يستعد رئيس الحكومة التونسية المؤقتة مهدي جمعة  لتدشين جولته الخليجية ، حيث من المنتظر  أن يجتمع بعدد من كبار المسؤولين في دول مجلس التعاون  للبحث معهم في سبل تنشيط العلاقات في كل المجالات الحيوية بين دولهم وتونس . ويرى المراقبون أن جمعة يسعى الى إعتماد الديبلوماسية الإقتصادية في ظل الوضع المتأزم الذي يمر به الإقتصاد التونسي بعد عامين من حكم الترويكا. 

فتور واضح

وكانت العلاقات التونسية الخليجية شهدت فتورا واضحا منذ تولي التحالف الثلاثي بقيادة حزب حركة النهضة النهضة الإسلامي خصوصا مع دخول تونس في دائرة التحالف القطري التركي الإخواني وبعد تصريحات نقلت عن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في ديسمبر 2012 تحدث فيها خلال زيارته لواشنطن عما سمّاها ضرورة هبوب رياح الربيع العربي على الدول الخليجية ، ثم كان الموقف من ثورة الثلاثين من يونيو المصرية الذي إنحازت فيه حكومة الترويكا الى جماعة الإخوان من خلال بيانات وتصريحات رسمية وحزبية .

الموقف من مصر

كما عمد إعلام حركة النهضة وصفحات التواصل الإجتماعي التابعة لها الى التهجم الواضح على بعض الدول الخليجية وإتهامها بقيادة ما تسميه الإنقلاب ضد الشرعية في مصر والتآمر ضد الشرعية في تونس، وفي سبتمبر الماضي ألقى الرئيس منصف المرزوقي كلمة من على منبر الأمم المتحدة دعا فيه الى إطلاق قيادات الجماعة المصرية المحظورة ،الأمر الذي رأت فيه  القاهرة وعواصم خليجية تدخلا سافرا ولا مبرر له في الشأن الداخلي المصري.

الفلك الإخواني

ويعتقد المحللون السياسيون أن وضع تونس في فلك المشروع الإخواني والذي لا يزال مستمرا من قبل حركة النهضة وحلفائها وخاصة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يتزعمه المرزوقي ، يزيد من عزلتها عربيا خصوصا بعد الإطاحة بحكم الإخوان في مصر وتواصل رفضهم من قبل الشارع الليبي ثم بعد إعلان دول كالمملكة العربية السعودية والأمارات العربية المتحدة إعتبارها تنظيم الإخوان تنظيما إرهابيا ، وكان لموقف الرياض وأبوظبي والمنامة الموحد بسحب سفرائها من الدوحة إنعكاسه على المشهد التونسي حيث علمت حركة النهضة وحكومة الترويكا على التحالف المباشر مع قطر وغض الطرف عما يتسبب فيه ذلك التحالف من فتور في العلاقات مع بقية دول الخليج العربي.

موضع قدم

كما يبدو واضحا أن الدوحة إحتلت موضع قدم لها في تونس من خلال دعمها المباشر لحلفائها الأساسيين وخاصة حركة النهضة وكذلك من خلال حضورها عبر وسائل إعلام محسوبة عليها وجمعيات ومنظمات خيرية تعمل على إختراق المجتمع التونسي، وهو ما يساعد على دعم الطرف المحلي القريب منها في مواجهة الطرف المناويء للدخول بالبلاد في دائرة التحالفات الإقليمية والدولية المرتبطة بالبعد العقائدي للإخوان .

ويبدو حسب ما يرى أغلب الملاحظين أن إستمرار حركة النهضة في مواقفها ضمن منظومة العمل الإخواني وفي إطار التحالف مع الدوحة وأنقرة ، سيجعل من الصعب على الحكومة التونسية الحالية ورغم أنها مستقلة ، إصلاح ما أفسدته حكومة الترويكا ، خصوصا وأن إنتخابات رئاسية وبرلمانية ينتظر أن تنتظم في البلاد أواخر العام الجاري قد تعود بإخوان تونس وحلفائهم الى الحكم .