يبدو أن حزب نداء تونس اختار نهج التطبيع الاجتماعي في بداية عهد حكمه بعد الانتخابات التشريعية و الرئاسية. التهدئة تمّ التوصل إليها بين رئيس مجلس النواب محمد الناصر و حسين العباسي الأمين العام لاتحاد الشغل ، وحكومة المهدي جمعة. وذلك بفتح مفاوضات اجتماعية في القطاع العام للزيادة في أجور موظفي الدولة.
حكومة المهدي جمعة لم تقبل إطلاق مفاوضات إلا بعد التشاور مع الحزب الفائز في انتخابات 26 أكتوبر الماضي. و الاتحاد العام التونسي للشغل نفسه التجأ إلى رئيس مجلس النواب من أجل إنهاء الخلاف مع حكومة جمعة حول ملف الزيادة في رواتب موظفي الدولة.
وتشير المصادر المطلعة إلى أن الأسبوع الجاري سيشهد إطلاق مفاوضات سريعة، بحسب تصريحات صحفية لوزير الشؤون الاجتماعية التونسي أحمد عمار الينباعي. و جدير بالذكر أن موظفي القطاع العام لم يحصلوا على زيادة في أجورهم إلا مرة واحدة في السنوات التي عقبت الثورة. ومن الصدف أنّ الزيادة الوحيدة تم إقرارها في حكومة الباجي قائد السبسي الأولى. ومنذ ذلك الوقت لم يطالب اتحاد الشغل بزيادة في الرواتب نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها تونس.
ظروف صعبة
يدرك المسؤولون في حزب نداء تونس أن هناك أزمة اجتماعية خانقة تتمثل في ارتفاع نسب البطالة، وكذلك ارتفاع نسب الفقر حيث اعترف مسؤولون في وزارة الشؤون الاجتماعية أن نسبة فقراء تونس تبلغ 24 في المائة و أن هناك نحو 250 ألف عائلة تونسية تحصل على المساعدات الحكومية. ويعرف مسؤولو نداء تونس أنّ الحكومات السابقة قد فشلت في مقاومة ظاهرة غلاء المعيشة التي أصبحت مرهقة، فنسب التضخم ظلّت تتراوح بين 5 و 6 في المائة و العملة الوطنية تدهورت أمام العملات الرئيسية، ما جعل الأسعار تتضاعف عدة مرات خلال سنوات ما بعد الإطاحة بنظام بن علي، في حين تم تجميد الأجور، في وقت تعهدت فيه كل الحكومات بتجميد الأسعار لكنها لم تف بوعودها.
حزب نداء تونس يريد تطبيع الوضع الاجتماعي قبل الخوض في الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد التونسي، والتي ستثير دون شك الكثير من الخلافات بين الأطراف السياسية من جهة و بين الأطراف الاجتماعية من جهة أخرى .