بدأ تنظيم داعش ينشط ويستعد للظهور مجددا في ليبيا في ظل حالة الفوضى التي تعاني منها الدولة الليبية، وتمثل أفضل عامل لضم مقاتلين جدد للتنظي، حيث يحاول منذ فترة تنظيم صفوفه من جديد بعد الإعلان عن إخراجه من مدينة سرت الساحلية في ديسمبر 2016 من قبل قوات تبناها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بطرابلس مدعومة بطيران القوات الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم).

تحركات مسترابة

قالت مجلة جون أفريك الفرنسية، إن تنظيم داعش الإرهابي في طور إعادة الهيكلة في ليبيا متسلحا بما بين 400 إلى 700 عنصر إرهابي. وأكدت أن التنظيم بعد طرده من سرت، تخلى عن استراتيجية التوسّع الميداني لصالح أساليب حرب العصابات. ولفتت المجلة إلى أن الجيش الوطني ألقى القبض في 8 من الشهر الجاري على الإرهابي المصري هشام عشماوي في مدينة درنة. 

وقد كشف الزعيم المصري لما يعرف بـ"المرابطون" -وهي مجموعة مرتبطة بالقاعدة وقريبة من داعش في ليبيا- بعض المعلومات عن الوضع الراهن للمنظمة.

وترى  جون أفريك أنه من الصعب التأكد من أقوال عشماوي، لكن الأمر المؤكد أنه بعد مرور عامين على دحر داعش من معقلها في سرت، فإن الجماعة الإرهابية تستفيد من الفوضى في ليبيا لإعادة تنظيم نفسها.

وقال المسؤول في مركز إفريقيا والشرق الأوسط في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، ومتخصص بالشؤون الليبية، آرتورو فارفيللي، إن داعش خسر سيطرته على الأراضي التي كانت بحوزته، لكنه لم يختف. فهو تركز عام 2014 في درنة، حيث انضمّ مقاتلون من العراق إلى بعض المجموعات التي تناصر داعش والتي كانت موجودة في البلاد. وأضاف أنه وفي هذه الأثناء كانت مدينة سرت هي المعقل الثاني لداعش، حيث سيطر التنظيم على منطقة واسعة قوامها 50 كيلومترا.

 وبعد القصف الأميركي عام 2016، التجأ المقاتلون نحو الجنوب. ولم تتم محاصرة المدينةـ ما سمح للإرهابيين بالهروب الى مسافة تبعد 80 كيلومترا من سرت. وبعد هجمات من قبل قيادة الولايات المتحدة الأميركية في أفريقيا  أفريكوم تراجع المقاتلون أيضا نحو جنوب البلاد، ويؤكد فارفيللي إن داعش موجود دائما في ليبيا، لكن التنظيم بدّل المنطقة والاستراتيجية فحسب.

وعمّا يشكله التنظيم من قدرة على الأذية في ليبيا، يقول فارفيللي: "دخل داعش في مرحلة جديدة، فهي انتقلت من التوسّع الميداني الى استراتيجية حرب العصابات. في غضون السنة الفائتة، تمكّن التنظيم من ضرب قوات خليفة حفتر وقوات فائز السرّاج. حاول التنظيم المسّ بأماكن لها رمزيتها مثل مركز المؤسسة الوطنية للنفط الذي تمّ استهدافه في 11 أيلول الفائت. لقد زادت الهجومات قياسا الى عام 2017. إن داعش في طور إعادة تنظيم نفسها، مع قدرة على ضرب مساحة واسعة من البلد، ومن ضمنها مدن مثل طرابلس. ويجب التنبه أيضا الى أنه بعد سقوط سرت، فإن أعضاء كثر انضمّوا الى منظّمات أخرى مثل  المرابطون أو  القاعدة في المغرب، وخرجت المجموعات الجهادية في جنوب البلاد أكثر قوّة".

ولفت فارفيللي الى أن الإرهاب يولد وينتشر في إطار من الدول الفاشلة كما في ليبيا، وبأنه طالما لا يوجد احتكار للقوة في البلد فإن داعش سيزدهر، ولم يبد فارفيللي تفاؤله بالانتخابات القادمة في ليبيا، قائلا بأن هذا الاستحقاق الانتخابي الذي ينظّم بتسرّع وتحت ضغط المصالح الأجنبية، قد يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في البلاد كما حصل تماما عام 2014.

مؤشرات خطيرة

أعلن الفرع الليبي لداعش مسؤوليته عن أكثر من 12 هجومًا منذ أوائل هذا العام، بما في ذلك مداهمات على ميليشيات متنافسة وقوات الأمن وتفجير في تموز/ مايو في مقر لجنة الانتخابات الليبية التي أسفرت عن مقتل 12 شخصًا.

وبينت صحيفة وال ستريت جورنال أن أسوأ الاشتباكات بين الميليشيات تجددت في العاصمة طرابلس في الأسابيع القليلة الماضية. وأصاب هجوم صاروخي شنته ميليشيا المطار الوحيد العامل في المدينة في 11 أيلول/ سبتمبر.

وقال فريدريك ويري خبير الشؤون الليبية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولية:" إنهم يستخدمون هذه الهجمات لإظهار أنهم عادوا إلى العمل وأنهم يعيدون صياغة أنفسهم وبهدف جذب مجندين".

وأضاف: "أفضل مجند لداعش في ليبيا هو الاضطراب السياسي والاقتتال، وعندما تنقسم ليبيا فإن ذلك يمنح مساحة لنمو داعش".

ونفذت الولايات المتحدة ما يقرب من 500 غارة جوية في عام 2016 دعمًا لحملة برية قامت بها القوات الليبية طردت الدولة الإسلامية من سرت، الأمر الذي حرم المجموعة من أهم موطئ قدم لها خارج قاعدتها في العراق وسوريا. ودفعت عملية منفصلة تدعمها الولايات المتحدة المجموعة إلى الخروج من معاقلها في العراق وسوريا في العام الماضي.

وفرّ العديد من مقاتلي الجماعة إلى مناطق صحراوية نائية في وسط ليبيا وجنوبها، حيث أقاموا مخابئ، وفقًا للمسؤولين الغربيين.