نظريّا، من المقرر أن ينتخب الليبيون رئيسهم في غضون أيام  تتويجا لعملية انتقالية برعاية أممية، لكن فرضيات "الفشل والتأجيل" مطروحة بقوة. 

يجمع الخبراء والمراقبون أن التاريخ الذي تم اختياره في 24 ديسمبر / كانون الأول يبدو غير مؤكد  بشكل متزايد قبل أقل من أسبوع على المحفل الإنتخابي الذي ينتظره الليبيون وجيرانهم الإقليميون والمجتمع الدولي بآمال كبيرة لإنهاء معاناة البلد النفطي المنهك من الصراعات والأطماع الخارجية.

أرجأت الهيئة العليا للانتخابات ،السبت الماضي، إعلان قائمة مرشحي الرئاسة الليبية التي كان من المفترض التحقق من صحتها ونشرها قبل أسبوعين من موعد الإنتخابات على الأقل حسب المحللين والمراقبين الذين يؤكدون أن هذه الخطوة التي اتخذتها الهيئة كفيلة لوحدها بتقويض الإنتخابات. 

لكن الأسباب في ليبيا كثيرة ومتعددة ولم تخمد نيرانها رغم الحوارات الماراطونية التي خاضها الفرقاء وداعميهم الإقلميين والأممين لإنقاذ البلد من الفوضى التي عصفت به منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في 2011، فمنذ ذلك الحين ظلت ليبيا تغرق في الإنقسامات الحادة على جميع الأصعدة بدءا بالترابية والمؤسساتية وغيرهما وصولا إلى الرئاسية الحالية لتلقي بضلاله الوخيمة على البلاد وعلى الإنتخابات وسط دائرة عنف تتسع يوما بعد يوما كلما اقترب الموعد الإنتخابي.

Soixante-et-un prétendants pour la première élection présidentielle en Libye

إن المناخ في ليبيا من كل زواياه لا يفضي إلى تنظيم الانتخابات في موعدها، خاصة إثر تدهور الوضع الأمني في طرابلس خلال الأيام الأخيرة. بالإضافة إلى أن الإطار العام الذي ستجرى فيه هذه الانتخابات يتسم بالضبابية مع قانون انتخابي مطعون فيه، وتأجيل الانتخابات التشريعية، وترشح شخصيات مثيرة للجدل لهذا الإستحقاق الإنتخابي.

يسعى معظم الليبين إلى "تغيير الوجوه السياسية التي كانت حاضرة في المشهد طيلة السنوات الأخيرة" بعد خيبات الأمل المتتالية واستمرار معاناة المواطن الليبي بسبب الصراعات والفساد المستشري ما قوّض أمنه ومعيشته مثلما قُوض استقرار البلد النفطي الغني، الذي يعد 6.8 مليون ساكن معظمهم حظر، وعطل نموه وانتاجيته ودجج بالمليشيات والسلاح ليغرق في الفوضى والنزاعات لعقد كامل من الزمن.

ورغم إقبال الليبين على الانتخابات بتسجيل 2.5 ناخب، حيث اعتبرت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني وليامز أن حصول هذا العدد من الناخبين على بطاقاتهم الانتخابية يبعث برسالة قوية مفادها أن الشعب الليبي يتوق إلى التغيير والديمقراطية، إلا أن العملية تزداد تعقيدا كلما اقتربت آجالها المحددة.

جاءت التصريحات الصحفية المتضاربة للمفوضية العليا للإنتخابات كذا التصريحات البرلمانية، اليوم الأحد، مخيبة للآمال ومؤكدة لفرضية تأجيل الانتخابات فبعد أن أكد رئيس مفوضية الانتخابات عماد السايح أنه لا مشكلة فنية أمام المفوضية في إجراء الانتخابات بموعدها. مضيفا أن المفوضية، ليس من اختصاصها الإعلان عن التأجيل، قائلا أن من أصدر أمر التنفيذ هو من يصدر أمر الإيقاف، وهو من يقرر يوم الاقتراع، فما بالك بقرار التأجيل.

من جهته قال عضو مجلس النواب الصادق الكحيلي، في تصريحات صحفية، إن ذلك من مسؤوليات المفوضية ومن خلال تواصلها مع بقية شركائها في العملية الانتخابية، الخروج والإعلان عن تأجيل الانتخابات. مفيدا ان أعضاء المجلس لم يتلقوا حتى اليوم، دعوة رسمية من مجلس النواب، لمناقشة سيناريو التأجيل، متوقعًا تحديد موعد الجلسة، بعد تاريخ 24 ديسمبر/كانون الأول.

وللإشارة وتأكيدا لفرضية التأجيل القائمة بقوة، أكدرئيس اللجنة البرلمانية المكلفة بمتابعة العملية الانتخابية الهادي الصغير، في تصريحات صحفية سابقة والتي أن "تأجيل الانتخابات أمرا محسوما وواقعا". وأصدرت اللجنة في هذا الغرض بيانا أكت فيه أن مفوضية الانتخابات"هي المسؤولة أمام الليبين عن الإعلان عن إمكانية الوفاء بموعد الإستحقاق الإنتخابي من عدمه". فمن له الصلاحية للإعلان عن التأجيل من عدمه؟

فكلما اقترب الموعد النهائي، كلما بدت الانتخابات الرئاسية الليبية المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر /كانون الأول أكثر ضبابية وخطورة خاصة مع الكم الهائل من المعوقات إلى الحد الذي يجزم فيها الخبراء أنها سبب جديد لاتساع دوائر العنف وعودة الفوضى والصراع في ليبيا.