الدعوة حالمة ترفع شعار"اكتشف الحب الحقيقي"...هي مفتوحة للجميع عبر مواقع الكترونية تعد أصحابها من مختلف الفئات العمرية ومن الجنسين في جميع أنحاء العالم بالحصول على "زوج إسلامي" و"زواج حلال"... وهي مواقع بمثابة خاطبة الكترونية تخترق الحدود لإسعاد الملايين الحالمين بالنصف الآخر...لكن ما مدى توفر حسن النية لدى من يديرون هذه المواقع المُسيلة للعاب والواعدة ب"السعادة الحلال" ؟؟
حقيبة من الشعارات المغرية تقدّمها هذه المواقع مجانا من خلال توفير عروض علاقات عاطفية مما جعلها تنشط في إطار شبكة واسعة من المنخرطين الأعضاء يبلغ عددهم 20 مليونا تضع على ذمتهم الدردشة والبريد الالكتروني والفيديو ووسائل المراسلات الفورية حسب ما ورد في قاعدة بيانات أحد هذه المواقع الذي يمدّ أذرعه في مختلف أنحاء العالم ويقدّم نفسه على أنه "أفضل موقع زواج إسلامي يربط بين آلاف النساء والرجال المسلمين" و يعلن بصريح العبارة أنه "يساعد جميع النساء من مختلف أنحاء العالم على البحث عن شريك حياتهن. ".

غموض
بحثنا في سجل هذا الموقع العملاق واكتشفنا أن شركة مختصة في "تطوير مواقع المواعدة" تديره يوجد مقرّها في اسبانيا وقد تأسست سنة 1999.وللانضمام إلى قائمة المنتفعين ب"المواعدة الحلال" يُطلب من المترشحة توفير ملفها الخاص،و يحتوي ضرورة على بيانات تؤكد المظهر العام، و مدى الرغبة في الانتقال إلى بلد آخر. مع إدراج خمس صور لها في المناسبات والإجازات أي خارج المواقيت الرّسمية للعمل أو الدراسة وهو ما يطرح أكثر من سؤال حائر حول أسباب التأكيد على المظهر العام وصور المناسبات واختبار الرغبة في الانتقال إلى بلد مغاير؟

مواقع مشبوهة
سألنا خبير استراتيجي في الشؤون الأمنية الدكتور مازن الشريف حول مواقع المواعدة والزواج الحلال مثلما تسميها الأطراف التي تديرها، أجاب بأن هذه المواقع مشبوهة تدخل في إطار الدعارة الدولية المنظمة.إذ ينصب هؤلاء المصيدة للمنخرطين باستغلال الجانب الديني لإعطاء مسألة التعارف صبغة الحلال أي صبغة دينية مطمئنة وهي في الحقيقة مجرّد غطاء تتستّر وراؤه المواقع المشبوهة وهي "زنا مقنّع" لأنها توفر عقود زواج فاسدة.وأوضح الدكتور مازن الشريف أن الشبكات الجهادية طورت هذه المواقع الإباحية ووظفت البعد الجنسي و استغلت كبت الشباب لاستدراجهم وإيهامهم بعلاقات الحلال وتوريطهم في الجرائم الإرهابية،ويدخل ذلك في إطار تطوير أساليب التواصل والتحرك والاستقطاب لتكون تحرّكات وعمليات هذه المجموعات بعيدة عن الأعين. وبالتالي فكلما تطورت أساليب المراقبة والتطويق لهؤلاء كلما تطورت معها طرق التواصل عبر قنوات ووسائل لا تخطر على بال.

الإشكال خارجي
من الصعب تقنيا اتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي لمثل هذه الصفحات الخاصة بالتواصل والفضفضة والتعارف،هذا ما أكده الخبير في السلامة المعلوماتية حلمي الرايس ،إذ لا يمكن حجب هذه المواقع والصفحات والتحكم فيها لأنها تحت إدارة أشخاص وشركات موزعة في مختلف أنحاء العالم. لكن يمكن عند التأكد من ثبوت الشبهة في هذه المواقع وتورطها في الإرهاب أو الدعارة المنظمة أو جهاد النكاح مثلا مطالبة شركات إدارة المواقع الاجتماعية بغلق هذه الصفحات وهناك إجراءات يمكن اتباعها في هذا المجال لسدّ الطريق عن المواقع المشبوهة،يعني أن الحل ليس داخل تونس بل من خارجها.ما يمكن تقنيا فعله في رأي الأستاذ حلمي الرّايس هو حجب هذه المواقع أو هذه الصفحات. الحجب سيكون ربما فاعلا بالنسبة للسواد الأعظم من مستخدمي الشبكة العنكبوتية وسيمنعهم من الوصول إلى هذا المحتوى. أما بالنسبة للمستخدمين الذين لهم دراية أكبر بتقنيات المعلومات ربما يمكن لهم تجاوز واختراق هذا الحجب عن طريق موزعات وشبكات "البروكْسي" مثلا. لكن يمكن التعامل مع مسألة الاختراق بتقنيات ووسائل أخرى متطورة لا يتقنها غير المختصين في المجال.