوبة"لا يفل الحديد إلا الحديد",أو كما يقول المثل: كل سيد ليه سيد.

هكذا هم المجرمون,لا يقيمون وزنا للنداءات المتكررة بشان وقف الاقتتال وإفساح المجال أمام تبادل الأسرى وعودة المهجرين حديثا إلى ديارهم, بل وصل الأمر بالميليشيات إلى منع جرحى الطرف الآخر من تلقي العلاج بالخارج بل قامت بالإجهاز على بعض الجرحى ما يؤكد للجميع بأنهم لا يراعون حقوق الأسرى التي تنص عليها كافة الشرائع السماوية والقوانين الوضعية, ليثبتوا للعالم مع سيق الإصرار والترصد بأنهم أدنى أصناف البشر.

لم يعد أمام الانقلابيون إلا الرضوخ والسير في النهج الذي يرتئيه المشرفين على الحوار,حتما ستقدم لهم بعض المزايا التي ما انفكوا يطالبون بها ومنها إشراكهم في الحكم وتشكيل حكومة وحدة وطنية إلى حين صدور الدستور الذي ينظم الحياة السياسية في البلاد,ويبقى السؤال هل ستعمد الأمم المتحدة إلى محاسبة كل من أجرم في حق الشعب الليبي على مدى الأشهر الماضية وخاصة قادة الميليشيات والمحرضين على الفتن والقتل العمد لكل من يخالفهم الرأي على غرار مجرمي حرب البوسنة والهرسك من الصرب,فتصدر قائمة بأسمائهم للمثول أمام محكمة الجنايات الدولية,نتمنى أن يكون العالم جادا هذه المرة,لقد آن لهذا الشعب أن يستقر وينعم بالأمان الذي افتقده لسنوات,ما يقرب من خمس السكان خارج الوطن.

السؤال الذي يطرح نفسه,هل ستتخذ الإجراءات اللازمة بشان عودة المهجرين الذين اجبروا على ترك ديارهم؟,نعلم جميعا أن العصابات الإجرامية طاولت العديد من المهجرين حيث يقطنون "الملاجئ " التي هي أشبه بالمعتقلات التي تفتقر إلى ادني سبل العيش,فنكلت بهم,الحكومات المتعاقبة لم تفعل شيئا بشان تحسين أوضاعهم المعيشية,فأصبحوا كالغجر يعتمدون على المساعدات الأهلية,بينما الأموال العامة يتم صرفها فيما لا يعني,فهي تذهب إلى حسابات أصحاب النفوذ وقادة الميليشيات.حوارات جنيف ستأخذ وقتا لا باس به نأمل ألا تطول,لأجل وقف المعاناة.

كاتب ليبي