تتواصل منذ نيسان/أبريل الماضي اشتباكات مسلحة بين قوات حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج وقوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، في مناطق متفرقة بضواحي طرابلس، حيث قتل أكثر من 1100 مدني وعسكري،بينما جرح الآلاف إلى جانب نزوح الآلاف من العائلات وفق تقارير رسمية ما دفع للدعوة الى هدنة انسانية خلال عيد الأضحى بهدف التخفيف من معاناة الليبيين في طرابلس.

وكانت البعثة الأممية في ليبيا قد اقترحت الخميس الماضي هدنة إنسانية ودعت كل الأطراف في ليبيا إلى قبولها بمناسبة عيد الأضحى المبارك تبدأ من صباح يوم العيد.وعقب ذلك أعلنت حكومة الوفاق الوطني، وقوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، قبولهما بالهدنة التي دعت لها البعثة الأممية.

لكن حكومة السراج التي وافقت على الهدنة شكليا لم تستطع فرض التزامها على عدد من المليشيات المتشددة التابعة لها داخل طرابلس ومصراتة.حيث قصفت هذه المليشيات، عشوائيا بقذائف الهاون، الأحياء المدنية بمنطقة خلة الفرجان شرقي طرابلس، إضافة إلى منطقة سوق الجمعة.وأكد المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة بالجيش الليبي أن أكثر من مصدر للنيران من المليشيات حاول استهداف قوات الجيش الليبي بالقذائف، كما استغلت المليشيا المصحات مثل مصحة حي الزهور -حي الكلية العسكرية سابقا- لإطلاق القذائف.

ومع حلول عصر يوم الاثنين 12 أغسطس 2019،انتهت الهدنة التي أعلنها الجيش الوطني الليبي في طرابلس، وسط أجواء من الترقب والقلق تسود نقاط التماس في محاور القتال المختلفة.وقال مصدر عسكري إن من المتوقع استئناف العمليات العسكرية في أي وقت، مشيرًا إلى أن الجيش أعلن نيته عدم تمديد الهدنة التي تنتهي ثاني أيام عيد الأضحى.

ونقل موقع "ارم نيوز" عن المصدر قوله أن الجيش رصد تحركات ووصول إمداد للميليشيات إلى عدة نقاط ساخنة جنوبي العاصمة طرابلس، تحت ستار الهدنة، من ضمنها منطقة خلة الفرجان والدريبي، في استغلال واضح للهدنة التي أعلنت عنها بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا ووافق الجيش الوطني عليها.

وأشار إلى أن الميليشيات ارتكبت خروقات للهدنة، عندما استهدفت قوات الجيش في محور طريق المطار، يوم أمس الأحد، الأمر الذي أدى إلى وقوع اشتباك محدود، إضافة إلى إطلاق ميليشيا لواء الصمود التي يقودها المطلوب دوليًا صلاح بادي قذائف هاون على تمركزات للجيش في جنوب طرابلس.واعتبر المصدر أن "ذلك يؤكد أن رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج لا يملك أي سلطة على الميليشيات المسيطرة على العاصمة طرابلس"، وفق تعبيره.

ويأتي الحديث عن امكانية عودة الاشتباكات في وقت تسعى فيه الأطراف الدولية لاستغلال الهدنة بهدف التوصل لوقف نهائي للقتال.حيث طالب مجلس الأمن الدولي،الأحد، الأطراف الليبية بتقديم تدابير بناء الثقة، والبناء على الهدنة التي قبلتها الأطراف في ضواحي العاصمة، خلال عيد الأضحي.

وأعرب أعضاء المجلس، في بيان نشرته البعثة الأممية عبر موقعها الإلكتروني، عن دعمهم الكامل للهدنة، مؤكدين ضرورة "ضمان تحول هذه الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار".وشدد الأعضاء من جديد على أن "السلام والاستقرار الدائمين في ليبيا، بما في ذلك إنهاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة، لن يتحققا سوى عبر حل سياسي، يتعين على الأطراف أن تشارك دون إبطاء في التوصل إليه تحت رعاية الأمم المتحدة".

وبدورها رحبت فرنسا وإيطاليا والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة بالإعلان عن الهدنة في ليبيا خلال فترة عيد الأضحى في استجابة لدعوة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة وبدعم من مجلس الأمن الدولي.ودعت الدول الخمس في بيان مشترك جميع الأطراف إلى وقف الأعمال العدائية بشكل فعال في جميع أنحاء ليبيا.وأعربت عن استعدادها لدعم بعثة الأمم المتحدة في مراقبة التقيد بالهدنة ومعالجة أي محاولة لخرقها.

وأضاف البيان أنه وكما ورد في اقتراح الممثل الخاص للأمين العام وأعيد تأكيده من قبل مجلس الأمن، فإن الهدنة ينبغي أن تكون مصحوبة بتدابير لبناء الثقة بين الأطراف بما يمكن من تمهيد الطريق لوقف دائم لإطلاق النار والعودة إلى حوار بناء وشامل.وأكد البيان على ضرورة التزام جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بموجب القانون الدولي بحظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، بما يتماشى مع جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، كما حث جميع الأطراف على حماية المدنيين وحماية موارد ليبيا النفطية وحماية بنيتها التحتية.

وجددت الدول الخمس "التزامها القوي بحل سريع وسلمي للأزمة الليبية".وأعادت التأكيد على أنه "لا يمكن أن يكون هناك خيار عسكري في ليبيا"، داعية جميع الأطراف لـ"حماية المدنيين وحماية موارد ليبيا النفطية وبنيتها التحتية".كما أدانت الدول الخمس بـ"أقوى العبارات" الهجوم الذي استهدف قافلة تابعة للأمم المتحدة في مدينة بنغازي شرقي ليبيا السبت وأسفر عن مصرع اثنين من العاملين في الأمم المتحدة وإصابة 3 آخرين.

وتأتي هذه التطورات في وقت تمكنت فيه قوات الجيش الوطني الليبي من إحكام سيطرتها وتأمينها لمدينة مرزق جنوب ليبيا، لتنهي بذلك سيطرة العصابات التشادية والعناصر الارهابية على المنطقة، وهو ما من شأنه ارباك المليشيات المسلحة ومحاولاتها فتح أكثر من جبهة لتشتيت جهود الجيش الوطني في استعادة السيطرة على العاصمة طرابلس.

وقالت شعبة الإعلام الحربي في بيان لها الأحد: "إن الوحدات العسكرية التابعة للقيادة العامة تقوم بتأمين مدينة مرزق".وأضافت الشعبة أن الوحدات الـعسكرية ألقت القبض خلال عملية التأمين على أكثر من 27 مرتزقا تشاديا.وكان الجيش الليبي قد أرسل وحدات عسكرية قتالية فجر الأحد لتطهير مدينة مرزق من المرتزقة التشاديين وسط استقبال كبير من أهالي المدينة. كما نفذ سلاح الجو غارات عدة مستهدفا مجموعات مسلحة تعرف بـ"قوة حماية الجنوب" والمرتزقة التشاديين.

وبحسب المركز الإعلامي للجيش الليبي، فإن عناصر تنظيم داعش وشورى بنغازي والقاعدة وعصابات المرتزقة التشاديين الذين يشاركون في الاعتداء على مدينة مرزق هربوا فور وصول وحدات من القوات المسلحة إلى المدينة لتأمينها.وترتكب مليشيات المرتزقة التشاديين التي يقودها الإرهابي حسن موسى سوقي التباوي المطلوب دوليا،جائم كبيرة في إطار التحالف مع الجماعات الإرهابية المحاصرة في طرابلس، ومحاولة لضرب الخطوط الخلفية للجيش الليبي.