تحدث مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، طاهر السني، أمام مجلس الأمن، خلال جلسته  المخصصة للنظر في البند المعنون "الحالة في ليبيا".

إلى نص الكلمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد الرئيس...

في البداية أهنئكم على ترأسكم المجلس وإدارتكم لجلسات هذا الشهر، كما أشكر السيد/ باتيلي على إحاطته وكذلك ممثلة اليابان بالنيابة عن لجنة الجزاءات، كما انتهز هذه الفرصة لأشكر الأعضاء الخمسة الذين سيغادرون المجلس على جهودهم

السيدات والسادة...

هذه المرة ستكون احاطتي مختصرة لأن كما هو واضح لا يوجد الكثير للحديث عنه أو تَقدُم فعلي في العملية السياسية هذه الفترة.  

فهذه الأيام يكون قد مر علينا عامين منذ أن كنا نستعد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ولكن للأسف حتى الآن لم يُنجز هذا الاستحقاق والذي كان ولا يزال ما يتطلع اليه كل الشعب الليبي، وذلك من أجل الخروج من الحلقة المفرغة وتجديد الشرعية وانهاء الانقسام الحالي.   

وفي هذا الصدد نود التأكيد على أن مُلكية الليبيين وقيادتهم لأي عملية سياسية هي مفتاح الحل الذي سيقود البلاد إلى الاستقرار وفرض سيادة الدولة، بعيداً عن أي املاءات أو تدخلات خارجية. لذا ندعوكم لدعم الجهود الوطنية الصادقة والتي تسعى لإنتاج حل وطني ليبي شامل.

وعلى الرغم من جميع التحديات، لازلنا نحاول أن نتشبث بالأمل ونُمني النفس باقتراب الحل، نظراً لحالة الاستقرار النسبي الذي نشهده وكذلك التلاحم بين أبناء الوطن والذي شهدته البلاد منذ فترة قريبة، وكان على رأسها ما تابعتم عند استنفار الأخوة من كافة ربوع ليبيا و هَبتهم و فزعتهم، متجاوزين كل الخلافات السياسية  لدعم ومساعدة المدن المتضررة من الاعصار الذي ضرب المنطقة الشرقية في سبتمبر الماضي، والتي كانت بمثابة رسالة لجميع القوى المختلفة لتوحيد الصف وضرورة الخروج من الأزمة الراهنة وبسرعة احتراماً وتقديراً لآلاف الأرواح التي فُقدت بسبب هذه الكارثة التي لم تشهد لها ليبيا مثيلاً في تاريخها المعاصر

السيدات والسادة...

من هذا المنطلق نشكر السيد/ باتيلي وندعم جهوده الأخيرة ومقترحاته للخروج من الأزمة السياسية الراهنة، ومحاولاته لإيجاد صيغة حوار من شأنه أن يجمع الأطراف الليبية الأساسية الخمسة، وذلك لنقاش التحديات التي تعوق اتمام العملية السياسية واجراء الانتخابات العامة

وفي هذا الاطار فأننا نؤكد على أهمية أن تكون هناك أرضية مشتركة لنجاح مثل هذا الحوار وان يتعامل الجميع بإيجابية للاجتماعات التحضيرية دون شروط مسبقة تغليبا للمصلحة العامة والتنازل من اجل الوطن وأن يكون الغرض من هذا الحوار بالدرجة الأولى علاج النقاط الخلافية وايجاد حالة توافق بين الجميع من أجل تهيئة الظروف المناسبة لإتمام الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب وقتٍ ممكن وفي اطار زمني محدد، انتخابات شفافة ونزيهة تُقبل نتائجها من الجميع، لأنهاء الانقسامات وانهاء كافة المراحل الانتقالية الهشة، وتستجيب لتطلعات الشعب الليبي الذي ضاق ذرعاً من الحلقة المفرغة والوضع الراهن، وعدم تكرار أخطاء الماضي وعدم الرضوخ لاي تدخلات خارجية

السيد الرئيس...

الأسبوع الماضي يوم 10 ديسمبر كان اليوم العالمي لحقوق الإنسان وقد استمعنا اليوم خلال بيانات عديد الدول، حرصهم الشديد بالمواضيع المتعلقة بحقوق الانسان في ليبيا وبالأخص ملف الهجرة، والذي أكدنا فيه مراراً وتكراراً أنه ملف لا يمكن أن تحمل ليبيا وزرهُ وحدها، بل هي مسؤولية دولية شاملة، تبدأ من دول المصدر والعبور والمنتهى… وفي هذا الإطار، فأننا نؤكد حرص ليبيا على حماية حقوق الانسان ومحاسبة المتورطين في أي انتهاكات مهما طال الزمن ورغم كل التحديات، الا أن الشعب الليبي في ذات الوقت- وكذلك معظم شعوب العالم وبالأخص في منطقتنا، ذاقت ذرعاً بازدواجية المعايير التي انكشفت بشكلٍ واضح، بعد الأحداث المؤسفة والعدوان الهمجي الغاشم الجاري من قبل الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والأراضي المحتلة، والذي تجاوز سبعين يوماً، فقد أصبح من المخجل على الدول التي تُنَظِر علينا وتُعلمنا مبادئ حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني أن تستمر في نهجها، وبالأخص عند مقارنة نفس الأحداث ومواقف تلك الدول من قضايا دولية أخرى

وقد أظهرت نتائج التصويتات على القرارات الانسانية المختلفة الخاصة بالأزمة في غزة وتأرجح مواقف بعض الدول، سواء في مجلس الأمن أو الجمعية العامة كشفت هذه المواقف زيف شعارات تلك الدول ونداءاتها لحماية حقوق الانسان… واستمرارها في سياسية الكيل بمكيالين …وسيتذكر التاريخ ذلك

ونود من هنا التأكيد على أن ليبيا قيادةً وشعباً ومن  خلال المجموعة العربية هنا في الأمم المتحدة والتي تشرفنا برئاستها الشهر الماضي، نؤكد أن ليبيا لن تدخر جهداً لإيقاف هذا العدوان على الشعب الفلسطيني والعمل على وقف اطلاق النار الفوري، وإننا في هذا الشأن نترقب اليوم بعد هذه الجلسة موقف هذا المجلس من القرار الجديد المقدم لها من العضو العربي بالمجلس، والخاص بآلية ادخال المساعدات الانسانية العاجلة لقطاع غزة وفتح ممرات آمنة، وهنا نضع المجلس أمام مسؤولياته من أجل اصدار هذه القرار وتنفيذه فوراً، وعدم الدخول في مماحكات سياسية جديدة في ظل استمرار آلة القتل والدمار،  حتى وصل عدد الضحايا قرابة عشرين ألف شهيد والآلاف تحت الأنقاض والمتضررين والنازحين بمئات الآلاف

ومن هنا فإن ليبيا تؤكد أيضاً للشعب الفلسطيني، بأننا معكم  ولن نخذلكم من أجل دعم قضيتكم العادلة والسعي لاسترجاع حقوقكم المشروعة، فلن يكون هناك سلام حقيقي الا بعد اقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف… فلا سلام دون عدالة.