إن أوجه الشبه بين الأحداث التي وقعت في عام 2011 و أدت إلى انهيار ليبيا وغزو عام 2003 الذي  لم يسترد العراق عافيته منه بعد تشير إلى أن العالم عاجز عن تعلم الدروس حتى من التاريخ الحديث.

وفي الحالتين  كان التدخل الغربي مسؤولاً عن الإطاحة بنظام قوي، وفي الحالتين لم يقدم أي شخص بديل عملي.

ويستمر العراق في النضال من أجل تشكيل حكومة متماسكة مع عواقب وخيمة على الاقتصاد والأمن وتوفير الخدمات العامة الأساسية مثل المياه النظيفة.

وفي ليبيا لم يؤد غياب الحكومة المستقرة إلى تعطيل الخدمات الأساسية فحسب ، بل أدى أيضًا إلى تحويل البلاد إلى أرض خصبة للمتطرفين مما ترتب عليه عواقب كارثية على المنطقة بأسرها وخارجها.

وكان الهجوم على مقر وزارة الخارجية في طرابلس في ديسمبر الماضي هو الأحدث في سلسلة من الهجمات التي أعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عنها.

وكما هو الحال في العراق تتمتع ليبيا باحتياطيات نفطية كبيرة وهو ما يعني اقتصاداً قوياً، ولكن في الدولة الواقعة في شمالي أفريقيا كان الإنتاج والتصدير معطلين باستمرار من قبل الجماعات المسلحة التي تناضل من أجل السيطرة على المنشآت.

ولقد تركت أمر إعادة الأمور إلى نصابها إلى الأمم المتحدة مدعومة من الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية في محاولة لمواءمة مصالح المجموعات القبلية القوية وإجراء انتخابات تقود إلى حكومة وحدة وطنية، لكن التقدم كان بطيئا بشكل مؤلم.

وفي مؤتمر عقد في باريس في مايو الماضي  وافقت الفصائل الليبية المتنافسة على إجراء انتخابات في شهر ديسمبر، وهي خطة تم التخلي عنها في نوفمبر الماضي في مواجهة مسرحيات السلطة من قبل الهيئتين الحاكمتين المتنافستين في البلاد.

وقد اتهم غسان سلامة  المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا المجموعات  المسلحة  بتجاهل إرادة الغالبية العظمى من الليبيين سعياً وراء مصالحهم الخاصة.

ويوم الجمعة الماضي  أخبر سلامة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن مثل هذه المكاسب التي تحققت في ليبيا على مدى السنوات القليلة الماضية كانت هشة ومجرد فريسة للحيوانات المفترسة الذين إذا لم يتم القضاء عليهم  سيجدون طرقًا لعكس هذه المكاسب.

وفي نهاية المطاف يمكن لليبيين أنفسهم فقط كسر الجمود السياسي في البلاد، وكما يقول سلامة "رسم مسار للخروج من هذا الشعور بالضيق ، نحو الاستقرار والازدهار".

وتستند آمال هذه الأمة الآن إلى تنظيم مؤتمر وطني تدعمه الأمم المتحدة في غضون الأسابيع القليلة المقبلة  يهدف إلى الجمع بين جميع الأطراف وتهيئة الساحة لإجراء الانتخابات في الربيع.

وأكدت كارين بيرس  -سفيرة بريطانيا  لدى الأمم المتحدة- على ضرورة تمثيل مجموعة واسعة من المجتمع الليبي بما في ذلك النساء   في المؤتمر.

ومن المحتم أن تقوم الفصائل المتعددة التي تشكل الطبقة السياسية في البلاد  -التي لا تقول شيئاً عن مئات الميليشيات المدمرة بشكل عام- بتجنيب المصلحة الذاتية الضيقة والعمل معاً من أجل مصلحة الناس الذين يدعون أنهم يمثلونهم.

ولقد عانى الشعب الليبي ما يقرب من ثماني سنوات من الفوضى الدموية،  لقد حان الوقت حتى تقف ليبيا على قدميها من جديد وتنهي معاناتها.




*"بوابة إفريقيا الإخبارية" غير مسؤولة عن مجتوى المواد والتقارير المترجمة