أن قطع الشطرنج لا تتحرك من نفسها فهى قطع صلبة ليس لها عقل أو ارادة و لكن يحركها لاعب ينظر لجميع رقع الشطرنج، و يحضر دور كل قطعة فى صفوفه لقتل قطعة من الخصم، أو كسب رقعة و مساحة جديدة تساعده على الانتشار و محاصرة الخصم، و لو أتبعنا تلك النظريات فى أمور السياسة و ما كان يحدث خلال العقود الاخيرة سيجد أن أغلب قطع الشطرنج أن لم يكن جميعها التى لعبت بها الولايات المتحدة الامريكية ضد القوى العظمى المنافسة لها كالاتحاد السوفيتى سابقا او روسيا الاتحادية حاليا، أو ضد العرب بما فيهم و على رأسهم حلفائها هى قطع الاسلاميون، نعم الاسلاميون الذى دعمهم جهاز الاستخبارات الامريكية عبر وسطاء فى الشيشان ضد الروس قبل أن يتخطو حدودهم و يتجرئو على الولايات المتحدة نفسها، الاسلاميون التى كانت أول بذورهم مع نشأءة جماعة الاخوان المسلمون بمصر على يد مؤسس الجماعة " حسن البنا " و كتابة شهادة ميلاد الجماعة فى مكتب أستخباراتMI6  بلندن قبل أن تحتويهم الولايات المتحدة و تشرف عليهم بعد أن تسلمت كامل ملفاتهم من لندن بعد الحرب العالمية الثانية، و أحتواء عناصر جماعة الاخوان بدول الخليج العربى اثناء فترة تولى الزعيم " جمال عبد الناصر " الحكم بمصر و محاربته لجماعات العصور الوسطى التى حاولت أغتياله ثلاث مرات، و التى كانت ذراع قوى لبريطانيا داخل مصر بأتباعها الضغط المستمر على " جمال عبد الناصر ".

و فى المرحلة الحالية بعد أن أستخدمت الولايات المتحدة الاسلاميون لتنفيذ مخطط الشرق الاوسط الجديد، و أحداث فوضى الربيع العبرى، و زرع بزورهم بدول أفريقيا الغنية بالنفط كنيجيريا و التى تعد خامس أكبر مورد للنفط للولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن أصبحت  جماعة بوكو حرام قوة مسلحة حقيقية على الارض، باتت الولايات المتحدة الامريكية توجه بوصلة الاسلاميون تجاه العدو الاكبر لها المتمثل فى كيان منظمة البريكس .

حتى بدئت مرحلة جديدة من تكسير العظام بين الولايات المتحدة و فريق الغرب ضد فريق منظمة البريكس بعد أن أعلن تنظيم القاعدة فتح فرع له بالهند، و دعا فيه أتباعه بشن هجمات ضد أعداء الدين و دعا مسلمون الهند للانضمام لصفوفه، و بتلك الخطوة علينا أن نسئل أنفسنا لماذا الهند بالتحديد، و الجواب يكمن داخل الخريطة الديموغرافية الهندية و عن السكان المسلمون الهنود و وضعهم داخل الدولة الهندية، و طبيعة الطوائف الدينية بدولة يتخطى عدد سكانها المليار نسمة كان لها تجارب صعبة لكى تتخلص من الصراعات الدينية و الاثنية، كذلك أيضا مع تلك الخطوة علينا تأمل مشهد الصراع التاريخى بين الهند و باكستان ( ذات الاغلبية المسلمة و التى ينتشر بها الفكر القاعدى ) حول أقليم كشمير، فمازالت الولايات المتحدة تخلط أوراق الفوضى بكل مكان و تكسر عظام الجميع، تهدم كل بيت حتى لا يبقى سوى بيتها الابيض الذى يحكم العالم .

حقيقة الامر خطوة تنظيم القاعدة بدخول الهند هى أمر واضح لتصدير الفوضى التى ضربت الشرق الاوسط مع بداية 2011م، و أوكرانيا للمرة الثانية بعد الثورة البرتقالية فى 2004م و الثورات الملونة التى عصفت بدول الاتحاد السوفيتى سابقا فى تلك الفترة ايضا، أما ما لا يظهر على السطح فى مثل تلك الخطوة و هو أعداد واشنطن لجوالات حاسمة لضرب منظمة البريكس بأطلاق نيران الفوضى بثالث اقوى دولة بالمنظمة الا و هى الهند، خاصة بعد أستمرار الغرب فى فرض العقوبات على رأس حرب منظمة البريكس موسكو، و التى كانت اخرها العقوبات التى فرضتها كندا على روسيا بعد أن أعلن وزير الخارجية الكندى " جون بيرد " فرض عقوبات واسعة على المصارف و البنوك الروسية و كل من له علاقة مباشرة بأحداث شرق أوكرانيا من قادة الجيش الروسى .

و قد ضمت القائمة السوداء للعقوبات الكندية الجديدة على موسكو 10 شركات روسية، و هي مصرف  فنيش إيكونوم بنك، و بنك الاقتصاد الخارجي الروسي، و غازبروم بنك، و مؤسسة بناء الماكينات العلمية الصناعية الروسية، ومؤسسة بازالت، وكونسورتيوم ألماز أنتي، وكونسورتيوم كالاشنيكوف، ومكتب تصميم   الأجهزة، وشركة نوفاتيك، وكونسورتيوم التقنيات الراديو إلكترونية كريت، وشركة سوزفيزديه، وجميعها من الشركات التي استهدفتها حزمة العقوبات الثالثة التي فرضتها الولايات المتحدة  ضد روسيا في 16 يوليو الجاري، كما شملت العقوبات الكندية جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك و 8 من قادتهما، وهم رئيس الوزراء  لجمهورية دونيتسك الشعبية   " ألكسندر بوروداي "، ونائبه " ألكسندر كاليوسكي " و " فلاديمير أتيوفييف "، و وزير الإعلام و العلاقات الاجتماعية في الجمهورية " ألكسندر خرياكوف "، ورئيس جمهورية لوجانسك " مارات بشيروف "، ونائبه " فالسيلي نيكيتين "، ورئيس المجلس الأعلى في الجمهورية " أليكسي كارياكين "، ووزير داخليتها " يوري إيفاكين " .

بالفعل الحرب الباردة تدخل الان مرحلة أشد بين قطبى السياسة العالمية، و بدء الصراع ينتقل الى اراضى جديدة، فأولى الجوالات المباشرة كانت فى ليبيا و تذكرو تصريح " بوتين " عندما قال أثناء الحوار التلفزيونى الذى أجراة يوم 17 ابريل، عندما قال أن العلاقات مع الولايات المتحدة انتهت بعد الاحداث فى ليبيا و ليس بعد احداث شبه جزيرة، و ثانى الجوالات كانت فى سوريا و التى لم يحسم وضعها بعد، و الثالثة كانت بأوكرانيا و التى بات فيها الطرفين يقتسمونها كما يقتسم الاسود الفريسة، و الان نحن بصدد جولة جديدة فى الهند، و توجيه جديد للاسلاميون من خلف الستار على رقع شطرنج الحرب الباردة .

كاتب مصري 

الكاتب و المحلل السياسى بمركز التيار الحر للدراسات الاستراتيجية و السياسية

[email protected]