أكد أن النهضة تراهن إلى غاية اللحظة على البقاء في السلطة لتنفيذ مشروعها الإخواني وأن المرزوقي هو مرشحها، داعيا هذه الأخيرة إلى توضيح موقفها صراحة من مسألة دعم أحد  مترشحي الرئاسة.
وأضاف في الأثناء أن الجبهة الشعبية لم تحسم موقفها بعد بخصوص دعم أحد المترشحين مشددا  على أن الجبهويين لا يهتمون بمن فتح أبواب القصر الرئاسي أمام مجاميع العنف والإرهاب ومن هدد  وشتم التونسيين والمعارضة  بهدف الانقلاب على الهوية الوطنية. وتابع بأن المصلحة الوطنية تستوجب تجنيب البلاد وضعا مشابها لمرحلة الثلاث سنوات الأخيرة لأن ديمقراطية تونس الناشئة معرضة للخطر في حال فاز المرزوقي.

هذه نبذة لما قاله القيادي بالوطد والجبهة الشعبية منجي الرحوي في لقاء مع "بوابة إفريقيا الإخبارية"  تطرق فيه محدثنا  إلى كل تداعيات المرحلة الدقيقة التي تمر بها تونس خصوصا على المستويين السياسي والأمني مثمنا في ذات الإطار جهود المؤسستين الأمنية والعسكرية في تأمين تنظيم الانتخابات بوجهيها التشريعي والرئاسي ،  ومنددا من جهة أخرى بدعوات التجييش والتحريض لبث الفرقة الجهوية والقبلية بين جهات البلاد . كما دعا الرحوي الشعب التونسي ولا سيما الشباب إلى الحفاظ على وحدته الوطنية والعض عليها بالنواجد لإفشال كل مخططات التفرقة والتقسيم الممنهج والمبرمج وفق كلامه.

وفي ما يلي نص الحوار.

- بداية لو توضحون لنا أين يتجه موقف الجبهة الشعبية الذي تأجل الحسم فيه منذ أيام حول دعم أحد مترشحي الرئاسة؟

مجلس أمناء الجبهة لم يتخذ قراره بعد. والموقف الرسمي حول الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية لم يتحدد إلى غاية الساعة.

- ولكن الجبهة الشعبية حسمت موقفها حول عدم دعم المرزوقي حسب تصريحات أغلب قياداتها، فماذا بالنسبة لدعم الباجي قايد السبسي؟

كما قلت لك موقف الجبهة الشعبية لم يتحدد بعد. أما بالنسبة للمرزوقي، أوضح، أن من استقبل رابطات حماية الثورة في القصر الرئاسي ومن لم يتخذ قرارا صارما إزاء هذه العناصر بما يجب عليه فعله في إبانه، ومن شتم المعارضة والتونسيين وهددهم  انطلاقا من دولة أجنبية ليس من المعقول الآن أن ينصب نفسه مرشحا للعائلة الديمقراطية. كذلك من لا يمتلك القدرة  والجرأة على القطع النهائي مع العنف كوسيلة للتعامل السياسي، لا يمكننا الإهتمام به. كما أن حزبه قام باستقبال كمشة من الدجالين وتجار الدين من أجل الانقلاب على هويتنا الوطنية التونسية ولهذا نحن لا يمكننا أن نأمنه. وهو الآن يريد تنصيب نفسه في العائلة الديمقراطية.

ثلاث سنوات مرت، لم نر منه إلا تشبثا بالقصر ولم نر منه في المقابل تشبثا بأهداف الثورة ومطالب الشعب في الأمن والاستقرار. هذا عدا أنه لم يبد أي تحمس من أي مستوى كان تجاه الاغتيالات السياسية. أما في تعامله مع المؤسسة العسكرية، فهذا كلام سيأتي في إبانه.

أيضا وفي ما يتعلق بالسياسة الخارجية، فحدث ولا حرج. كما أن إصراره على عدم إعادة علاقاتنا الديبلوماسية مع سوريا هو إصرار منه على التستر على الجهات المتورطة في تسفير أبناءنا وشبابنا إلى محرقة جديدة ولأن السلطات السورية لديها كل الملفات المتعلقة بشبكات التسفير والرموز السياسية التي تشرف عليها.

- وكيف تقرؤون الخطاب الانتخابي لمترشحي الرئاسة الذي وصف بالعنيف والمحرض على العنف؟

الحملة الانتخابية في مرحلتها الأولى وإن لم تخل من وجود خطاب متشنج وعنيف وتضمن دعوات للكراهية، لكنها مرت بسلام إجمالا. وفي هذا الإطار، نسجل بوضوح أن الجبهة الشعبية كانت بعيدة كل البعد عن نوعية هذا الخطاب بكل أشكاله، وهذا ما نسجله في رصيدنا بكل فخر واعتزاز.

أما الآن ونحن في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، فقد ظهرت خطابات التشنج  التي بلغت حد التجييش والتحريض وإثارة النعرات القبلية والجهوية بصفة واضحة وجلية. و في هذا الإطار، أدعو كل التونسيين وكل أبناء شعبنا للحفاظ على وحدتهم الوطنية كما لم يحافظوا عليها من قبل حتى يكونوا سدا منيعا ضد كل محاولات التقسيم المبرمجة والممنهجة والتي قد يكون قدوم برنار هنري ليفي  إلى بلادنا على علاقة بها. و قد يكون هذا الأخير هو من نصح بعض الأحزاب السياسية بإثارة النعرات الجهوية والقبلية التي ربما تكون أحد العوامل المجددة في السباق الانتخابي لصالح طرف معين.

- هل ترون أن هذه المخاطر حقيقية ويمكن أن تشتد ذروتها لا قدر الله خلال الفترة المقبلة؟

ندعو كل شباب تونس من شمالها إلى جنوبها وفي شرقها وغربها إلى الرد على كل المحاولات القطرصهيونية التي تعمل على إثارة بعض النعرات التي يرون أنها تمكنهم من نقل تونس إلى مربع العنف مثلما هو الشأن في ليبيا وسوريا. وقد يكون  لزيارة  ليفي دور في هذه المسألة وربما هو الذي منح أو نصح هذا الخيط الذي يسعى إلى تقسيم تونس  بين شمال وجنوب.

- وما تعليقكم على ما صرح به الرئيس المنتهية ولايته منصف المرزوقي حول إمكانية دخول البلاد في مرحلة رهيبة من عدم الاستقرار في حال فاز السبسي حسب تعبيره؟

نحن ورغم جميع المداخلات الخارجة عن نطاق المعقول والتي تدخل في خانة تحسس وتلمس هزيمة قادمة، فإننا واثقون من أن كل التهديدات بأن لا يكون هناك استقرارا في تونس في حال هزيمتهم، ستكون الإجابة عنها كالآتي وهو أن الشعب التونسي ينتظر بفارغ الصبر نجاح العملية الديمقراطية كما ينتظر بفارغ الصبر أيضا أن يكلل هذا المسار الانتقالي بصورة واضحة بانخراط تونس في العملية الديمقراطية ومبدأ التداول السلمي على السلطة الذي أقره الدستور.

- هل نفهم من كلامكم  أن نجاح العملية الديمقراطية في تونس هو رهين فوز قايد السبسي؟

بالنسبة لنا،  نحن نرى أن هذه الديمقراطية الناشئة ستكون معرضة إلى الخطر إذا فاز المرزوقي وستكون تونس مفتوحة على جميع الاحتمالات. كما أننا نرى أن المسؤولية الوطنية تستوجب تجنيب تونس وضعا مشابها لوضع الثلاث سنوات الماضية.

- تؤكد عدة جهات أن دعم  الجبهة الشعبية للسبسي مشروط بالتزام هذا الأخير بكشف الحقيقة في اغتيال الشهيدين بلعيد والبراهمي، بماذا تردون؟

هذه المسألة لم تحسم بعد  في مجلس الأمناء.

- وكيف تقرؤون حظوظ المرزوقي في الدورة الثانية من الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتي تبقى قائمة حسب متابعين؟ وهل صحيح أنه وصوله  إلى هذا الدور المتقدم كان نتيجة لدعم  كبير ومدروس من حركة النهضة حسب ما يؤكده البعض؟

النتائج المقبلة في الظروف العادية للانتخابات تتم على أساس التنافس النزيه والسلمي والدعاية في ظروف عادية ونتمنى أن نشاهد اصطفافات واضحة في الدور الثاني راجين من الله عز وجل أن تفصح النهضة عن مرشحها وتعلن صراحة عن ذلك. وعندها سيكون الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية نوعا من الاستفتاء الشعبي على رفض المشروع الإخواني القطري وكل مشتقاته.

وبخصوص دعم النهضة للمرزوقي في الخفاء، أقول،طبعا لا مجال للشك فمرشح النهضة هو المرزوقي.

- وهل يمكن أن تغير النهضة موقفها بالتخلي عن ورقة المرزوقي في الدور الثاني، في رأيكم؟

ممكن. كل ما نطلبه من النهضة هو أن تكون على درجة من الصراحة والجرأة في دعم من تريد. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. ليس عيبا أن يدعم حزب هذا المترشح أو ذاك، لكن من العيب أن يخفي حزب دعمه لمترشح معين في حين يعلن علنا بقاءه على نفس المسافة.

- أفاد متابعون أن النهضة تساوم نداء تونس بحقائب وزارية سيادية والتخلي عن إمكانية البت في ملفات تورط قيادات نهضوية مقابل التخلي عن دعم المرزوقي لفائدة السبسي حسب تعبيرهم؟ فإلى أي مدى يصح هذا القول في نظركم؟

النهضة إلى حد الآن تراهن على اقتسام السلطة وتراهن على بقائها في السلطة لأن السلطة بالنسبة لها ليست  لدعم مؤسسات الدولة الديمقراطية ووضع أسسها بل لتنفيذ المشروع الإخواني المختلف تماما على المشروع الوطني التونسي.

- وهل من الوارد تحالف النهضة والنداء تحت لواء حكومة وحدة وطنية؟

كل شيء وارد في تونس. البلاد في  وضع هش داخليا وإقليميا ودوليا. وفي هذا الوضع من الهشاشة، تصبح كل الإمكانيات واردة.

- وبالنسبة لتحالف الجبهة الشعبية مع نداء تونس هل يبقى بدوره واردا في المرحلة المقبلة؟

إمكانية منح ثقتنا للحكومة التي سيشكلها نداء تونس واردة  وليست مستبعدة.

- وفي أي تموقع سنجد الجبهة الشعبية؟ بمعنى هل ستشاركون في الحكم؟

هذا الأمر لم يحسم بعد. ومن المستبعد أن نشارك في الحكم.

- وكيف تنظرون إلى ملف الإرهاب والمخاطر الأمنية المحدقة ببلادنا في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها؟

الإرهاب لم يكف. تونس من بين الأهداف التي من الضروري أن يقع تخريبها وخصوصا بعد النتائج الانتخابية نتوقع ارتفاع منسوب العمليات الإرهابية. وفي هذا الجانب بالذات نثمن جهود قواتنا الأمنية والعسكرية الذين برهنوا عن  جرأة كبيرة وجاهزية قتالية ونفسية عالية للذود عن مناعة واستقرار البلاد ومثلوا قوة ضاربة في وجه الإرهاب من أجل تأمين الانتخابات التشريعية والرئاسية وهذا الأمر ليس بالهين. كذلك نحن واثقون أن مؤسساتنا الأمنية والعسكرية ستكون أكثر جاهزية ونجاعة في المستقبل في هذا الصدد.

- وهل ترون أن الخطر الجاثم  على أمننا القومي يأتي من ليبيا كما نبه إلى ذلك مراقبون وخبراء وغيرهم؟

الوضع في ليبيا يمثل خطرا على تونس. ونحن منشغلون لما آلت إليه الأوضاع هناك لأنه بيدو أنها لا تسير نحو الإنفراج. أيضا نحن نشهد تداعيات وضع إقليمي برمته وتونس تأثرت بهذا الوضع. نحن نعرف أن مجلس النواب الليبي تم الهجوم عليه ومنعه من العمل من طرف المجموعات الإرهابية.

- وكيف تقيمون أداء حكومة مهدي جمعة من حيث نسبة نجاحها في تفعيل تعهداتها الأمنية وخصوصا من حيث تأمين العملية الانتخابية وإحباط عدة مخططات إرهابية تستهدف إفشال المسار الانتقالي؟

إجمالا هي نجحت في المهام الموكولة لها والتزمت الحياد تجاه عديد الأطراف. كما قامت بتنفيذ جزء مهم من بنود خارطة الطريق، حتى وإن لم تلتزم بكل الملفات. لكنها  نجحت في  تأمين تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية في ظروف طيبة.

- وبالنسبة لتعهدها  بكشف الحقيقة في ملف الاغتيالات السياسية؟

حكومة مهدي جمعة تعهدت بكشف الحقيقة في ملف الاغتيالات السياسية حسب البيان الذي تلاه رئيس الحكومة. ولكن نحن نعرف أن هذا الملف شائك وليس سهلا ويتطلب مجهودا كبيرا. ولعل أحد العناصر الأولى لفك لغز هذا الملف هو إجراء تغييرات عميقة بوزارة الداخلية.

- ماهي خارطة تموقع الجبهة وبرامجها في المرحلة المقبلة؟

الجبهة الشعبية ستتموقع في المرحلة القادمة باعتبارها كتلة نيابية تعمل على سن القوانين الضرورية لإقامة المؤسسات الدائمة والديمقراطية التي تحفظ الطابع المدني للدولة وتكرس أسس النظام الجمهوري.، هذا من ناحية. أما من ناحية أخرى ستكون الجبهة الشعبية خير مدافع وخير ممثل لمصالح الفئات الشعبية المفقرة والمضطهدة.