قال موقع يورو آسيا ريفيو إن ليبيا عادت إلى تصدر عناوين الصحف الأمريكية إثر المعارك الدائرة بين الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والميليشيات المؤيدة لحكومة الوافق الوطني بقيادة فايز السراج التي تدعمها الأمم المتحدة والتي أسفرت عن مقتل اكثر من 300 شخص وجرح 1600 اخرين بالإضاف لنزوح 90 ألف ليبي.

وأضاف الموقع أن اخر مرة تصدرت فيها ليبيا الصحف الأمريكية كانت في عام 2011 عندما اندلع الربيع العربي وشن حلف الناتو بقيادة أمريكا هجوما عسكريا ساعد في الإطاحة بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، عقب ذلك تصدرت ليبيا الصحف في عام 2012 عندما هاجم أعضاء أنصار الشريعة مجمعًا حكوميا أمريكيا في بنغازي وقتلوا جون كريستوفر ستيفنز السفير الأمريكي في ليبيا وثلاثة أمريكيين آخرين، في الوقت الحالي وبعد ثماني سنوات من عدم الاستقرار والاضطراب يشهد العالم تغير النظام في ليبيا للمرة الثانية خلال عقد. 

وقال الموقع إن روسيا رأت أن انهيار نظام القذافي في عام 2011 كان بمثابة ضربة لمصالحها السياسية والاقتصادية. واليوم يسعى الكرملين إلى الاستفادة من عدم الاستقرار في ليبيا لتعزيز صورته كوسيط قوي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والاستفادة اقتصاديًا من عقود النفط والعقود الحكومية.

وفي عام 2011  اضطلعت الولايات المتحدة بدور أساسي في التدخل بقيادة حلف شمال الأطلسي /الناتو/ للإطاحة بالقذافي الذي ساعد في سقوط البلاد في الفوضى. وكان من الممكن لروسيا أن تستخدم حق النقض ضد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعام 1973 والذي استخدمه الناتو لتبرير تدخله لكنها اختارت عدم القيام بذلك. 

ولسنوات اعترفت الولايات المتحدة رسميًا بأن حكومة الوفاق الوطني هي هيئة الحكم الرسمية في ليبيا ومع ذلك، فإن المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس ترامب في 15 أبريل مع المشير حفتر تشير إلى تحول البيت الأبيض العام إلى التعبير عن دعمه للجيش الوطني الليبي. 

من الصعب فهم الديناميات الحقيقية لساحة اللعب في ليبيا لأنه نادراً ما يكون من الواضح من الذي يدعمه كل بلد في أي وقت. ومع ذلك فإن لروسيا مصلحة في ضمان وضع حد نهائي مقبول للوضع في ليبيا.

وتبقى روسيا مستثمرة في مستقبل ليبيا لأنها ترى أن ليبيا لها دور فعال في دعم المصالح الروسية. وتشمل هذه المصالح في المقام الأول الفوائد الاقتصادية لما يسمى تجارة "الأسلحة مقابل النفط" والعقود الحكومية وقوة المساومة ضد الاتحاد الأوروبي والوصول إلى موانئ البحر المتوسط وإطفاء التهديدات الإسلامية المتطرفة في الخارج بدلاً من داخل حدودها، والبصريات من تأثير الحقبة السوفيتية في الشرق الأوسط وأفريقيا. والتقى مسؤولو الحكومة الروسية بمختلف الاتصالات الليبية لضمان أن أي كان من يسيطر على البلاد سيدعم أهداف روسيا.

وعلى الرغم من كونهما من أعضاء في مجلس الأمن الدولي الذي يدعم السراج ، إلا أن روسيا والولايات المتحدة كانتا ودية تجاه خليفة حفتر لكن روسيا كانت حريصة على عدم المبالغة. ووفقًا لفاسيلي نيبينيزا الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة تجنب الكرملين اختيار الفائزين والخاسرين. بدلاً من ذلك قدمت روسيا نفسها على أنها تدعو للسلام والاستقرار في ليبيا. وسافر حفتر إلى موسكو أكثر من ثلاث مرات منذ عام 2016 لعقد اجتماعات بشكل رئيسي مع وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو ووزير الخارجية سيرجي لافروف. 

وكان المشير أيضًا على متن حاملة طائرات الأدميرال كوزنتسوف الروسية في البحر الأبيض المتوسط في عام 2017 حيث تحدث مع سيرجي شويجو عبر مؤتمر عبر الفيديو. لم يقر الكرملين تأييدًا كاملاً لحفتر علنًا على الرغم من تقديم الدعم المادي. وفي مارس 2019 صرح الجنرال فالدهاوسر الأمريكي للجنة مجلس القوات المسلحة بأنه "وراء الكواليس ، لا يوجد شك في حقيقة أنهم -الروس- دعموا الجيش الوطني الليبي بجميع أنواع المعدات والأفراد والتدريب وما شابه. 

ولم يقف تأييد روسيا لحفتر عند الدعم العسكري بل أمتد إلى طباعة الدينار الليبي لتمويل قضيته أيضا. وروسيا تقيم علاقات مع مصر التي تشترك في مصلحة حفتر لسبب مختلف: قد يكون حلاً لمشكلة أمن الحدود الغربية لمصر. في النهاية يهتم الكرملين بحفتر طالما يدعم المصالح الروسية.

والمخاطر كبيرة بالنسبة لروسيا. لقد خسرت مليارات الدولارات عندما إطاح الناتو بنظام القذافي في عام 2011 والآن تريد استعادة أموالها. وأوضح سيميون باجداساروف النائب في مجلس الدوما الروسي في مقابلة مع برافدا أن حفتر يمنح روسيا القدرة على استرداد -حتى ثلاثة أضعاف- العقود النفطية والعسكرية التي تبلغ قيمتها 4 مليارات دولار  والتي خسرتها روسيا عندما قتل القذافي. 

ومن جانبه صرح حفتر بأن "ليبيا تتمتع بتاريخ طويل من العلاقات الجيدة مع روسيا، لقد ذهبت إلى موسكو لأنني أردت تجديد العديد من العقود التي توقفت في عام 2011"، يعد إنتاج النفط أحد الاعتبارات الاقتصادية الرئيسية لروسيا خاصة في شرق ليبيا. تنظر الشركات الروسية روسنفت وغازبوم وتاتنفت إلى المنطقة كمصدر للعقود المربحة. وفي نهاية المطاف سوف يقوم الكرملين بتنويع رهاناته إلى أن يصبح من الواضح من سيحكم موارد ليبيا.

ويجب على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي أن يقررا مرة أخرى ما يجب القيام به في ليبيا، ولكن هذه المرة ستكون روسيا أكثر اضطرابًا لحماية مصالحها. ومن خلال الدفع علنا لإيجاد حل سياسي ودعم حفتر بهدوء يأمل الكرملين في الظهور وكأنه ينظف فوضى الولايات المتحدة بعد عام 2011 في ليبيا. 

إذا ساعدت روسيا في استعادة بعض مظاهر النظام فيمكن أن تبدو وكأنها وسيط سلام في المنطقة مما يضيف مصداقية إلى انتقاداتها للسياسة الخارجية الأمريكية ونزع الشرعية عن مؤسسات دولية مثل الناتو والأمم المتحدة. وعلى المدى القريب يجب على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ممارسة الضغط من أجل وقف إطلاق النار والمفاوضات السياسية.




*"بوابة إفريقيا الإخبارية" غير مسؤولة عن محتوى المواد والتقارير المترجمة