أعلنت الحكومة الموريتانية عن إنشاء محكمة خاصة بجرائم الاسترقاق، بعد 5 سنوات من صدور قانون مجرم لممارسة العبودية، القرار الجديد صدر على إثر اجتماع للمجلس الأعلى للقضاء في موريتانيا، انعقد يوم الاثنين في نواكشوط ، تحت رئاسة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.

ويأتي إنشاء هذه المحكمة التي عين لها 8 قضاة من بينهم امرأة وهي أول قاضية في موريتانيا، بعد أيام من استقبال حاشد في نواكشوط للمعارض والناشط في مكافحة العبودية و رئيس "حركة ايرا" بيرام ولد أعبيدي، عند عودته من الولايات المتحدة بعد تسلمه لجائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

كما يأتي الإعلان عن تأسيس هذه المحكمة بعد  أشهر من إنشاء  الحكومة الموريتانية لمؤسسة عمومية تدعى "الوكالة الوطنية لمحاربة مخلفات الرق وللدمج ولمكافحة الفقر،  والتي تقول السلطات إنها ""تهدف إلى تنفيذ سياسة الحكومة من خلال برامج اقتصادية واجتماعية ستمكن من القضاء على مخلفات الرق."

وتعتبر ممارسات العبودية جريمة في موريتانيا منذ سنوات، لكنها كانت تحاكم أمام محاكم عادية.

وتم إلغاء العبودية عدة مرات في موريتانيا، في الجانب القانوني ، ففي المرة الأولى، سنة 1905 صدر مرسوم يدعو لتطبيق القانون الفرنسي، المصوت عليه سنة 1948، في موريتانيا، ويلغي العبودية في كل المستعمرات الفرنسية. ثم صدر تحريم الرق في أول دستور للبلاد سنة 1961.

ومع بروز حركة "الحر" التي أسسها أواخر السبعينات الماضية مثقفون من شريحة الأرقاء السابقين العروفة محليا ب"الحراطين، أصدرت الحكومة الموريتانية مرسوما تحت رقم 081/234، بتاريخ 9 نوفمبر 1981، يلغي العبودية، ولو شكليا، لهذه الظاهرة المنتهجة في البلاد منذ عدة قرون.

كما عمدت الأنظمة المتعاقبة على الحكم في موريتانيا، بعد ذالك لإصدار تشريعات أخرى بهذا الخصوص. فتم التصويت في البرلمان على القانون رقم 025/2003 القاضي بقمع المتاجرة بالأشخاص والمجرّم لتقييد أو نقل أو العبور بالأشخاص عن طريق القوة أو تحت التهديد لهدف استغلالهم جنسيا أو اقتصاديا، متبوعا، سنة 2007، بالقانون المجرم للرق ودرء الممارسات الاسترقاقية.

و"احتلت موريتانيا الرقم الأول علي رأس 162 دولة في العالم تنتشر فيها العبودية"، حسب ماء جاء  في تقرير عن "مؤشر العبودية العالمية" صادر عن منظمة "ووك فري" في 17 نفمبر 2013،  ويعد هذا التقرير لأول من نوعه لرصد "العبودية الحديثة" لأشخاص "تسرق منهم حرية الحركة والحياة الكريمة".

 وصنف التقرير موريتانيا على رأس قائمة هذه الدول بنتيجة 97.90 . وقد اعتمدت المؤسسة الاسترالية في تصنيفها للدول علي أساس عوامل ثلاثة هي: انتشار العبودية الحديثة، ومعدل الزواج دون السن القانونية ومستوى الاتجار بالبشر، مما جعل "تضافر هذه العوامل الثلاثة في موريتانيا" تحتل رأس قائمة التصنيف العالمي بالنسبة لكل منها علي حدة وبالنسبة لها مجتمعة، كما نص التقرير على أن تصنيف موريتانيا تم وفقا لأعلى نسبة تقديرية من سكانها "المستعبدين" من أي بلد آخر في العالم. وفق تعبير التقرير الذي قدر الأشخاص المستعبدين في موريتانيا بنحو 150 ألف شخص من إجمالي عدد السكان الذي لا يتجاوز 3.8 مليون نسمة ووصف العبودية في موريتانيا بأنها نظام وراثي "راسخ".

لكن الكثير من المراقبين في موريتانيا يقللون من مصداقية مثل هذه التقارير ويعتبرونها غير دقيقة ولا تتماشى مع الواقع.. إذ لم تعد العبودية تمارس بشكل علني في موريتانيا، وغالبا ما ترد الحكومة الموريتانية على منتقدي "ممارسة العبودية" بنفي وجودها باستثناء حالات معزولة، ولا تقر إلا بوجود مخلفات الرق وآثاره الاجتماعية والاقتصادية.

ويتكون سكان موريتانيا من عرب وزنوج، وتشير بعض التقديرات إلى أن ما يقرب من 80% من سكان البلاد من العرب (البيضان) والعرب السمر (الحراطين) وهم الأرقاء السابقون. أما 20% ، فهم أفارقة زنوج ينتمون لقبائل البولار ، والسننكي، والولوف.