يعتبر رأس السنة الهجرية الجديدة بالنسبة للجزائريين، من المناسبات المقدسة والتي تميزها العائلات باستقبال قد يختلف عن باقي مظاهر الاستقبال بالوطن العربي، سيما ما تعلق بالعادات والتقاليد كذا بعض الأكلات التي تحضر خصيصا بالمناسبة، لذا أرادت بوابة إفريقيا الإخبارية ان تكشف لقرائها الأعزاء مظاهر الاحتفالات برأس السنة الهجرية بالجزائر وكل سنة وأنتم طيبون.

المساجد تتزين وسيرة النبي المعطرة فوق كل منبر

تختار الجمعيات الدينية بمختلف المساجد، بالتنسيق مع الأئمة وقبيل حلول السنة الهجرية الجديدة الى جعل هذه المناسبة فرصة لإعادة تفريش المساجد بالجديد أو حملة تنظيف شاملة لما كان، ويقول عبد الوهاب قادري أستاذ في العلوم الشرعية في الطور الثانوي واحد أعضاء جمعية دينية، في تصريح لبوابة افريقيا الاخبارية، أن كل أبناء الضاحية يلتقون لتزيين المسجد وإعادة تفريشه، مع وضع برنامج تنظيف مستدام لاستقبال ذكرى عزيزة على قلوبنا وهي ذكرى هجرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومهما اختلفت مظاهر الاحتفال براس السنة الهجرية الجديدة يضيف المتحدث الا أن التذكير بمناقب الرسول عليه صلاة الله وأخلاقه والامر بالاقتداء لهو الهدف الأسمى من الاحتفالات بقدوم السنة الجديدة، اذا يحرص الأئمة هنا في الجزائر على تحضير خطب ودروس دينية بحتة تختص في سيرة هذا الرسول الأعظم، بحيث تجرى في بعض المساجد وزوايا تعليم القرآن مسابقات دينية في السيرة الشريفة، وهذا كله من أجل تحفيز الشباب لقراءة السيرة وتقويم السلوك وبناء حضارة كما كانت رمزا للتنظيم والنماء والأخلاق والتقدم، ولم يمانع عبد الوهاب قادري طقوس الاحتفال مالم تخالف الشرع كتحضير الأكلات الشعبية وتبادل التهاني والزيارات، لكن يجب الحرص على تعليم الأبناء السيرة النبوية قبل كل شيء.

الرشتة، الشخشوخة والكسكسي تجمع العائلات بالمناسبة

 تختلف مظاهر الاحتفال بهذا اليوم من عائلة لأخرى ومنطقة لأخرى وذلك بإعداد أشهى وألذ الأطباق التقليدية مثل الكسكسي، الرشتة والشخشوخة وغيرها من الأطباق التقليدية التي تكون في مجملها مرفقة عادة باللحم او الدجاج، وفي هذا السياق، كانت قد بدأت العديد من المحلات والأسواق، ومنذ أسابيع، بالتحضير لهذه المناسبة الدينية وذلك بعرض شتى أنواع العجائن والحلويات والمأكولات الخاصة بأول محرم، خاصة أن الكثير من السيدات يفضّلن إعداد هذه العجائن بالطرق التقليدية وهو ما يتطلب منها وقتا تحضيريا أكبر تقول السيدة سلوى من محافظة قسنطينة لبوابة إفريقيا الإخبارية، وتعتبر ان أول محرم له مكانته وطريقته الخاصة للاحتفال به، فهي تعتبره بمثابة عيد تحضّر فيه الحلويات وكذا طبق الشخشوخة باللحم بالنسبة للمحافظات الشرقية، والرشتة بالدجاج ـ وكذا طبق الكسكسي المعروف في الغرب والجنوب، وهي كلها من اهم الاطباق التي تعدها العائلات الجزائرية بمناسبة أول محرم، وتقول محدثتنا إنها وبهذه المناسبة، تقوم بدعوة جميع أبنائها وبناتها المتزوجين لتناول العشاء وقضاء أوقات طيبة وجميلة رفقة العائلة.

ومن جهتها، قالت حبيبة ان العديد من الأسر الجزائرية أصبحت لا تحتفل بهذا اليوم لعدة اسباب لكنها تقول إنها وعائلتها يولون لهذا اليوم اهتماما كبيرا، حيث تقول ان والدتها قد بدأت التحضير لهذا اليوم مبكّرا عن طريق شراء لوازم الاحتفال به من "القشقشة" كما تعرف شرقا و "دراس" وهي ذلك الخليط المكون من أنواع مختلفة من الحلويات بالإضافة الى الفول السوداني والذي يباع خصيصا لهذه المناسبة، مع شراء الطحين والدجاج لاستعمالها في تحضير طبق الرشتة والشخشوخة.

عائلات ترفض التخلي عن "الدراس" والطفل الصغير بالقصعة

من العادات المتوارثة بين الأجيال والتي لا تزال بعض العائلات الجزائرية محافظة عليها هي عادة القصعة أو كما يعرف بالعامية "الحفنة" والتي يكون المبدأ فيها باختيار حفنة كبيرة وإحضار أصغر طفل في العائلة ووضعه بداخلها، ثم تقوم الجدة او اكبر امرأة بالعائلة بصبِ كيس من "الدراس" أو القشقشة أو الحلويات والمكسرات التي تم اقتناؤها سابقا فوق رأس الصغير، حيث وحسب العادات والتقاليد، فإن هذه العادة تقام لفأل الخير مع دخول السنة الجديدة ولتكون السنة مزدهرة وحلوة على العباد والبلاد، ليتم بعدها حمل الحلويات المتساقطة وتوزيعها على كل أفراد العائلة في أجواء أسرية مميزة وحميمية، وهي من  بين العادات القديمة التي لم تتخلى عنها العائلات الى يومنا هذا تقول السيدة سلوى من قسنطينة، اذ تؤكد ان اغلب اولادها اجتازوا هذه المحطة أي ال"حفنة" و"الدراس" ،وتقول انها لا تبتغى وراء كل ذلك سوى المحافظة على تراث الاجداد والتبرك بهذه المناسبة العظيمة ،أملا في سنة فيها الخير والبركات لجميع الاسرة والمسلمين اينما كانوا.

الحرص على تعليم الاولاد فن التقويم الهجري

تختار العائلات بعض في الجزائر بهذه المناسبة الدينية تلاوة آيات من القرآن الكريم، وتلقين أبنائهم مفاهيم هذا اليوم وتاريخه ومكانته بالنسبة المسلمين وكذا بقيمة السنة والتقويم الهجري اللذان يعتبران أساس تحديد جميع أيام المناسبات والشعائر الدينية من أعياد وحج وعمرة وغيرها، وهو ما أعرب عنه عبد الرزاق قشطال، أحد المواطنين الذين التقينا بهم خلال جولتنا الاستطلاعية، والذي أكد على أهمية تواصل الاحتفال بهذه المناسبة وجعلها عادة سارية على مدى الأجيال المتعاقبة، ليقول انه زيادة على الاحتفال بطبخ الاطباق المميزة، فهو يغتنم الفرصة لجمع أبنائه وتذكيرهم بأهمية يوم رأس السنة الهجرية والذي يعتبر ذكرى حدث هجرة الرسول، عليه الصلاة والسلام، من مكة المكرمة الى المدينة المنورة رفقة أصحابه، ولم يختلف الامر كثيرا بالنسبة لحميد، 52 سنة، الذي قال ان الأول من محرم هو اليوم الأول في التقويم الهجري، وأضاف محدثتنا ان الكثير من الجيل الجديد يجهلون أهمية هذا اليوم في السيرة النبوية وتاريخه، حيث يعمد على تلقين أحفاده من أطفال وحتى شباب عن صاحب فكرة هذا التقويم هو الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله، الذي جعل من هجرة الرسول، عليه الصلاة والسلام، من مكة الى المدينة مرجعا لأول يوم فيه، كما تقوم العديد من المساجد بإقامة حلقات دينية حول سيرة الني وللذكر وللتعريف بهذه المناسبة الإسلامية وأبعادها الدينية الكثيرة.