منذ سقوط الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي انزلقت ليبيا نحو الفوضى، مع تنافس الفصائل المتناحرة على السلطة والنفوذ في جميع أنحاء البلاد.

وأجرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية حوارا مع واين وايت - الخبير في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، والنائب السابق لمدير مكتب وزارة الخارجية الأمريكية لشئون الاستخبارات في الشرق الأوسط - أجاب فيه عن ستة أسئلة حول الأزمة الليبية وأهميتها لبقية العالم.

من هما الفصيلان الرئيسيان المتحاربان في ليبيا؟

أحدهما الحكومة العلمانية المعترف بها دوليا برئاسة عبدالله الثني، الذي اُنتخب في يونيو الماضي، والذي فر هو وحكومته، وكذلك مجلس النواب من العاصمة طرابلس إلى طبرق في أغسطس، بعدما طردهم السياسيون الإسلاميون الذين أقاموا حكومة في طرابلس تحت قيادة عمر الحاسي، وانتخبوا برلمانا جديدا، ويستمدون قوتهم من المليشيا الإسلامية التي تسمى فجر ليبيا.

على مدى أشهر، يقول الحاسي إن ليبيا تحتاج إلى إجراء انتخابات جديدة، وإن برلمان الثني فقد شرعيته، لكن الخبراء يردون بأن الحاسي يعارض محادثات السلام، لأنها ستؤدي إلى إضعاف حكومته.

من هم فجر ليبيا؟ وكم هم مختلفون عن المليشيات الإسلامية الأخرى في ليبيا؟

فجر ليبيا هم مجموعة من مقاتلي المليشيات الذين يدعمون حكومة الحاسي التي نصبت نفسها في طرابلس، ويعتبرون تنظيما وطنيا ليس لهم صلات خارجية بأي مقاتلين إسلاميين آخرين.

ومن ناحية أخرى، تعتبر جماعة أنصار الشريعة فرعا من تنظيم القاعدة، وتسيطر على مساحات واسعة من مدينة بنغازي، رغم المحاولات المتكررة من جانب الجيش الوطني لطردهم.

وهناك مجموعات أخرى متنوعة من الجماعات الإسلامية، منها تلك المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مثل أنصار الشريعة في مدينة درنة، وتلك المنتمية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي التي تعمل في جنوب غرب ليبيا، ويعتبر فجر ليبيا أكثر اعتدالا من تلك المجموعات.

لماذا لم يحدث تدخل غربي جديد في ليبيا؟

تظل الحرب الأهلية في سوريا وظهور تنظيم داعش أكبر المشاكل المستعصية في الإقليم، التي استحوذت بشكل أولي على تركيز الغرب، وأدت إلى تجاهل الأزمة الليببية، علاوة على أن الاضطرابات السياسية في مصر شغلت اهتمام القوى الغربية، خاصة بعد أن قاد الرئيس عبدالفتاح السيسي عزل الرئيس الإسلامي الأسبق محمد مرسي في يوليو 2013.

ويعد الاستثناء الوحيد في الغرب هو فرنسا، التي أعطت أولوية للمشاكل في ليبيا منذ أواخر العام 2013، والتي عملت بشكل منفرد تقريبا لاحتواء العنف هناك، لكن بعد وقوع الهجمات الأخيرة على مجلة "شارلي إيبدو" الأسبوعية الساخرة في باريس، من المرجح أن تنضم فرنسا إلى بقية العالم وتدير انتباهها الآن إلى اليمن، معقل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي أعلن مسئوليته عن الإرهاب في باريس.

ماذا سيحدث إن لم تنجح محادثات السلام بين الفصائل الليبية المتناحرة؟

إن لم تنجح محادثات السلام، سوف يستمر القتال، حتى أن الاقتصاد لا يقف إلى صالح ليبيا، لأنه لا يجذب انتباه اقتصادات المجتمع الدولي، فضلا على انخفاض إنتاج النفط الليبي إلى 300 ألف برميل يوميا، بعدما كانت القدرة الإنتاجية قبل اندلاع الحرب الأهلية في 2011 1.65 مليون برميل على الأقل.

وفي ديسمبر، زحفت مليشيا فجر ليبيا نحو الشرق، وأطلقت صواريخ على ميناء النفط في السدرة، وأشعلت النيران في خزان للنفط هناك، في هجوم مفاجئ على القوات الداعمة للحكومة الشرعية.

لماذا تمثل الحرب في ليبيا مشكلة للبلدان الأخرى؟

الوضع في ليبيا يتسبب في أزمة لاجئين ضخمة أخرى في المنطقة، حيث يعيش أكثر من مليوني لاجئ في تونس، بجانب نزوح ما يزيد على 454 ألف داخليا في ليبيا.

وتجاوزت المشكلة حدود النازحين، حيث تسللت المليشيات الإسلامية إلى مالي وتحاول الإطاحة بالحكومة هناك، وداهمت جماعات مماثلة النيجر وهددت الحكومة وغمرت المنطقة بالبنادق بشكل أجبر فرنسا على التدخل لمحاولة احتواء المشكلة.

وربما يكون الخوف الأكبر في مصر، حيث استطاع المتطرفون والمستفيدون من الحروب تهريب الأسلحة بنجاح عبر الحدود، وبخاصة في سيناء التي شهدت هجوم المتمردين الموالين لداعش على القوات الحكومية.

لماذا تتلقى الأزمة الليبية تغطية إعلامية محدودة؟

ركزت الحكومات الغربية اهتمامها على تنظيم داعش، وكذلك وسائل الإعلام، حيث استخدمت الجماعات الإرهابية وسائل الإعلام الاجتماعية بنجاح لاحتلال الصدارة في اهتمام الصحف العالمية، من خلال نشر عملياتها الفظيعة التي تشمل قطع رؤوس الرهائن واختطاف النساء والفتيات وتحويلهن إلى عبيد الجنس.

ولم تحظ الأزمة الليبية إلا على اهتمام ضئيل في الأخبار العالمية، ما عدا حادثة لهجوم على سفارة الولايات المتحدة في بنغازي عام 2012، فقد فشلت معظم وسائل الإعلام في فهم أن الأمن يتدهور في ليبيا في ظل استمرار العداوة بين الفصيلين الرئيسين في البلاد، وأن هذه الأزمة لها تداعيات خطيرة.