أعلن الدكتور منير التليلي وزير الشؤون الدينية في تونس ،أن الوزارة ربحت حربها ضد المتشددين الذين أحكموا قبضتهم على المساجد ما بعد الثورة،وهناك على حد قوله "صفر" مساجد مسيطر عليها اليوم بمعنى أن بيوت الرحمان تحت جناح الوزارة اليوم.

وأوضح الدكتور التليلي أن الوزارة لقيت صعوبة في بداية حملة استرجاع المساجد ،واختارت الحوار واحترام الحرية وحق كل شخص في الغذاء الروحي لكن هؤلاء رفضوا الحوار(الأئمة المتشددين) ،فتمّ تكوين لجنة للتنبيه عليهم في هذا المجال، منهم من استجاب ومنهم من رفض،فكان القانون الفيصل لفرض احترام قدسية الجوامع.

وأكد أن الأمن لم يدخل المساجد عند الاستحواذ عليها ولم يستعمل القوة لإنزال هؤلاء من المنابر ولم يرغب في إثارة الهلع والبلبلة والصراخ حفاظا على حرمة المساجد وسلامة المواطنين وكان التعويل على الصبر والحكمة في هذا المجال و كانت نتيجة الصبر في نهاية الأمر الانطلاق في استرجاع 149 جامعا وقع الاستحواذ عليها من طرف التكفيريين الذين يدعون في خطابهم إلى التكفير وتفتيت المجتمع التونسي.ثم تمكنت الوزارة منذ ثلاثة أسابيع تقريبا من استرجاع المساجد المستولى عليها لتكون الحصيلة "صفر استيلاءات" وهو أمر اعتبره الوزير الدكتور التليلي ليس بالهين،إذ أخذ من مختلف الأطراف والوزارات المعنية على المستوى المركزي و الجهوي جهدا كبيرا وكان التعاون والتنسيق في هذا المجال متينا وقويا ومدروسا .

خطب ضعيفة

وفي ما يتعلق بتطوير الخطاب داخل المساجد و الابتعاد به عن التحريض والعنف والدعوة إلى الفتنة ،قال الدكتور التليلي بأن الخطاب داخل المساجد من المسائل المحيّرة فعلا مما يستوجب التفكير والتدبير، خاصة خطبة الجمعة،فرغم قصر الوقت المحدد لها(نصف ساعة) إلا أنها تنطوي على خطورة بالغة،فهي موجهة إلى مختلف الشرائح العمرية ويمكن ان يستغلها الإمام غير المتمكن لحشو أفكار المصليين بما يفرّق بين المسلمين .لكن للأسف القوانين التونسية خلال النظام السابق منعت الوعّاظ من إلقاء الدروس والخطب وصعود المنابر.أدى ذلك إلى جعل الخطب التي تُلقى على المنابر متواضعة وضعيفة وروتينية لا تشدّ أغلب المصليين. و لمّا جاء الخطاب التكفيري بعد الثورة شعر المصلي بخطاب مختلف عن السائد وتمسكت الأغلبية به أول الأمر، لكن سرعان ما اكتشف المصلون ضعف هذا الخطاب باعتباره يكرر نفسه. وأضاف أن نسبة الأئمة الذين يصعدون المنابر في تونس تساوي 4 فاصل 9 بالمائة فقط، وهو عدد دون المأمول،موضحا أن أقل من 5 بالمائة فقط من الأئمة الذين يعتلون المنابر هم من أهل الاختصاص وهذا خطير .

الخطاب الديني

بعد هذا الوضع لقيت الوزارة نفسها أمام ضرورة التكوين و رسكلة الخطاب الديني لذلك بعثت مؤخرا المعهد الأعلى للخطابة و الإرشاد بمحافظة القيروان عاصمة الأغالبة العريقة لتكوين الأئمة والخطباء والتصدي للفكر المتطرف وإحياء القيم الإسلامية السمحة .

هذا إلى جانب إعادة الاعتبار للمعهد الأعلى للشريعة المختص في تكوين الأئمة بطرق حديثة تمكنهم من الانفتاح على التجارب المختلفة وتطوير معارفهم والتمكّن من مصطلحات جديدة وتوظيف هذه المعارف للتصدي للفراغ الروحي للتونسيين وحالة التصحّر التي تعيشها الأغلبية منذ سنوات طويلة.

وأضاف بان متطلبات التعليم الحديث تستوجب إعادة النظر في التكوين ونوعية المواد واللغات المدرّسة التي يحتاجها الدارس في العلوم والتفكير الإسلامي حتى تتنوع مصادره ويكون قادرا على تسويق أفكاره التسويق الإيجابي والمطلوب. كما أن مقاومة "الأمراض الاجتماعية" مثل الانتحار والمسكرات والمخدرات بأنواعها والالتحاق بصفوف الإرهابيين تعالج بمقاومة فكرية لينة وخطاب ديني واعد وثابت لأن المقاومة الأمنية وحدها لا تكفي.

خطة عمل علمية

وتناول وزير الشؤون الدينية في تصريحه الإذاعي مسألة قتل النفس المنتشرة في المجتمع التونسي من منطلق تكفيري انتقامي، مؤكدا أن القاتل والمقتول في النار مستشهدا بقول الرسول الكريم عليه السلام "لَهدم الكعبة حجر حجر أهون على الله من سفك دم امرئ مسلم".

أما بالنسبة لمسألة تسليم الوزارة لمن سيخلفه في حكومة السبسي الجديدة قال وزير الشؤون الدينية التونسي بأنه سيعطي من سيخلفه فكرة شاملة عن أهم الملفات المطروحة على طاولة الدرس لمعالجتها والبت فيها في إطار تواصل المهام لأجل مصلحة البلاد. كما أوجدت الوزارة بالتعاون مع رئاسة حكومة مهدي جمعة خلية لأول مرة تعمل على إيجاد خطة علمية حول متطلبات الوزارة لتطوير الواقع الديني بالبلاد وسيتم تسليم وزير الشؤون الدينية الجديد هذه الخطة عند تسلم مهامه.

وحول خروجه من الوزارة وعودته إلى الإمامة باعتباره كان إماما سابقا في أحد مساجد العاصمة التونسية ،أجاب الوزير قائلا " شرف لي صعود المنبر من جديد وهي مواصلة لعمل الأنبياء والرّسل لكن مهنتي الأصلية تشدني وهي التدريس بالجامعة".