يغيب بقامته التي لم تنحن , يذهب عن عالمنا المتآكل بالجنون , بالعنصرية والأحتلال.
سبعة وعشرون عاما ما بين الجدران الأربعة , وحلم الحرية القديم , وصرخات المقهورين خلف أبواب السجون العنصرية كل سنين الألم , ورائحة الرطوبة من جدران { روبن ايلاند } لم تأخذ سوى آدمية السجان , وإنسانية المتفرجين على ظلم البشر.
سبعة وعشرون عاما فضحت وعرت الوجه القبيح للأنسان الذي رفض إنسانا آخر , بلون آخر يصنف كباقي البشر.
كانت إفريقيا الواسعة تبدوا بحجم سجن صغير , جدرانه كمحيط كوكب أضاء عتمة الطريق لثوار الجنوب في إفريقيا , والجزيرة القاسية التي سلبت سنين العمر , أصبحت كتاب يقرأه القادمون , وأنشودة لطقوس المناضلين.
هو أخذ كل أوسمة البقاء ورحل , هم جردوا من بشريتهم وإلى الأبد
هو كتب أسمه على كل نجمة تعبر إفريقيا , هم خسروا آدميتهم وباقي البشر
فالثوار قبل أن ترحل ..دائما تنتصر.
***
مانديلا القدوة وطريق النور في أفق الغد القادم للبشرية, والقيود التي حطمت في جنوب إفريقيا كانت العار الذي يلاحق ضمير البشرية , هكذا وصفه ( السيد الرئيس أوباما ) النصف أسود , النصف أفريقي , فجعل منه المثل الأعلى والبطل.
أي نفاق بشري لا يخلوا من مرض العنصرية أن يعطي القاتل المحتل سببا للجريمة , ويعطي المقتول مزيدا من الصمت.
ما دام النضال من اجل الحرية , وان تقرع أبواب الأضطهاد بقوة اليد , وما دامت السجون تأكل لحم الثوار ومن يطلبون بالحق حقوقهم ووجودهم , أين ابطال مكافحة العنصرية حين يكون البطل فلسطيني.
واين باقي الانظمة العنصرية ,حين تكون فلسطين كلها سجنا كبير.
فالدم الفلسطيني لا يزال ينزف كل يوم في شوارع الوطن المحتل ,فلماذا صمت من اعطى مانديلا شعلة الشمس ,واطفآ آخر قنديل لأطفال فلسطين.
أين الرئيس الذي جعل مانديلا قدوة عندما دس السم لصديق مانديلا ( عرفات ) ألم يكن عرفات وباقي الفلسطينيين مناضلين بأجندة السيد الرئيس.
وماذا عن سجن كبير لأربعة مليون من البشر أسمه فلسطين عندما رأى الرئيس أوباما سجون روبن أيلاند , ألم يرى بعينيه طول الحائط العنصري الذي يمنع البشر عن البشر , الم يسمع صرخات خمسة مليون لاجئ من خلف ابواب المنافي ومخيمات اللجوء
السيد الرئيس يصمت عندما تأتي فلسطين لحاضره , فهو من دافع عن الجلاد , وجلد الضحية
دولة الأحتلال يا سيدي الرئيس , رصاصها , سلاحها , جنودها , وادوات قمعها من صنع بلادكم وتخرج من مينائكم.
فلماذا لم تسمي الأشياء بإسمها, ولماذا يصبح الحق جريمة.
وهل عرفات غير مانديلا , والفلسطينيون غير سود أفريقيا.
فهم كما في الجنوب الأفريقي , كل ما فعلوه , كما فعل البطل.
***
ينتظر زعماء العنصرية والأحتلال في فلسطين , موت الزعيم الثائر , لم يحضروا الوداع , لأنهم سيرون ظل الشهداء , ودم الأطفال وأسمائهم تغطي كفن مانديلا , وكيف سيمشي القاتل في جنازة مقتوله.
دي كليرك الأسرائيلي , ونتنياهو الجنوب أفريقي , آخر ابطال العنصرية وحملة فيروس المرض المزمن لقتل البشرية.
ستبقى جنوب أفريقيا وفلسطين , هم سيذهبون بقافلة نفايات البشر.
***
في السنة الأولى لرحيل مانديلا , الذي ذهب كباقي الثوار والبشر , رحل عنا هذا الثائر الأفريقي المنتصر الذي لم يغير لون جلده.
فقبل ان يرحل قال , لا زالت القيود في أيدينا جميعا نحن البشر , لأن الفلسطينيون تحت الأحتلال سجناء , وجنوب أفريقيا لم يتحرر , لأن فلسطين ما زالت تحت الأحتلال
نسمع نشيدا قادما من البعيد , على ما يبدوا من جنوب إفريقيا , بإيقاع رقصة ( تويي تويي ) في شوارع فلسطين سنمزجها برقصة فلسطينية لتوقد النار بآخر رموز الكره والعنصرية للأحتلال.
فلم يبقى من روبن ايلاند سوى عسقلان.

*نقلا عن رأي اليوم