في الحوار التالي مع وفاء التروزي استاذة باحثة بجامعة السلطان مولاي سليمان تخصص: مراقبة جودة المواد الغذائية، تحليل البيانات والصناعة الإيكولوجية الذكية، تحكي قصة زميل دراسة لها من نيجيريا نصراني الديانة، أقدم على صيام شهر رمضان متأثر بالأجواء التي يشهدها المغرب خلال هذا الشهر:

* هلَّ علينا شهر رمضان المبارك بخصوصياته ويومياته الخاصة جدا، كيف تعيش هذه اللحظة أو هذا الموسم الديني؟

شهر رمضان  هو حقا شهر مبارك ننتظره بفارغ الصبر، حيث ما ان ينتهي نبدأ نتشوق، نحسب و نعد الأيام لاستقباله من جديد. فهو ذلك الضيف الخفيف الظل، الثقيل الوزن و المقام.

* لشهر رمضان أجندته الخاصة، إذ عادة ما يتغير الروتين اليومي للكثيرين. بالنسبة لكم كيف يمر يومك الرمضاني؟

حقيقة مع حلول شهر رمضان المبارك، تجد الناس مقبلين أكثر على الطاعات و قراءة القرآن و كذا الاكثار من الصدقات و صلة الأرحام. فهو بمثابة ذلك الموسم الربيعي الذي تتهافت له النفوس لكي تنمو و تتطهر؛ بعد أن تبللت بقطرات الندى الشذية في شهري رجب و شعبان الأبركين. فالاقبال و التسارع الكبيرين على القيام بالفرائض و الطاعات و الأعمال الخيرية إن كان يصل الى ذروته في شهر رمضان فهذا نتاج الاستعدادات و التحضيرات الروحية و النفسية المعمل بها بشهري رجب و شعبان. ففي هاذين الأخيرين، يشرع المؤمن بوضع جدول عملي لأنشطته الايمانية و يرسم خطوطا لمجمل الأدعية و الرغبات التي يرجو الله تعالى أن يستجيب لها.

* هل يؤثر رمضان على عملك وأنشطتكم اليومية؟

في خضم هذه الأجواء النورانية تجد المسلم يجتهد نهارا في عمله مقتنعا بأن العمل عبادة، و ليلا يتسابق إلى المساجد  لصلاة التراويح و الاستماع إلى الدروس الدينية المنظمة الذي يلقيها الأئمة على المنابر قبيل صلاة العشاء و التراويح.

صراحة انه شهر مليء بالأنشطة و الأعمال ذات الصبغة الدينية و الدنيوية – يمكن القول الوصول الى الذروةـ مما يجعله شهرا متميزا بعيدا كل البعد عن الروتين اليومي الذي نعيشه في باقي شهور السنة.

و مما يثير الدهشة و الاستغراب أنه في خضم هذه الوتيرة المتسارعة و المكثفة في الأعمال نهارا و ليلا، تجد المسلم العامل أكثر نشاطا و حيوية :كأن روحا أخرى أضيفت له. فلو حسبنا معدل ساعاته في النوم يوميا فإنها لا تتراوح عن 3 أو 4 ساعات على الأكثر طيلة هذا الشهر الحبيب.

* لكل منا ذكريات مع أيام الصيام الأولى أو الصيام خارج الوطن، ما هي أكثر الذكريات رسوخا في ذهنك بهذا الخصوص؟

ذكرياتي مع أيام الصيام الأولى ترجع الى سن 8 سنوات حيث تم تشجيعي لصيام يوم كامل. رافق هذا اليوم احتفالا أسريا بقي راسخا في ذهني حيث تم تزيني بلباس تقليدي وحلي من الفضة. كما ملئت المائدة بألذ الأطباق وخصوصا المفضلة لي.

وأتذكر جيدا أن والدتي رحمها الله أطعمتني الحليب و التمرـ كأول مرحلة لكسر الصيام ـ بينما تعالت أصوات باقي أفراد الأسرة بالزغاريد و الصلاة على أشرف المرسلين.

كما أريد أن أشير الى ذكرى أخرى خالدة في ذهني تعود الى فترة الدراسة بكلية العلوم و التقنيات و بالضبط السنة الأخيرة للحصول على دبلوم" الميتريز" آنذاك. حيث تزامن شهر الصيام مع فترة التمدرس، و كان من ضمن زملاء الدفعة زميل من نيجيريا نصراني الديانة، فلما عرف أن المسلمين في هذا الشهر يصومون فينقطعون عن الأكل و الشرب من بزوغ الفجر الى غروب الشمس أقدم على صيام الشهر مثلنا متحججا بأنه لا يستطيع أن يأكل و يشرب في حين باقي زملائه صائمون. كما عبر عن رغبته في أن يعيش تلك الأجواء عن قرب فجاءت المبادرة بأن يحل ضيفا كل أسبوع عند أحد من الزملاء المقيمين بالمدينة.

* رمضان شهر يتميز بالإقبال على القراءة. ماذا تقرأ في رمضان؟

عادة في شهر رمضان أكتفي بقراءة القرآن الكريم بطريقة مكثفة حتى أتمكن من ختمه ـ اذا أمكن ـ  أكثر من مرة.

* شهر رمضان موسم ديني تتوحد فيه البلدان والجاليات الإسلامية عبر العالم. لكن يبقى لكل بلد أو منطقة خصوصياتها الخاصة. ماذا يميز بلدكم أو منطقتكم عن غيرها؟

شهر رمضان بالمغرب يتميزـ بالاضافة الى الأجواء الروحانية العطرة بالمساجد التي تتزين بالأئمة وأروع القراء والمرتلين ـ بنوعية الأطباق التي يتم تحضيرها لوجبتي الافطار و السحور. حيث يعتبر طبق" الحريرة" أساسي في كل بيت مغربي أثناء الافطار وطبق" سلو" أثناء السحور دون أن ننسى التمر كعنصر أساسي في كلتاهما.

* كلمة أخيرة

اللهم تقبل منا رمضان وأعده علينا سنين عديدة. واجعلنا فيه ممن شملتهم رحمتك ومغفرتك والعتق من النار. اللهم صياما تاما وقياما متقبلا.