تحضى الزّهور في الوطن القبلي التونسي بعناية فائقة، وأكثرها مثارا للاهتمام زهور شجرة النارنج أي البرتقال المرّ التي يستخرج منها ماء الزّهر، الملقب بالـذّهب الشـفـّاف الأبيض. فبدخول الرّبيع يوم 20 مارس، ينطلق موسم التـّقطير وترتفع طيلة الأسابيع الأربعة الموالية حمّى تقطير الزّهور.

وحسب المؤرخين قد يكون الأندلسيـّون هم الذين حملوا معهم تقنية تقطير زهور البرتقال وهي عملية تتمّ إمّا في البيوت أو آليّا بالمعامل الخاصّة.

وإذا كان استخراج زيوت الزّهر وتقطير "روحه" يتم في بداية الرّبيع فإنّ ماء الزّهر يرافق سكّان الوطن القبلي على مدار السّنة.

وعمليـّة التـّقطير وتحديد مقاديره ومدّة طبخه وكيفية تبريد الأواني نشاط يتوارثه النسوة عن أمهاتهن أو جدّاتهن ويتم ذلك بوله كبير تتداوله الأسرة.

وتحتفظ كل أسرة بأواني التـّقطير وهو الأنبيق الذي انسحب اسمه العربي على كلّ آلات التـّقطير في اللـّغات الأوروبية.

نجاح باهر لمهرجان تقطير الزهر في دورته الثامنة | جريدة الشروق التونسية

ويكتسي موسم جني وتقطير الزهر بمدينة نابل أهمية اقتصادية واجتماعية وتاريخية هامة رغم قصر مدة هذا الموسم التي لا تتجاوز 5 أسابيع.

حيث تستعد العائلات لاستقباله بصفة مبكرة وتتجمّع في حقول النارنج التي تزدان بأزهار بيضاء اللون طيبة الرائحة ولا تزال العائلات "النابلية" تحافظ على عادة تقطير الزهر فى حين يمتهنها البعض الاخر كحرفة وعمل موسمى فتكون بذلك مورد رزق وفير للبعض ومتواضع للبعض الاخر. فضلا عن بيعه إبّان جنيه ب "الوزنة" وفق ما هو متعارف عليه والتي تقارب 4 كيلوغرامات.

و في هذا الاطار تنظم جمعية صيانة مدينة نابل مهرجان الزهر من 14 الى 17 افريل/أبريل 2022 بمقر دار نابل و تحتوي هذه التظاهرة على ورشات في تقطير الزهر و بيعه و صناعة المعجون و اعداد العطور و الكرديان.