تستعد تونس و تحديدا جوهرتها السياحية جربة لاستقبال وفود الحجاج اليهود الذين بدؤوا في الحلول بالمطارات و المواني التونسية لإحياء موسم حجهم السنوي الموافق ليوم السادس من ماي من كل عام و الأيام التي تليه.

و يتوافد اليهود من مختلف بلدان العالم خلال هذه الفترة من كل عام على كنيس الغريبة الكائن بجزيرة جربة جنوب شرق البلاد للاحتفال بجملة من الطقوس اليهودية بمعبد الغريبة المقدس الذي يعتبر أقدم  معبد يهودي في أفريقيا. و يؤكد المؤرخون أن بناء معبد الغريبة تم " قبل 2600 عام عندما وصل اليهود لأوّل مرّة إلى جزيرة جربة".و يقع المعبد ب "الحارة الصغيرة" الكائنة بجزيرة جربة حيث يعيش عدد هام من اليهود التونسيين و كذلك الأجانب.

و تشير دفاتر التاريخ إلى أن معبد الغريبة تم تشييده بحجر مقدس تم جلبه من الأرض المقدسة أو "الأرض الموعودة" بفلسطين. و يذهب آخرون إلى أن المعبد بني بحجارة مقتطعة من هيكل سليمان بأورشليم (القدس)  حسب الفكر اليهودي أي الحجارة التي جلبت من أرض غريبة. كما نجد المسحة الأسطورية طاغية على أصل تسمية المعبد حيث يعتبر البعض أنها تعود إلى أنه بني على قبر  إمرأة يهودية غريبة تم العثور عليه في جزيرة جربة التونسية.

و حسب بعض المصادر، فإن المعبد يضم داخله عددا من الفضاءات و الغرف الكثيرة كبيت الصلاة و مقبرة يهودية يدفن فيها الموتى اليهود، إضافة إلى فضاءات لتلقين الأطفال اليهود تعاليم ديانتهم و طقوس فرائضهم. و يوجد في المعبد أيضا عدة نسخ من التوراة و التلمود.

و تنطلق طقوس الحج اليهودي بجربة التونسية مع الثالث و الثلاثين من عيد الفصح اليهودي و تدوم  في العادة يومان، و لكن فعالياته تبدأ من 1 إلى 10 من شهر ماي  على أن تكون الخرجة  في اليومين السادس و السابع من نفس الشهر.

و تخصص أيام الحج اليهودي لإقامة طقوس دينية معينة كالصلاة و قراءة التوراة و التلمود و كذلك الاحتفاء ب"الرب مير" و هو أحد الكهنة اليهود الذي يقدسه هؤلاء في إطار حفاظهم على رموز و تعاليم ديانتهم و غيرها من الطقوس الأخرى. و تتخلل هذه الطقوس احتفالات بالرقص و الغناء و الأكل و شرب نبيذ "البوخا". و يقاطع يهود تونس البيع و الشراء و كل المهن التجارية خلال موسم حجهم للغريبة.

أما الخرجة و هي من أهم الطقوس الدينية في الحج اليهودي، فتتمثل في قيام اليهود بخروج جماعي من معبد الغريبة للطواف بالحي المجاور له مرددين الأناشيد و الأهازيج كما يقرؤون خلال خروجهم كتبهم المقدسة و ذلك للتبرك و التقرب لله وفق تقديرهم.

كما يحرص الحجاج اليهود على إقامة ما يسمى ب "السبات" و يتزامن مع يوم السبت، اليوم المقدس لليهود، على خلفية اعتقادهم أن " الله خلق الأكوان في ستةّ أيّام ليرتاح في اليوم السابع" حسب تعبيرهم.