حيّ شعبي صغير في العاصمة الغانية، أكرا، يضمّ عددا من المسلمين، ذلك هو نيما، منطقة سكنية شعبية يقيم فيها المسلمون، محاطين بالسكان المسيحيين من كلّ جانب، غير أنّ الاختلاف العقائدي بين المسلمين والأغلبية الكاثوليكية في ذلك الحيّ لم تمسّ من أواصر التعايش السلمي، والتسامح المتبادل بين السكان خصوصا في شهر رمضان. مشهد يكرّس التعايش السلمي بين الطوائف في ذلك الحي الشبيه بجزيرة صغيرة مسلمة تسبح وسط محيط مسيحي.في غانا، هذا البلد الواقع على الساحل الشمالي لخليج غينيا في غرب أفريقيا، يدين أغلب السكان بالمسيحية، والمسلمون المتواجدون على طول الساحل هم أقلية، ولا يتعدّى مجال إقامتهم الأحياء الصغيرة في هذا الجانب أو ذاك.

حيّ نيما في العاصمة الغانية أكرا، هو عبارة عن تجمّع شعبي للمسلمين في تلك المنطقة القديمة من العاصمة. فديانة أغلب سكان هذا الحيّ لا تخفى على الأعين، إذ بمجرّد أن تطأ قدما المرء حيّ نيما، حتى تتراءى له مآذن المساجد ومحلات بيع اللحم الحلال على طول الشارع الكبير للمنطقة، وحول السوق اليومية.يعقوب هو شاب من خرّيجي المدارس القرآنية في نيما، قال معقّبا على جو التعايش السلمي الذي يخيم بين المسلمين والمسيحيين في المنطقة، إنّ التسامح هو من العناصر الهامة في تعليم الشباب الغانيين.

وأضاف يعقوب، وهو اليوم إمام بأحد المساجد المحلّية “لقد نشأت محاطا بالمسلمين المنتمين إلى طرق دينية أخرى، ولكن أيضا بالمسيحيين، الذين رافقوني في المدارس الحكومية، لعبنا كرة القدم معا، ودرسنا معا، وخضنا رحلة البحث عن المياه معا، ثمّ عملنا في السوق معا، وها نحن مازلنا أصدقاء إلى اليوم، كلّ يمارس معتقداته بطريقته”.خلال شهر رمضان، كما على مدار السنة، يفتح المسجد المركزي بنيما أبوابه إلى المسلمين من جميع الطوائف، من سنة وشيعة وصوفية، وهي المدار س الدينية الثلاث التي ينتمي إليها مسلمو أكرا.

الشيخ إبراهيم محمود الطوسي، قائد الطائفة الشيعية في نيما، يشاطر الإمام في رأيه، ويضيف أن الثقل الديمغرافي في نيما، باختلاف الطوائف، يعتبر “بركة”.وحسب عزيز هارونا، الرئيس الشاب للاتحاد الوطني للـ”بلاك ستارز″ (النجوم السود) الاسم الذي يطلق على المنتخب الغاني لكرة القدم، فإن هذا التسامح الذي يميز الأجواء هنا، راجع إلى “الوطنية الغانية” .

وبخصوص طلب 200 من المشجعين الغانيين اللجوء السياسي في البرازيل الأسبوع الماضي خلال مسابقة كأس العالم لكرة القدم بسبب ما “اعتبروه تمييزا ضد المسلمين في غانا”، أشار عزيز إلى أن خفايا هذا المطلب اقتصادية وسياسية بالأساس.وأضاف: “كنت في البرازيل والتقيت بعديد الغانيين الذين قرروا عدم العودة إلى البلاد. الاضطهاد الديني ليس إلا ذريعة للوصول إلى غايات شخصية، الكل في غانا يعرف ذلك”.

*العرب الدولية