يواصل مجموعة من الباحثين المغاربة والاسبان المتخصصين في علوم الآثار والتراث، منذ شهر فبراير الماضي، القيام بأبحاث وتحريات أثرية بإقليم كلميم (جنوب المغرب)، وذلك في سياق استكمال العمل الميداني الذي انطلق بحوض وادي نون من منبعه إلى مصبه منذ سنة 1995، وهي الأبحاث التي تأتي في سياق التعاون الثنائي بين المغرب وإسبانيا.

وسبق لفريق باحثين مغربي إسباني، أن أجرى أبحاثا بموقع "تاكاوست لقصابي" (حوالي 12 كلم جنوب غرب مدينة كلميم) حيث شرع في تحرياته بهذا الموقع خلال شهر مارس من سنة 2012.     

وكان يوسف بوكبوط، الأستاذ الباحث في علوم الآثار والتراث، الذي يترأس البعثة المغربية الاسبانية، قد أبرز في تصريحات صحفية أن "منطقة لقصابي التي تتواصل بها عملية البحث للمرة الثانية على التوالي من طرف البعثة المغربية الاسبانية توجد فوق موقع اثري مهم بالنسبة لتاريخ المغرب وشمال افريقيا ألا وهو موقع "تكاوست "الذي تعتبره المصادر التاريخية أكبر مدينة في سوس الاقصى خلال العصور الوسطى"،  مشيرا إلى أن هذه الحاضرة بحكم أهميتها التجارية كمركز كبير لتجارة القوافل العابرة للصحراء، كانت تضم ممثلين تجاريين لأكبر المدن المتوسطية كمرسيليا والبندقية وجنوة إلى جانب تمثيليات سياسية من بينها قنصلية ملوك الكاتوليك الاسبان".  

وبحسب الباحثين فإن هذه المدينة الاثرية بحكم شساعتها، لا يمكن معرفة خباياها في فترة زمنية وجيزة، موضحا ان النتائج الأولية للأبحاث بهذه المدينة أسفرت عن تحديد ثلاث مستويات من السكن على فترات زمنية متعاقبة من الأعلى إلى الأسفل (ما بين القرنين 16 و 14 الميلاديين) واكتشاف سور، مضيفا أن البعثة الاثرية ستحدد في وقت لاحق ما اذا هذا السور هو الذي كان يحيط آنذاك بالمدينة، أم هو مجرد جزء لإحدى القصبات التي كانت تتكون منها مدينة "تكاوست" .

وما فتئ علماء آثار مغاربة يدعون الى تثمين التراث الثقافي والاركيولوجي الذي تم اكتشافه بمنطقة وادي نون، والعمل على استثماره اقتصاديا لتحسين مستوى عيش الساكنة المحلية بهذه المنطقة، خصوصا في ظل تعرض هذه المواقع للتلف من خلال تدخلات الانسان والعوامل الطبيعية.

تجدر الإشارة إلى أن من أبرز المواقع التي شملها البحث من طرف البعثة المغربية الإسبانية، موقع "ادرار زرزم " بمنطقة تغجيجت ( حوالي 80 كلم شمال شرق كلميم ) الذي يضم نقوشا صخرية ومقابر جنائزية ترجع لفترة ما قبل التاريخ، و"تيكمي اوكليد" ( دار السلطان) وهي قصبة موحدية تطل على واحة نفس المنطقة وموقع نول لمطة باسرير ( 12 كلم شرق كلميم ) الذي صنفته المصادر التاريخية من أقدم المراكز الحضرية في الجنوب المغربي، فضلا عن المخازن الجماعية بقرية أمتودي ( 120 كلم شمال شرق كلميم ) التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر الميلادي.