في ظل وضع إقليمي متوتر، كان للحرب في طرابلس صداها على دول الجوار التي تشهد بدورها حالة من عدم الاستقرار، فالجزائر لا يزال وضعها السياسي غامضا بعد تنحي الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وما تلاه من حالة تردد عامة إضافة إلى تونس التي أصبحت تعيش على وقع سنة انتخابية تشهد صراعات سياسية محتدمة ووضع أمني غير مستقر.

لذلك تحركت فعليا دول الجوار الليبي، عبر دعوة وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، ونظيره الجزائري، صبري بوقادوم، اليوم الجمعة، إلى اجتماع عاجل لإنهاء الاقتتال في العاصمة الليبية طرابلس التي تشهد منذ حوالي ثلاثة أسابيع عملية عسكرية واسعة للجيش الليبي ضد الميليشيات المسلحة.

وأعلنت وزارة الخارجية التونسية، في بيان، أن اللقاء الذي جمع اليوم الجمعة خميس الجهيناوي بنظيره الجزائري صبري بوقادوم تطرق إلى التطورات الخطيرة الحاصلة في العاصمة الليبية طرابلس وانعكاساتها المباشرة على أمن واستقرار المنطقة.

وأضافت الوزارة أن الوزيرين جدّدا دعوتهما إلى عقد اجتماع عاجل لآلية المبادرة الثلاثية وتكثيف جهودهما وتحركاتهما في مختلف الأطر الأخرى بهدف وضع حدّ لتدهور الأوضاع الأمنية والعودة سريعًا للمسار السياسي.

وتابعت:"دعا الوزيران الأطراف الليبية إلى الوقف الفوري للاقتتال حقنًا لدماء الليبيين وتجنيب الشعب الليبي مزيدًا من المعاناة ومراعاة المصلحة الوطنية العليا لليبيا".

وأكد الوزيران أنه لا وجود لحل عسكري للأزمة الليبية وعلى أهمية عودة الأطراف الليبية إلى الحوار الليبي الليبي الشامل، والمحافظة على المسار السياسي كسبيل أوحد لحلّ الأزمة الليبية وفقًا لأحكام الاتفاق السياسي بقصد إنهاء المرحلة الانتقالية وإتمام الاستحقاقات الانتخابية برعاية الأمم المتحدة.

ونقل البيان أن الوزيرين شددا على مواصلة دعمهما للجهود الأممية بإشراف المبعوث الأممي الدكتور غسان سلامة لإيجاد تسوية سياسية شاملة في ليبيا تستند إلى التوافق بين كافة الأطراف وبما يحفظ أمن واستقرار وسيادة ليبيا، والـتأكيد على مسؤولية المجتمع الدولي في إنهاء الأزمة من خلال تشجيع الأطراف الليبية على استكمال المسار السياسي.

وتطرقت زيارة الوزير الجزائري، التي كانت بدعوة من وزير خارجية تونس، إلى العلاقات الثنائية بين البلدين وتطورات الأوضاع بالمنطقة.

وأعلنت تونس قبل أسبوع أن العمل جارٍ لتحضير اجتماع يضم وزراء خارجية تونس والجزائر ومصر؛ لتنسيق الجهود بهدف إنهاء حالة التوتر في ليبيا واستئناف المباحثات السياسية.

أمنيا،رفعت وزارة الدفاع التونسية درجة التأهب على الحدود مع ليبيا، نظراً لما يشهده الوضع الأمني في ليبيا من توتر، واتخذت الاحتياطات الميدانية كافة لتأمين الحدود الجنوبية الشرقية ومواجهة التداعيات المُحتملة للحرب في طرابلس.

المخاوف من تصاعد الصراع العسكري في مناطق الغرب الليبي وتأثيرها المباشر في تونس، دفعت بمجلس الأمن القومي إلى إعلان حالة الطوارئ القصوى، على الرغم من أن رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي كان قد أعلن قبل شهر، أنه لن يجدد بقرار منه، إعلان حالة الطوارئ، وأحال مشروع القانون على مجلس النواب لتحديد الحالات التي يمكن فيها إعلان ذلك، وبرر موقفه بالانتقادات الموجهة لرئيس الجمهورية بشأن استمرار حالة الطوارئ في تونس. لكن انعكاس الأوضاع العسكرية في العاصمة الليبية طرابلس، أجبر رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الأمن القومي على اتخاذ هذا الإجراء مرة جديدة.

كذلك يسود قلق كبير على مختلف المستويات السياسية والعسكرية والمجتمعية أيضاً، من تصاعد التوتر خصوصاً أن المنفذ الوحيد للمواطنين الليبيين من جحيم المعارك، هو تونس، التي تعُتبر الجار الأقرب جغرافياً للعاصمة طرابلس والمناطق المجاورة. ولم يزل الشارع التونسي يذكر تدفق أكثر من مليون ونصف المليون مواطن ليبي الى تونس، بعد الحرب التي شهدتها ليبيا في العام 2011، وانتهت بسقوط نظام العقيد القذافي.

يذكر أن اجتماع وزراء دول مصر وتونس والجزائر في القاهرة هو امتداد للاجتماع الذي شهدته تونس في الـ20 من فبراير 2017، والذى تمخضت عنه مبادرة ثلاثية لدعم التسوية السياسية الشاملة في ليبيا، وتضمنت 5 مبادئ تمحورت حول تحقيق المصالحة، والتمسك بسيادة الدولة الليبية، وضمان وحدة مؤسساتها، ورفض أي حل عسكري أو تدخل خارجي في الأزمة.

ويرى مراقبون أن هذه المبادرات ترنو لوضع خارطة ليبيا فى ظل الجهود المبذولة من الجيش الليبي ونجاحه فى تحرير عدة مناطق من الإرهاب، ويبحث التنسيق الأمنى بين مصر وليبيا وتونس والجزائر وتأمين الحدود.