قال الاتحاد الأوروبي أن انطلاق عمليّة ستكون العملية البحرية، التي يطلق عليها اسم "إيريني"، لمراقبة حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا سيكون خلال الأيام القادمة مع وصول أولى السفن. 

وأعلن بيتر ستانو، المتحدث باسم وزير الخارجية بالاتحاد الأوروبي أن عملية "إيريني" تملك الوسائل اللازمة لبدء مهمتها، مشيراً إلى أنه تم التوصل إلى اتفاق الاثنين بين الدول الأعضاء في الاتحاد لتوفير أولى السفن والطائرات والأقمار الصناعية اللازمة لبدء العملية. 

وتهدف هذه العملية إلى منع تدفّق الأسلحة نحو ليبيا، ومراقبة قرار حظر توريد الأسلحة المفروض على البلاد منذ العام 2011. كما تستهدف العمليّة عمليات بيع النّفط في السوق السوداء وتهريب الوقود والهجرة غير الشرعيّة وحركة الموانئ البحرية والجويّة، حيث تشترك فيها عدّة سفنٍ وقطع بحريّة وطائرات.

تأتي هذه العمليّة في وقت تشهد فيه ليبيا تصاعدًا للعمليات العسكرية في غرب البلاد. حيث يسعى الجيش الوطني الليبي إلى بسط سيطرته على كامل التراب الليبي ودخول العاصمة طرابلس وإنهاء ما أسماه وجود الميلشيات والجماعات الإرهابية. 

عمليّة الجيش الليبي التي أطلقها منذ أكثر من عام، تصطدم إلى حد الآن بمقاومة من قبل المليشيات المنضوية تحت سلطة حكومة الوفاق، على خلفيّة الدّعم التركي الواسع لهذه الجماعات بالأسلحة والعتاد الحربي وأنظمة الدفاع الجوي والطائرات المسيرة وبالمقاتلين المرتزقة من سوريا ومن التنظيمات الجهادية الفارة من الحرب السورية.

** خشية الوفاق من تجفيف منابع الدّعم: 

تأتي هذه العمليّة الأوروبيّة على هذه الخلفيّة بالذّات، وهي الخروقات التركية المتواصلة والعلنية لقرار حظر توريد السلاح إلى ليبيا. ويتفق المراقبون للمشهد الليبي على حجم الدّعم الكبير الذي تقدّمه حكومة العدالة والتنمية لحكومة السراج، ومدى تأثير هذا الدّعم على إطالة أمد الحرب وتمكين الميشيات وتوسيع معاناة المواطنين الليبيين.

وتخشى حكومة الوفاق والجماعات المسلحة التابعة لها من بدأ عملية إيرني بشكل الفعلي، لأنها قد تحدّ من حجم هذا الدّعم التركي الموجّه لجبهات القتال في ليبيا.

الخشية كذلك تأتي من توقّف توافد المقاتلين المرتزقة من الجماعات التكفيرية من الجبهات السورية إلى ليبيا. هذه العناصر الي قاربت العشرة آلاف عنصر تمثّل دعما استراتيجيا مهما لحكومة الوفاق في ظل عجزها عن توفير المقاتلين الليبيين على الجبهات.

كما أنّ الأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة وحركة نقل المنظومات الجوية والدفاعية والمنصات الصاروخيّة، وهي الأشياء الأكثر تأثيرا في مجريات المعارك الحالية في البلاد، أصبحت موضع تهديد من قبل هذه عمليّة.

لذلك عبّرت حكومة الوفاق في أكثر من مرّة عن رفضها لهذه العمليّة، حيث بعث رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج برسالة للبرلمان الأوروبي، منذ أسبوع، أبلغ خلالها باعتراض حكومة الوفاق  على خطة الاتحاد الأوروبي بشأن مراقبة حظر توريد الأسلحة (العملية إيريني) 

وبحسب وزارة الخارجية بحكومة الوفاق، قال السراج، خلال رسالة لرئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي: "تلقينا ببالغ الأسف نبأ تنفيذ عملية إيريني، وكنا نتوقع من دول الجوار الأوروبي أن تطبق قرار مجلس الأمن رقم 1970 (2011) بشأن حظر توريد إلى ليبيا".

وتابع السراج: "لم نتوقع ألا تُفرّق دول الاتحاد الأوروبي بين المعتدي والمعتدى عليه، وتنحاز للمعتدي وتضيق الخناق على حكومة الوفاق، متناسين أنها الحكومة الشرعية التي اعترفتم بها"

وأكمل رئيس المجلس الرئاسي: "نبدي استياءنا الشديد من انتقاء المجلس الأوروبي لقرار مجلس الأمن رقم 2292 (2016)، وتغافله عن بقية القرارات بشأن مراقبة الحدود البرية والجوية التي تعلمون جيداً بأنها مصدراً رئيسياً لدعم قوات حفتر المعتدية"، وفق نص الرسالة.

هذا الرّفض الصارم من قبل حكومة السراج لعمليّة إيريني، يؤكّد في نظر مراقبين ما تمثّله هذه العمليّة من تهديد لمنابع التسليح المرتزقة المتوافدة على جبهات القتال الليبية لدعم حكومة الوفاق والجماعات المسلحة المنضوية تحتها. 

وبحسب المتحدث باسم وزير الخارجية بالاتحاد الأوروبي كانت العملية في أواخر آذار/مارس الماضي لكن الأمر استغرق أربعة أسابيع ليتوافق الجميع بشأن الوسائل التي ستستخدمها "ايريني"، بحسب الدبلوماسي.

ويشار إلى أن عملية "ايريني" ستكون لها قيادة متمركزة في إيطاليا، وستكون مختلفة عن عملية "صوفيا" السابقة حيث ستقتصر على مراقبة الحظر الدولي على الأسلحة، وستتدخل وسائلها البحرية والجوية في مناطق بعيدة عن الممرات التي تبحر فيها زوارق المهاجرين انطلاقاً من ليبيا للوصول إلى إيطاليا أو مالطا.

وذكرت مصادر دبلوماسية أن مدة العملية ستكون لسنة واحدة قابلة للتجديد. وسيدرس الوزراء الأوربيون كل أربعة أشهر ما إذا كانت هذه العملية العسكرية ستؤثر على نشاط المهربين، وما إذا يجب إعادة تموضع السفن التي تنشرها الدول الأعضاء، بحسب مصادر إعلامية.