دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" مجلس النواب إلى إلغاء قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لسنة 2022 معتبرة أنه يقيّد حرية التعبير داعية السلطات في شرق ليبيا إلى الإفراج فورا عن أي شخص تحتجزه بموجب هذا القانون بسبب تعبيره السلمي.

وبحسب بيان لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" قالت المديرة المشاركة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش حنان صلاح: "ينبغي أن يتمتع الليبيون بالحق في حرية التعبير على شبكة الإنترنت أو خارجها. ليس من المقبول التعدي على هذا الحق باسم مكافحة الجرائم الإلكترونية".

وبينت المنظمة أنه في 17 فبراير 2023، أعلنت وزارة الداخلية التابعة للحكومة الليبية عن توقيف واحتجاز المغنية الشعبية أحلام اليمني والمدونة وصانعة المحتوى حنين العبدلي، في بنغازي بسبب "قضايا مُخلّة بالشرف والآداب العامة ولمُخالفتهما قانون الجرائم الإلكترونية رقم 5 لسنة 2022". لم يُقدم بيان الداخلية أي تفاصيل عن الاعتقال أو المحتوى المرفوض.

قالت الوزارة إنها ألقت القبض عليهما "لإساءتهما لمكانة المرأة الليبية العفيفة والكريمة في مجتمعنا المحافظ بأفعال وسلوكيات دخيلة علينا وتسيء لعاداتنا وتقاليدنا وديننا الحنيف". لم ترد أنباء أخرى عن وضعهما القضائي.

وبحسب المنظمة تشمل أوجه القصور الرئيسية في القانون الليبي لمكافحة الجرائم الإلكترونية تعريفات غامضة وفضفاضة يمكن أن تدعو إلى الملاحقة القضائية للتعبير السلمي، ومعاقبته بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاما وغرامات صارمة. في أحد الأمثلة، ينص القانون على أن استخدام الإنترنت والتقنيات الحديثة غير مشروع إلا في حالة احترام "النظام العام والآداب العامة".

وبينت المنظمة أن القانون يمنح "الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات" المسؤولة عن رصد ومراقبة تقنيات المعلومات والاتصالات، سلطة واسعة لمنع الوصول إلى مواقع الويب والرقابة على المحتوى في الإنترنت دون أمر قضائي في حالات "المتطلبات الأمنية أو العاجلة"، أو عندما يتعارض المحتوى المعني مع "الآداب العامة". لا يُعرّف القانون "الآداب العامة" في هذا السياق. يمكن للهيئة أيضا حظر المحتوى إذا اعتُبر أنه يحتوي على "النعرات أو الأفكار العنصرية أو الجهوية أو المذهبية التي من شأنها زعزعة أمن المجتمع واستقراره". لا يعرّف القانون هذه المصطلحات أيضا.

وأشارت الهيئة إلى أن القانون يمنح الهيئة سلطات واسعة لإجراء مراقبة مستهدفة أو جماعية بطريقة يمكن أن تنتهك الحق في الخصوصية، لأنها تشمل مراقبة الرسائل الإلكترونية بين الأفراد أو المحادثات دون وصف واضح متى يُسمح بذلك. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن تكون مؤسسات الدولة، بما فيها سلطات حماية البيانات والسلطة القضائية، مستقلة تماما. 

وأشارت المنظمة إلى أن نظام العدالة في ليبيا ضعيف وغير فعال جزئيا، ويتعرض القضاة والمدعون العامون والمحامون لتهديد دائم بالمضايقة والترهيب والاعتداءات الجسدية من قبل الجماعات المسلحة والميليشيات، مما يحد من قدرتهم على العمل المحايد في حالات تجاوز السلطة التنفيذية.

ولفتت المنظمة إلى أن القانون يسمح لليبيين باستخدام تقنيات التشفير أو الأدوات ذات الصلة فقط إذا أعطت الهيئة موافقتها الصريحة وبعد الحصول على ترخيص منها. يتطلب القانون أيضا موافقة الهيئة على إنتاج أو حيازة أو توفير أو توزيع أو تسويق أو تصنيع أو استيراد أو تصدير أدوات التشفير أو الأدوات ذات الصلة.

ووفق المنظمة ينص القانون على أن "كل من بث إشاعة أو نشر بيانات أو معلومات تهدد الأمن والسلامة العامة في الدولة أو أي دولة أخرى من خلال شبكة المعلومات الدولية أو استعمال أي وسيلة إلكترونية أخرى" في ليبيا أو أي بلد آخر، يواجه عقوبة سجن طويلة وعلقت بالقول عبارات مثل "تهديد الأمن والسلامة العامة"، والتي تظهر أيضا في التشريعات الليبية الأخرى، فضفاضة بشكل غير مقبول في أي قانون يحكم أفعال التعبير.

كما يمنح القانون أيضا السلطات الليبية سلطات واسعة للملاحقة القضائية على الأفعال المرتكبة في الخارج، طالما امتدت تداعياتها إلى داخل ليبيا. يشمل ذلك الأشخاص في البلدان التي  لا تعتبر هذه الأفعال غير قانونية.

وبينت المنظمة أنه بسبب التعريفات الفضفاضة للجرائم، ينتهك قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" الذي صادقت عليه ليبيا عام 1970.

وقالت صلاح: "يُضاف قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية إلى عدد كبير من القوانين في ليبيا التي تنتهك الحقوق والحريات الأساسية والتي ينبغي إصلاحها، بما في ذلك القوانين المتعلقة بحرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، وما يسمى بالجرائم ضد الدولة ".