أُجبر " برناردينو ليون " على رفع القدر " الطنجرة "  من على النار ووضعها بالأرض , وإن كانت غير مستوية .. فإجبار الليبين على الحوار ولو بالركل أسلم وأفضل لليبيا من دوامة الحرب المركبة .. فحدوث الحوار بأدنى مستوياته ولو بحضور الطاولة دليل تحرك الأمم المتحدة باتجاه إقرار السلم ومعارضة القتال فعلياً ..  وتصرف " ليون " يمثل إشهار بطاقة صفراء تحذيرية لكل أمراء الحرب والسراق المتدثرين بالثورة أو بالدين أو بالوطنية  .. وتهديد صريح بإشهار البطاقة الحمراء وإنزال العقوبة مستقبلاً .. فالأمم المتحدة وحدها القادرة على إخماد الحرب ونزع السلاح كرهاً أو طوعاً .. وكف مليشيات ليبيا المتصارعة على السلطة والمال عن استخدام لغة السلاح كوسيلة لتحقيق أطماعها .. وإرجاع الجميع لمربع الحوار والصراع السياسي السلمي, مما سيجعل مليشيات المتشددين التي يتزعمها متطرفون من شبه الجزيرة العربية تطفو على السطح وتعلن عن وجودها الغير منتمي لليبيا , وتحمل أوزار الإرهاب الذي تنتهجه بحق البشر ..!!

حدوث الحوار وخروجه بنتائج وتوصيات وأن كانت غير مرضي عنها أو مهزوزة وخجولة يعد نجاحاً نسبياً .. وخطوة جريئة عجز عن تحقيقها " طارق متري " وابتعد عنها الليبيون كثيراً .. !!

بالأمس لا يوجد حوار .. واليوم وُجد الحوار .. هذا الفارق أخرج الليبيون من مرحلة جنون الحرب وموسم الرصاص إلي مرحلة النقاش والتباحث والتنازل لصالح الوطن عن مصالح الفئة .. وقسم الليبيين إلي فئتين .. إحداهما مع الحوار وضمنه والأخرى ضد الحوار وتناهضه .. وفتح الباب على مصرعيه لتعديد المطالب والإفصاح عنها بأسلوب منطقي من كافة الأطراف .. وإبراز المظالم وتصنيفها وفق رؤى محايدة " نسبياً " .. مما سيملي على الجميع الإعتراف بمبادئ ومرجعيات محددة ومعلنة والركون إليها " هذا أهم شيئ " بعدما أصبحت المبادئ ومرجعيات الإنتماء والشرعية والوطنية مشاع بين المتقاتلين منزوعة الدلالة هلامية ومتطايرة ..!!

الحوار الذي فرضه " برناردينو ليون " كان يجب أن يكون من أولويات عمل المجلس الانتقالي .. وكان على " محمود جبريل " ومكتبه التنفيذي تخصيص جهة مستقلة لرعاية موضوع الحوار والمصالحة بدل افتتاح جهنم الأحزاب والنفخ بمزاميرها صباح مساء .. إذ كانت المسافة بين الليبيين أقرب مما هي عليه الآن .. وكانت الأضرار وسطوة المليشيات أقل حينها ..!!

أمام " برناردينو ليون " مهمة تفعيل دور الأمم المتحدة وفرض قرارتها بعدما وسمها " طارق متري " بالجمود والتقصير وجعلها شماعة يلعق عليها الفشل ومحط إنتقاد من الأطراف الليبية والخارجية .. وعليه تكثيف الحوار وجمع الأطراف إليه وتحقيق مخرجاته بأسلوب معلن وإشراك الأطراف الليبية في تحقيق المخرجات وألزامها به لضمان نجاح الحوار بشرط أن يحذر ويحاول أن يحتفظ برأسه بين كتفيه طالما هنالك طرف لازال يعبر عن وجوده بالرصاص ..!!

 

كاتب ليبي