ماذا يحدث داخل حركة نداء تونس؟ و هل صحيح أن الأزمة التي شهدها الحزب الحاكم منذ أشهر لم تنته بعد رغم محاولات الإطفاء و التطويق التي قام بها الندائيون لوقف التصدع  الداخلي، وفق ما يراه متابعون؟.

وما حقيقة الصراع صلب نداء تونس؟ هل هو صراع أجنحة؟ أم صراع تموقع؟ أم صراع مشروع و مواقف معينة تجاه المشهد السياسي العام، دون نسيان الموقف من مشهد الحكم و التحالفات بما أن النداء هو من يقود الإئتلاف الحاكم؟.

"بوابة إفريقيا الإخبارية" طرحت جملة هذه الأسئلة على عدد من القيادات الندائية في التقرير التالي:

و في هذا الإطار، أكد القيادي بحركة نداء تونس عبد المجيد الصحراوي أن صراع لوبيات فساد و نفوذ تحدث داخل الحزب، موضحا أن بعض الأطراف الندائية تخدم أجندات معادية للمشروع الوطني للحزب و للبلاد، مضيفا أن هناك صراعات مصالح ذات ارتباطات إقليمية تسعى إلى ضرب وحدة الحزب الحاكم و تأزيم الوضع داخل صفوفه، وفق كلامه.

و أشار الصحراوي إلى أن حركة النهضة الإسلامية هي سبب الصراع داخل النداء، مشددا على أن "الخصومة الندائية" برمتها تدور حول النهضة، مبينا في السياق ذاته أن دليل كلامه الآنف الذكر هو الإعلان عن ما يسمى ب "المبادرة الدستورية" مؤخرا.

أطراف من النداء تخدم أجندا النهضة

و شدد على أن بعض الأطراف داخل نداء تونس تسعى إلى فتح مجالات أوسع لحركة النهضة، مستطردا أن هؤلاء مستعدون لحماية مصالحهم الفردية و ارتباطاتهم الإقليمية و ذلك بدفع النهضة إلى حكم البلاد مجددا و بالتالي التموقع في المشهد السياسي المقبل من خلال هذه الأخيرة ، معقبا بأن هدف الشق الندائي المذكور هو تدمير الحزب.

و لاحظ الصحراوي أن هاته الأطراف تريد ضرب وحدة الروافد المتنوعة المكونة للنداء و التي هي سر نجاحه، مؤكدا أن شق الفاشلين داخل نداء تونس هم من يحاول البحث عن مرجعية دستورية. و تابع بأن أعداء نداء تونس اليوم هم أنفسهم أعداء الحزب منذ 2012 (تاريخ التأسيس)، و إن تغيرت أسماؤهم، مضيفا أن الهدف هو تدمير الحزب.

و أشار في الإطار ذاته إلى أن الحسم في الصراعات التي تحدث في نداء تونس سيكون خلال مؤتمره المقبل.

تداخل بين الحزب و مؤسسة الرئاسة

بدوره، قال المنسق الجهوي لنداء تونس، محمد ساسي، إن هناك تداخلا بين مؤسسة الرئاسة كمؤسسة جامعة لكل التونسيين و الحزب، مبينا أن الوزير و رئيس ديوان رئيس الجمهورية، رضا بلحاج، حضر مؤخرا أحد الاجتماعات الخاصة بمشروع قانون المصالحة الاقتصادية بتنسيقية تونس 1 الموازية بمونفلوري، مؤكدا أن مدير الديوان الرئاسي انضم إلى شق حافظ قائد السبسي و عبد الرؤوف الخماسي و نبيل القروي و  أصبح يتدخل في الصراعات الداخلية للحزب، وفق ما جاء على لسانه.

حالات مرضية

أما محمد الطرودي قيادي حركة نداء تونس و نائبها بالبرلمان، فأفاد بأن الصراع داخل الحزب ليس صراعا مبدئيا بل هو صراع بين ضرورة الإلتزام بالبيان التأسيسي للنداء  الذي يمثل منطلقا للمشروع الوطني الذي يستمد مرجعيته من الحركة الوطنية، كما أنه حامل لواء البورقيبية الجديدة، و بين حالات مرضية ستزول بزوال أسبابها خلال المؤتمر المقبل للندائيين لأنها ضد الطبيعة و ضد المنطق على حد تعبيره.

كيانات سياسية تستهدف النداء

و تابع الطرودي بأن نداء تونس ملك لكل منخرطيه، مؤكدا أن النداء كان وفيا لوعوده التي أطلقها خلال مرحلته التأسيسية، ملاحظا أن الحزب أصبح اليوم مستهدفا من عديد الكيانات السياسية التي تسعى إلى ضربه عبر الحالات المرضية الموجودة داخل الحزب وفق كلامه.

نقص في تواجد الحزب بالجهات

و أقر نائب نداء تونس بالإشكاليات التي يواجهها الحزب في الجهات، مؤكدا أن هناك نقصا في التواصل بين القيادة المركزية للحركة و ممثليها في الجهات. و أضاف في سياق متصل أن النداء يعاني كذلك نقصا في حجم تواجده السياسي في عدد من الجهات، خاصة في مناطق الجنوب.

و أوضح أن الحزب سيعمل على تلافي كل هذه النقائص خلال أشغال مؤتمره المقبل الذي من المنتظر أن تنطلق قبل موفى السنة الحالية.

نداء تونس و النهضة شريكان

و في رد له عما يتم تداوله  حول تلاشي دور نداء تونس كحزب حاكم أمام هيمنة حركة النهضة على مفاصل القرار الأولى في الإئتلاف الحاكم، اعتبر محدثنا أن هذا الأمر لا أساس له من الصحة، مبينا أن النداء و النهضة يتشاركان في الحكم و أن حزبه لا يحكم بمفرده، مؤكدا في ذات الصدد أن القرار الأول و الأخير في تسيير شؤون البلاد هو للإئتلاف الحاكم و ليس لأي حزب من الأحزاب المكونة له.

و بخصوص ما يروج عن عبث أحد القيادات الندائية الفاعلة بمستقبل الحزب، أكد الطرودي أن الأوان لم يحن بعد للحديث حول هذا الموضوع.

لا تحويرات في القيادة

و فند الطرودي ما تم ترويجه مؤخرا حول إمكانية إجراء تحويرات على رأس قيادة النداء، موضحا أن رئيس الحزب الحالي، محمد الناصر، هو صمام الأمان لوحدة الحزب و استقراره و أنه لا توجد أية نوايا لتغييره.

الإختلاف موجود

من جانبه، أوضح نائب نداء تونس بالبرلمان، وليد جلاد، أن الإختلاف في وجهات النظر و الرؤى موجود داخل حركة نداء تونس لكنه لا يرتقي إلى درجة الخلاف، معقبا بأن الندائيين بصدد التحضير لعقد مؤتمرهم المقبل، على حد قوله.

أما القيادي بالحركة عبد العزيز القطي، فأكد بدوره أن الحسم في الخلافات و الصراعات الداخلية للنداء سيتم خلال المؤتمر القادم.

نداء تونس بخير

من جتهه، نفى القيادي بنداء تونس عبد الرؤوف الخماسي وجود أية خلافات أو إشكاليات تذكر داخل الحزب، مؤكدا أن الندائيين بصدد التحضير لأشغال مؤتمرهم المقبل. و لاحظ أن عمليات أو محاولات 
التموقع مسألة بديهية تقع في كل الأحزاب، و أنه من من الطبيعي أن تبحث مختلف الروافد المكونة للنداء عن تموقعات لها صلب الحزب.

كل الاتهامات مردودة على أصحابها

و أوضح أن جميع الروافد السياسية و الإيديولوجية المشكلة لحركة نداء تونس تصب في نفس الخانة أو في نفس المجرى و هو ضرورة الحفاظ على تماسك الحزب . و أعقب بأن كل الإستنتاجات التي تخالف إطار ضرورة الحفاظ على تماسك الحزب غير صحيحة و مردودة على أصحابها.

و أوضح الخماسي أن حافظ قائد السبسي هو نائب رئيس حركة نداء تونس و مدير هياكلها المركزية و الجهوية و أنه لا صحة للاتهامات التي تروجها بعض الأطراف ضده. و أضاف أن ما يروج حول خدمة شق معين من النداء لأجندات حركة النهضة أو أجندات إقليمية هو كلام فضفاض و غير واقعي، ملاحظا أن حركة النهضة هي شريك للنداء في الحكم و كذلك هي جزء من الإئتلاف الحاكم، و أن الأهم هو المحافظة على وحدة الصف الندائي التي هي هدف كل الندائيين حسب تعبيره.

خلافات حول الخط السياسي

بدوره أكد نائب نداء تونس بالبرلمان، الناصر شويخ، أن الخلافات  الداخلية التي حدثت صلب النداء تقع في كل الأحزاب، موضحا أن الخلافات الندائية تدور حول الخط السياسي للحزب، كما أنها خاصة فقط بأطراف ندائية بعينها.

على من سيخالف لوائح المؤتمر المغادرة

و أضاف أن الخلافات المتعلقة بالخط السياسي داخل نداء تونس موجودة حتى عند بعض الأطراف التي تمثل شق الدساترة. و لاحظ أن بعض الأطراف اعتقدت أن الإعلان عن منتدى العائلة الدستورية مؤخرا هو بمثابة الإعلان عن خط سياسي جديد للحزب، في حين أن هذا الأمر غير صحيح ، لأن الخط الذي تتوخاه الجمعية المذكورة هو خارج  خط نداء تونس كليا. و تابع في الأثناء بأن الخلافات الندائية تشمل فقط بعض أعضاء المكتب السياسي و أن أغلبية الندائيين مع التوافق و ضرورة المحافظة على وحدة الحزب.

و أكد شويخ أن جميع الاختلافات ستنتهي داخل نداء تونس بعد عقد مؤتمره المقبل، ملاحظا أن من سيخالف اللوائح التي سيصدرها المؤتمر المقبل عليه بمغادرة الحزب أو تأسيس حزب جديد.