في ظل التطورات السياسية التي تشهدها ليبيا والتي تشير إلى قرب التوصل إلى تسوية تنهي الانقسام العاصف بالبلاد منذ سنوات،يواصل تيار الإسلام السياسي مناوراته لإحباط الاتفاق الذي جرى بين رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، والقائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، على إنهاء المرحلة الانتقالية وإجراء الانتخابات قبل نهاية العام.

إلى ذلك،جدّد خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، الثلاثاء،دعواته لتأجيل الانتخابات الرئاسية المرجح عقدها بالبلاد، مفضلًا الاكتفاء بالانتخابات التشريعية فقط.وعبّر المشري، القيادي المستقيل من جماعة الإخوان بليبيا، مطلع العام الجاري، خلال كلمة في ندوة الملتقى الوطني التي أقيمت بالعاصمة طرابلس،الثلاثاء، عن تخوفاته مما أسماه "غموضًا" يكتنف الملتقى الوطني، المنظم بمعرفة الأمم المتحدة في ليبيا، منتصف الشهر الجاري، ويرجح أن يخرج بجدول زمني؛ لإنجاز المرحلة الانتقالية.

وتطمح خارطة الطريق الأممية الخاصة بليبيا إلى عقد مؤتمر وطني جامع وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية العام الجاري، لكن هذه الخطة تواجه الكثير من المقاومة من قبل تيار الإسلام السياسي، الذي يدفع باتجاه التمديد لحالة عدم الاستقرار التي تشهدها ليبيا منذ إندلاع الأزمة فيها في العام 2011.

وطالب المشري، بتأجيل الانتخابات الرئاسية، دون تحديد الأسباب، مشيرًا إلى أنه من الأفضل عقد الانتخابات التشريعية وحسم قضية الدستور الليبي، وهو الموقف نفسه الذي تتبناه جماعة الإخوان في ليبيا وجماعات الإسلام الحركي بشكل عام، خوفًا من الإطاحة بهم من السلطة.

وتابع:"نؤكد رفضنا التام القاطع لأي محاولة استيلاء على السلطة بالقوة، أما توحيد المؤسسات لن يكون إلا بإرجاع السلطات لمصدرها وهو الشعب، إن إجراء انتخابات برلمانية بالوقت الحالي على الأقل وتهيئة الظروف لها من السبل الممكن أن تؤدي إلى "حلول".حسب قوله.

من جهة أخرى،شدد المشري خلال لقاء جمعه برئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، والوفد المرافق له، بالعاصمة طرابلس،الثلاثاء، على ضرورةإجراء استفتاء شعبي على مشروع الدستور الدائم لليبيا، قبل الذهاب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية في بلاده.

وقال بيان لمجلس الدولة الليبي (هيئة نيابية استشارية)، إن "المشري، تناول مع الوفد الأفريقي، أهمية منح الشعب الليبي حقه في إجراء الاستفتاء على الدستور، ليقول كلمته، ومن ثم الانتقال إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية لترسيخ حكم ديمقراطيً مدني".

وتتمسك جماعة "الإخوان" بإجراء الاستفتاء على الدستور الليبي أولاً،وسبق أن طالب رئيس مجلس الدولة الاستشاري خالد مشري،رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج، بتخصيص ميزانية لمفوضية الانتخابات الليبية لإجراء الاستفتاء على الدستور، في إشارة منه إلى أن هذا الأمر كان يجب أن يتم عوضاً عن صرف ميزانية للانتخابات الليبية، الأمر الذي أثار علامات استفهام في الشارع الليبي.

ويخشى إخوان ليبيا والتيار الإسلامي عموما الانتخابات وخاصة الانتخابات الرئاسية، وهو ما تعكسه محاولاتهم المستمرة لتأجيلها من خلال المطالبة بإجرائها وفقا للدستور الذي يتطلب صدوره وقتا طويلا.

ويرى مراقبون أن إصرار أنصار التيار الإسلامي في ليبيا على فكرة الاستفتاء على الدستور أولاً، نابع أساسا من إدراكهم بأن الانتخابات لن تحقق لهم لهم أي نجاح يذكر كما حدث معهم فى الانتخابات السابقة مايدفعهم الى التمسك بالاتفاق السياسي والمكاسب المحققة لهم من خلاله الى أطول أجل ممكن.

وفي وقت سابق، قال المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطنى الليبى العميد أحمد المسمارى، أن المعرقل السياسي في ليبيا هم حلفاء قطر من الجماعة الليبية المقاتلة والإخوان الذين يطالبون بعدم إجراء الانتخابات إلا بعد الاستفتاء على الدستور، لأنه يخدم مصالحهم بالمماطلة وضمان استمرار وجودهم على سدة الحكم.

وتأتي هذه التطورات في أعقاب ظهور بوادر انفراجة للأزمة الليبية،حيث إعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش،مؤخرا،أن "ثمة مؤشرات على أن حفتر وفائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في طرابلس، قد يتوصلان لأول مرة إلى حل الخلاف بشأن السيطرة على الجيش وسط جهود للتغلب على الصراع المستمر منذ ثماني سنوات في البلاد.

وكانت البعثة الأممية في ليبيا قد أعلنت عن اتفاق جمع بين القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، في العاصمة الإماراتية أبوظبي في 27 فبراير/شباط الماضي؛ حيث اتفق الطرفان على إنهاء المرحلة الانتقالية في ليبيا، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.

ومن المقرر أن تستضيف مدينة غدامس الليبية الملتقى الوطني الجامع، برعاية البعثة الأممية، في 14 و16 أبريل/نيسان المقبل، لبحث سبل إنهاء حالة الجمود السياسي التي تشهدها ليبيا منذ سنوات عبر الاتفاق على موعد لإجراء الانتخابات في البلاد بهدف انهاء الفوضى وتحقيق الأمن والاستقرار.

وأعلنت السبت الماضي، اللجنة الرباعية حول ليبيا التي انعقدت في تونس،الإعداد لمؤتمر وطني بين الفرقاء الليبيين بعد أسبوعين في مدينة غدامس الليبية.وأعلن المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، عقب اجتماع اللجنة أن الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي أجمعت على تبني توصيات ملتقى غدامس.

ويتعرض "المؤتمر الوطني الليبي" الذي تسعى الأمم المتحدة إلى عقده على أمل الوصول إلى مصالحة شاملة واتفاق بشأن المسائل الأساسية حول المستقبل السياسي في ليبيا،إلى حملة تشكيك من "إخوان ليبيا"، في خطوة يعتبرها متابعون للشأن الليبي محاولة لإجهاض هذا الملتقى والحيلولة دون انعقاده.

وكان مفتي إسلاميي ليبيا المعزول الصادق الغرياني،اعتبر،في يناير الماضي، أن المؤتمر الليبي الجامع المرتقب برعاية أممية "سيقود البلاد إلى المجهول"، كما شكك في نوايا البعثة الأممية وقال "إنها تختبر الناس وتجس نبضهم وتدفعهم إلى المجهول للوصول إلى مرحلة انتقالية جديدة".على حد قوله.

وفي الوقت الذي يبحث فيه المجتمع الدولي والأمم المتحدة عن حل سياسي لإخراج لليبيا من الفوضى وتوحيد البلد المقسّم ووقف الصراع،يتحرك تيار الاسلام السياسي لاجهاض التوافق واستمرار الفوضى،حيث يندلع القتال بين الحين والآخر بين الميليشيات المسلحة  التي تضمّ عناصر ذات توجه إسلامي،في العاصمة طرابلس وهي المواجهات التي تدعمها ويستغلها تيار الإسلام السياسي لعرقلة أي تسوية سياسية قد تقود إلى الانتخابات.