منذ ان قال المخرج كلمة " اكشن " لتصوير اولى مشاهد الربيع العربى او بالاحرى العبري منذ بداية عام 2011م  مرورا بكل ما شهدته دول الربيع و صولا للمشهد المعقد الذى تعيشه المنطقة و لاتوجد دولة بل او حكومة او حزب او قوى سياسية الا و ان ظهرت اكثر من مرة على الشاشة، ما عدا دولة واحدة كانت اقل دول الاقليم ظهورا فى الشاشة خلال الخمس سنوات الاخيرة برغم ان أى تأثير او تغيير ايا كان ايجابى او سلبى فهو له مردود مباشر عليها و لكن رغم ذلك كانت فى اغلب المشاهد الساخنة بعيدة عن الاضواء، اذا فأين كانت تتواجد فى تلك الاوقات دولة أسرائيل و حكومتها و جهاز استخباراتها الموساد .

 

لو دققنا النظر الان فى المشهد السياسي الذى يمر به الاقليم سنجد أن جميع القوى سواء كانت القديمة او الجديدة، سواء كانت المستحدثة او العائدة فى حالة صراع أو مرحلة مساومات و  تسويات ( فلم يعد يوجد حالة سلم الان ) الا ان دولة الاحتلال الاسرائيلي تتحرك ليس فقط خارج الصندوق و لكن بعيدا تماما عن خشبة مسرح الاحداث العالمية مستغلة كل أزمة ايا كانت سياسية او اقتصادية او اجتماعية او عسكرية لتنقض هى كالصقر على فريسته، نعم هى افضل من يستغل الازمات لتتدخل فى الوقت المناسب دون ان يشعر بها احد لتخلق لنفسها مكان على رقعة الشطرنج لكى يتحول فيما بعد لنقطة ارتكاز تتحرك منه وقت ما تشاء، و دعونا نتذكر كيف تحرك الموساد أثناء الغزو الاميريكي للعراق سواء على الحدود التركية العراقية و تواصلها مع حكومة حزب العدالة و التنمية لكى تتدخل بشكل مباشر و تقطع المياة عن انهار العراق بأقامة مشاريع سدود الفرات عبر 67 شركة اسرائيلية، او التحرك داخل بغداد نفسها و سرقة تاريخ الحضارة العراقية التى شكلت عقدة تاريخية لدى بني أسرائيل و سرقة كل محتويات متاحف بغداد، او فى تحرك الموساد داخل المدن الكردية و شراء العديد من الاراضي فى تلك المدن بعد ان قامت اسرائيل بفتح باب الهجرة لليهود العراقيين للذهاب الى تل أبيب،  حتى بات للموساد مقرات أكثر من افرع المحلات الغذائية بالاراضى العراقية، كل هذا و اكثر ذهبت اليه اسرائيل وقت ما كانت جميع الكاميرات مسلطة على ساحة الفردوس و مشهد سقوط تمثال صدام حسين .

 

تمر السنوات و يأتى الصراع بين واشنطن و موسكو على رقعة اوكرانيا، و تتجه انظار الجميع نحو العاصمة الاوكرانية كييف حيث المظاهرات و الاحتجاجات و الصدمات الشرسة بين المتظاهرين و الشرطة الاوكرانية، و نفس الامر بلوجانسك و دونتيسك بشرق اوكرانيا، و قبل ان ينشغل الجميع بالقرم التى خلعت الثوب الاوكرانى و ذهبت لدفئ فرو الدب الروسي، و وقت ما كانت جميع الكاميرات مسلطة على ساحات كييف و مشهد سقوط تمثال لينين كان الموساد يتحرك داخل اوكرانيا مستغلا للازمات التى تمر بها البلاد و العمل على جذب اليهود الاوكران الى تل أبيب و قد كان .

 

نفس الامر كانت اسرائيل تقف فى الكواليس تتلقى الجرحى و المصابين من جبهة النصرة و تدعمهم مجددا بالسلاح بعد انتهاء فترة علاج مليشيات انقرة و جند الدجال مدعومة بتصريحات من الخارجية الاسرائيلية و دفاعها عن الجهاديين بسوريا التى وصفتهم بمطالبي الديمقراطية، و هى التصريحات المسمومة التى تذكرنا بتصريحات الخارجية الاسرائيلية بقولها " رحبو معنا باولى ثمار الربيع العربى بليبيا " بعد سقوط نظام القذافى، و تنفيذ مخطط ممنهج على يد حلف الاطلسي لتدمير مؤسسات الدولة الليبية، و بعد ان أصبحت ليبيا مرتعا لجواسيس الاستخبارات البريطانية  .

 

فادى عيد

الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط

[email protected]