قال الكاتب الليبي محمد الجارح في مقال نشرته فورن بوليسي، إن الاستثمار المهول في القطاع الخاص في الإعلام ساعد في تشكيل البيئة الإعلامية في ليبيا، وعزز من القدرة على تغطية الأحداث والأنشطة السياسية  والاقتصادية، كما أنه فتح الباب لتقديم وجهات نظر مختلفة ومتنوعة، ومن بينها تلك التي تنتقد الحكومة.لكن مع هذا، وعلى الرغم من التقدم الحاصل في عمل وسائل الإعلام، فإن الإعلام في ليبيا لا يزال يواجه الكثير من العراقيل والصعوبات، حيث أصدر المجلس التشريعي الانتقالي في ليبيا وهو المؤتمر الوطني العام، مرسوما يحظر على محطات التلفزيون توجيه النقد إلى الحكومة، بعد ثورة 2011.

إدانة

وبين الجارح أن منظمة هيومن رايتس ووتش سارعت إلى إدانة هذا المرسوم، إذ اعتبرت أنه ينتهك حرية التعبير المضمنة في الإعلان الدستوري الليبي المؤقت.وتقول المنظمة إن "المرسوم ينتهك حرية التعبير لأنه يفرض رقابة على شريحة واسعة من المتكلمين بمن فيهم المعارضين السياسيين السلميين، كما أن عباراته الفضفاضة وغير الدقيقة تفتح الباب لتأويله وتطبيقه عشوائيا".وقال الكاتب إن وسائل الإعلام قامت بدور محوري في الثورة ضد نظام القذافي سنة 2011. ولاحظ أنه تحت حكم القذافي، كان أغلب الليبيين يشاهدون القنوات التلفزية الترفيهية سواء الناطقة باللغة العربية أو الانجليزية، مشيرا إلى أن نسبة المشاهدة للقنوات التلفزية المحلية ترتفع فقط في شهر رمضان، وهي الفترة الوحيدة من السنة التي يهتم فيها المنتجون الليبيون بالإنتاج المحلي.

تضييقات

لكن، يقول الجارح، على الرغم من هذا التقدم، مازالت قوانين الصحافة تفرض التضييقات على حرية التعبير. وبين أن الملاحظين للمناخ الإعلامي في ليبيا ما بعد الثورة، لا يخفون خشيتهم من العودة إلى "الرقابة الذاتية" بسبب ازدهار الأصوات المتطرفة والمتشددة وتزايد موجات العنف ضد الصحفيين والنشطاء السياسيين.وأبرز الكاتب أن الحكومة مازالت تحتفظ إلى اليوم بوزارة الإعلام التي من المفروض أنها تشرف على القطاع، وقال إن وجود هذه الوزارة في حد ذاته ربما يكون مؤشرا على عدم ثقة الزعماء الليبيين الجدد المنتخبين بطريقة ديمقراطية، في الصحفيين ليكون لديهم تعديل ذاتي، ويأخذوا قراراتهم بأنفسهم.وأشار الكاتب في هذا السياق إلى أن الاعتداءات التي تطال الصحفيين والشخصيات التلفزية في تصاعد مستمر، ففي شهر ديسمبر 2013، أنزلت محكمة ليبية غرامة على الناشط والزعيم السياسي جمال الحجي، بتهمة ثلب شخصيات عامة. وفي حادثة أخرى، تعرض منزل رئيس تحرير الصحيفة اليومية "ليبيا الجديدة" إلى إطلاق قذيفة صاروخية، من قبل مجموعة مجهولة.