دخلت مفاوضات السلام بين الحكومة المالية وحركات متمردة بشمال البلاد، مرحلة حاسمة، إذ أن الوساطة الدولية التي تقودها الجزائر مازالت تحاول بعد 5 أيام من التفاوض، زرع الثقة وتقريب وجهات النظر المتباينة بين الأطراف، حسب معلومات استقتها وكالة الأناضول من مصادر متطابقة.

وتتواصل مند السبت الماضي بالعاصمة الجزائر، جلسات مغلقة في إطار الجولة الرابعة من المفاوضات بين الحكومة المالية وحركات أزوادية في شمال البلاد، بمشاركة ممثلين عن منظمات دولية مثل الأمم المتحدة وإقليمية مثل الإتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.

وتصر الأطراف الأزوادية على تأسيس حكم فيدرالي بشمال مالي في إطار سيادة مالي، فيما ترفض حكومة باماكو هذا الاقتراح، وتقول إنه غير منصوص عليه في إطار دستور البلاد. وتؤدي الوساطة بقيادة الجزائر جهودا "حثيثة" لتقريب وجهات النظر.

وقال مسؤول العلاقات الخارجية في الحركة العربية للأزواد، محمد مولود رمضان، المشارك في المفاوضات لوكالة "الأناضول": "عقدنا مند انطلاق الجولة الرابعة 3 لقاءات مباشرة مع وفد الحكومة المالية من أجل تقديم وبحث مقترحات كل طرف للحل". وتابع "الوساطة تقوم بدورها، وهي مشكورة حيث تحاول إقناع كل الأطراف لتقريب وجهات النظر ونحن لدينا ثقة فيها".

وأضاف رمضان "موقف الحكومة المالية خيب آمالنا وهو مازال متعنتا لأننا كحركات أزوادية قدمنا تنازلات مثل الاعتراف بوحدة وسيادة مالي على مناطق الشمال، ونريد مقابل هذا حكما فدراليا في الشمال".

وأوضح "حكومة باماكو مازالت متمسكة بموقفها الرافض للاعتراف بأزواد، رغم أن الوضع مختلف اليوم، ولولا القوات الفرنسية والدولية، لا يمكن أن يكون لها وجود في مناطق الشمال".

وكانت الوساطة الدولية بقيادة الجزائر قدمت في شهر أكتوبر/ تشرين ثاني الماضي مشروع اتفاق سلام لكل من الحكومة المالية وحركات الشمال كقاعدة للتفاوض من أجل إثرائه.

وقال مصدر مقرب من الملف رفض الإفصاح عن هويته لوكالة "الأناضول" إن المشروع الذي قدمته الوساطة كحل وسط بين الجانبين "يقترح إنشاء غرفة ثانية للبرلمان من أجل تمثيل أكبر للأعيان وممثلي المجالس المحلية المنتخبة في الشمال إلى جانب حق سكان الشمال في انتخاب رئيس لهيئة تنفيذية تكون بمثابة حكومة محلية وكذا إنشاء شرطة محلية لتوفير الأمن لمحافظات الشمال".

وحسب المصدر ذاته، "فإن جلسات التفاوض المباشرة التي عقدت خلال هذا الأسبوع شهدت تمسك حركات شمال مالي بضرورة تحديد الوضع القانوني لمناطق الشمال قبل الانتقال للحديث عن التفاصيل، وضرورة تضمن أي مشروع سلام اعترافا من حكومة مالي بازواد كإقليم وحق سكان الشمال في حكم فيدرالي في إطار سيادة مالي".

ووفق نفس المصدر، قدمت حركات تنسيقية الأزواد (الحركة الوطنية لتحرير أزواد، والمجلس الأعلى لوحدة أزواد، والحركة العربية الأزوادية) مشروعا للحل يتضمن "ضرورة إنشاء حكم فيدرالي في الشمال بحكومة وبرلمان محليين".

من جانبها، ترفض الحكومة المالية التي يقود وفدها في جلسات التفاوض وزير الخارجية عبد اللاي ديوب، أي حديث عن حكم فيدرالي لأن دستور دولة مالي يمنع ذلك" حسب مصدر تحدث أيضا لوكالة الأناضول مفضلا عدم الكشف عن هويته.

وأشار المصدر نفسه إلى أن سلطات باماكو اقترحت "حكما جهويا في الشمال يقوم على إنشاء مجالس محلية تنتخب بصفة مباشرة إلى جانب دوائر إدارية مهمتها تسيير التنمية في هده المناطق".

كان وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، دعا خلال افتتاح جولة الحالية من المفاوضات "مختلف الأطراف المالية إلى اغتنام فرصة مسار مفاوضات الجزائر للتوصل إلى اتفاق سلام شامل ونهائي من اجل استتباب الاستقرار بمالي".

وتابع أن "الماليين هم المعنيون أولا باحلال السلام وفريق الوساطة الذي تترأسه الجزائر مدعو إلى مساعدة الماليين على التحاور والاستماع لبعضهم البعض والتفاهم على درب السلام المحفوف بالعراقيل".

وأضاف لعمامرة موجها حديثه للماليين: "لا يمكننا كفريق وساطة أن نتحمل مكانكم المسؤولية التاريخية من اجل التوصل إلى السلام والاستقرار في مالي وسنستعمل الإرادة والحكمة والإقناع وروح مسؤولية الجميع من اجل إرساء السلام والاستقرار".