مراسل البوابة - الجزائر 

عُرفت قضية عبد المؤمن خليفة بـ"قضية القرن"، ووُصفت بأنها أكبر فضيحة مالية في تاريخ الجزائر، حيث خسرت فيها شركات وطنية وخاصة ومواطنون أكثر من مليار ونصف المليار دولار.

 جرّت قضية الخليفة إلى العدالة 104 متهم فر معظمهم إلى الخارج، وأولهم خليفة. تراوحت التهم الموجهة للمتهمين بين النصب والاختلاس والتزوير والرشوة واستغلال النفوذ والإفلاس بالتدليس، وكان بين المتهمين 15 وزيرا ورئيس حكومة واحد وموظفون كبار في البنك المركزي قدموا دعما ماليا وتسهيلات إدارية لمجموعة خليفة إضافة إلى أكثر من 300 شاهد.

 حكمت المحكمة الجنائية بالبليدة العام 2007، غيابيا، على عبد المؤمن بالسجن المؤبد بتهم عديدة أبرزها؛ الإفلاس الاحتيالي وتشكيل عصابة أشرار والسرقة الموصوفة واختلاس أموال والتزوير واستخدام المزور. ولكن كيف بدأت قصة هذا الفتى الذي سمته الصحافة الوطنية والدولية "الفتى الذهبي"؟

 بدأت قصة "الفتى الذهبي" من يوم ميلاده العام 1966 ببجاية، فالولد لم يكن أي ولد، لقد كان ابن لعروسي خليفة، وهو مجاهد وواحد من مؤسسي المخابرات الجزائرية، زج به نظام الرئيس هواري بومدين في السجن سنة 1967 بتهمة معارضته.

 بعد خروج لعروسي من السجن تخصص في الصيدلة، فاستثمر فيها وكسب أموالا مكّنت ابنه الشاب عبد المؤمن من مواصلة المشوار، الذي درس هو الآخر الصيدلة في الدامعة، ولم يمر على رحيل والده أكثر من سنتين (توفي لعروسي في 1992) حتى دخل ميدان تصنيع الأدوية واكتسح سوق هذه التجارة الجديدة في الجزائر.

 في العام 1998 أنشأ عبد المؤمن "بنك الخليفة"، عاما واحدا بعدها أطلق شركته للطيران "الخليفة للطيران" وامتلكت في زمن قياسي 21 طائرة، وكان يردد قبل انهيار إمبراطوريته بأنه رصد حوالي ملياري دولار لشراء 18 طائرة "إيرباص".

 قارب عدد عمال الشركة 13 ألف عامل فيما بلغ رقم أعمال "الفتى الذهبي" 2000 مليار دولار برقم فوائد خيالي طرق الربع مليار دولار، فدخل عالم المليارديرات من الباب الواسع وقالت حينها جريدة "ليبيراسيون" الفرنسية إنه يمشي محروسا بـ18 رجلا مارسوا كل أنواع الرياضات القتالية وهم من جنسيات مختلفة.

 لم يرض عبد المؤمن بالبقاء في الظل، فهزّ عالم كرة القدم في 15 جوان 2001، عندما منح فريق مارسيليا مبلغ 90 مليون فرنك فرنسي (9 ملايير بالعملة الجزائرية)، ثم أقام في 3 سبتمبر 2002 حفلة خُرافية نقلتها مختلف وسائل الإعلام، بل وصفها البعض بحفلة القرن، جرت أحداثها في أجمل قاعة في العالم في مدينة النجوم (كان) الفرنسية وحضرتها ملكات جمال العالم والفن مثل كلوديا شيفر وناعومي كمبل وستينغ وبونو ودونيف وجيرار ديبارديو وميلاني غريفيت وباميلا أندرسن، وقد أغدق عليه عبد المؤمن بأغلفة مالية خيالية.

 نُقل الضيوف إلى أفخم فندق في العالم على شواطئ "الكوت دازير" وهو "ماجستيك بالاس" ليصبح رفيق عبد المؤمن عام 2002 أحد أشهر رجالات المعمورة، ولكنه حافظ على رفضه إجراء الحوارات فكان يرفض المقابلات الإعلامية، وربما هذا هو السبب في فشله الإعلامي عندما حاول شراء قناة ANN  التي كان يديرها شقيق الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، كما فشل في بعث الروح في صحيفة فرنسية ميتة وكان يقول دائما أنه مدمن على قراءة جريدة "الحياة" اللندنية المعرّبة وأحسن صحيفة قامت بتشريح حقيقة (رفيق) هي Le parisein الفرنسية التي قالت أن (بيل غاتس) أغنى رجل في العالم لم يجمع المال بسرعة رفيق عبد المؤمن، وقالت أنه إذا واصل على ذات السرعة، فسيصبح أغنى رجل في جميع الأوقات.

 انفجرت أحلام عبد المؤمن فقال مرة إنه قرّر إنشاء مدينة أحلام في الجزائر تحمل اسمه "خليفة" بها أعجب وأعظم مطار في العالم.. !!

 لكن هذه الأحلام تبخرت بعد اكتشاف بنك الجزائر سنة 2002 عجزا ماليا بـ3.2 مليار دينار أي حوالي 400 مليون دولار في الصندوق الرئيسي لبنك الخليفة، واتخذت السلطات قرارا بتجميد "الخليفة بنك"، ومن حينها بدأت الملاحقات القضائية، وفشلت الجزائر مرات وكرّات في استلام الميلياردير الفار، ما جعل الراي العام يشكك في جدية مساعي الدولة لمعاقبته بالنظر لتورّط "حيتان كبيرة" جدا في القضية.

ويشكّل تسليم عبد المؤمن الحدث الذي ظلّ ينتظره الجزائريون ومعه جرى طرد "مُسلّمة" أن السلطات لا تريده هنا بداعي أنّه سيكشف "أهوالا مستورة".